إلى العلماء ........ وإلى العامة (3)

من هم المسؤولون ؟

 

بتلك الإلمامة السريعة في المنشور السابق عرفنا أصناف من يسأل: أين هم العلماء ؟

 فمن هم المسؤولون ؟

إنهم علماء الأمة ووراث الأنبياء. 

ويأتي هنا السؤال: 

هل كل من يوصف بأنه من العلماء هو كذلك حقيقة ؟

 الجواب: بالتأكيد لا ، لكن كثيراً من أفراد الشعوب لا يعلم تلك الحقيقة.

في الساحة يوجد:

- أصحاب المناصب الدينية الرسمية، الذين يسميهم الإعلام الحكومي (رجال الدين)، ولهم في الثقافة الإسلامية تسمية متميزة (علماء السلاطين).

- أئمة وخطباء المساجد.

- مدرسو المواد الشرعية في المعاهد والمدارس والكليات والجامعات.

- المفكرون والباحثون والمؤلفون للكتب الإسلامية.

- الدعاة الجماهيريون ويمثلهم الآن شيوخ الفضائيات.

وكل صنف من هؤلاء الأصناف يوجد فيه مستويات علمية عليا ودنيا ووسطى، فيوجد فيهم العالم المتمكن ويوجد فيهم الدعي المتطفل، لكن التمحيص في ذلك والتمييز بين المستويات تعجز عنه أفهام كثير من الجماهير التي لا يستجيب أكثرها للعلماء في مواعظهم عن أوضح الأمور الدينية من الحلال والحرام !!! لكنهم يطالبونهم أن يكونوا ساسة وقواد جيوش ومعارك ؟! لا يطيعونهم فيما يحسنون ثم يحملونهم مسؤولية مالا يحسنون ولا يتقنون !!.

 

أما علماء السلطان: فإن عامة الشعب تنظر إليهم نظرة الريبة والسخط (عدا من كان يدور في فلك الأنظمة الحاكمة) ولا يعول أحد عليهم شيئاً، حتى الذين يحترمونهم ممن يؤيدون الأنظمة الحاكمة، لا يرون في العلماء أولئك سوى قوى مؤيدة لنظام الحكم تعمل بأمر الحاكم ولا يعمل الحاكم بأمرها. إلا بعضاً من الناس الذين يصدق فيهم قول الشاعر: فصادف قلباً خالياً فتمكنا ...تمكن حب بعض الشيوخ في قلوبهم فآثروا الشيخ على الدين، وآثروا فلاناً وفلاناً على الإسلام جهلاً أو هوى .

وأما أئمة المساجد وخطباؤها، فهم الذين تحلم الاتجاهات المتدينة في الشعوب أن تراها في مقدمة كل حدث، وأن تسمع صوتها في كل ناد، وأن تتحمل كل مسؤولية.

وأما مدرسو المواد الشرعية على اختلاف مستوياتها حتى كبار الجامعيين منهم، فكثير من العامة يجهلهم أو لا يعرف قدرهم، ما لم تكن لأحدهم مشاركة في إمامة أو خطابة أو تدريس عام.

وقل مثل ذلك في المفكرين والمؤلفين والباحثين لا تعرفهم وقدرهم إلا النخب، وربما جهلت النخب قدر بعضهم أيضاً، وإذا وافق ذلك مسحة تواضع عند بعضهم فربما تكلم بحضرته أحد من لا يبلغون أن يكونوا من تلاميذ تلاميذه يناقشه مناقشة الند للند !.

وأما الدعاة وشيوخ الفضائيات فهم مالؤوا الدنيا وشاغلوا الناس [ويلتحق بهم أصحاب مقاطع الفيديو]، وهم الأداة الفاعلة في الجماهير الآن، وواحد من مبتدئي أولئك قد يفوق في شهرته عالماً محققاً مصنفاً مجتهداً. وكثير من أولئك لم يصر له ذلك الرصيد الجماهيري المحلي أو العالمي إلا بعد أن أطل على الناس من الشاشات! 

فإذا قالت العامة الآن: أين العلماء ؟ فإنهم يقصدون أئمة المساجد والخطباء وشيوخ الفضائيات، لأن العامة لا تأبه بغير المشاهير لا يأبهون بالعلماء المحققين ممّن يتخرج العلماء على يديه أو يصنف الكتب القيمة والأبحاث الرصينة.

 

فماذا يريد العامة وأشباههم من العلماء ؟

 

[أرجو قراءة المنشورين السابقين الأولى  والثانية والمنشورات الآتية]

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين