من أدب القصة في القرآن الكريم (5)
 
 
(1)
 
للكون ظاهر وباطن ، أو مادة وروح ، وللإنسان ظاهر وباطن ، أو مادة وروح .
وذلك هو التقويم الحق الذي فطر الله الناس عليه ، وكرمهم به؛ إذ جعل فيه خصائص المعرفة، وبصائر التمييز بين القيم ،ومرونة التقبل لأسباب الترقي الحسي والمعنوي ، فكان أحسن تقويم يمد الإنسان بأصدق عزائم الرشد ، ليحقق له ما يشاء الله له من مثل الحق والخير ، ويتبؤء ما يؤهله له ذلك من منازل الكرامة والفضل ، وعلى ذلك أقسم سبحانه بقوله :[لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ] {التِّين:4} .
 
 وقصة آدم عليه السلام إذ  تحدثنا عن الملائكة.. وإبليس الذي كان من الجن ففسق عن أمر ربه ، وإذ تحدثنا عن الطين الذي خلقت منه بشرية آدم عليه السلام ، وعن الروح الذي نفخه الله سبحانه فيه، إنما تقرر لنا الحق من فطرة الكون وفطرة الإنسان، وإذ كان هذا هو الحق، فسعادة الإنسان أو بعبارة أدق: طمأنينته هي أن يحيا في ظاهر نفسه وباطنها على التقويم الذي برأه الله تعالى عليه ، وأن يحيا مع الكون في مادته الظاهرة، وفيما وراء المادة من آفاق روحية باطنة ، ونحسب صادقين بل موقنين مؤمنين أنه لا سعادة للإنسان مالم يكتشف آفاق نفسه الباطنة، فيهاجر إليها حيث خصائص الفضل ومواهب المعرفة وطاقات القوة والخير .... وما لم يكتشف تبعاً لذلك أو مع ذلك ما في آيات الله في الكون من حقائق العلم القدسي ومعالم الجمال والزينة... وإلى ذلك دعانا القرآن ودعانا إليه قصصه الحق .
الحلقة االسابقة هـــنا
 
 
*   *   *


جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين