المشروع الإيراني الصفوي في المنطقة العربية (4)

سادسًا: المشروع الإيراني في سورية

يُعد الوصول إلى مياه المتوسط حلمًا تاريخيًّا كبيرًا يشغل القيادة الإيرانية منذ عصور، ولم يتبدل هذا الهدف حتى في ظل حكم الولي الفقيه الإيراني، ولتحقيق هذا الحلم ابتدعت إيران وسائل استراتيجية خطيرة، فلم يتوقف المشروع الإيراني في سورية على التدخل العسكري ضد الثورة السورية دعمًا لنظام الأسد بل امتد الأمر إلى التغلغل الإيراني في مؤسسات الدولة والجيش والمخابرات والسيطرة على الاقتصاد، هذا إضافة إلى مشاريع ثقافية وفتح مراكز التشييع في بعض المحافظات السورية، وقد بلغ حجم ما ضخته إيران في سورية من أموال في سبيل مشروعها 40 مليار دولار تقريبًا.

يؤكد قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري أن :"هناك نحو 200 ألف مقاتل يرتبطون بالحرس الثوري في عدة دول بالمنطقة منها سورية"؛ وذلك للتعبير عن خطة لتعزيز الوجود الإيراني في مناطق مختلفة من سورية أبرزها منطقة الفرات ومدينة البوكمال ودير الزور شرقًا، وحلب والغوطة الشرقية بدمشق، ومحافظتي درعا والسويداء، وتتضمن خطة الانتشار الإيرانية الجديدة في سورية عدة محاور أبرزها:

1- بسط السيطرة على ميناء اللاذقية، الذي سيشكل مصبًّا للطريق البرية الواصلة بين إيران وسورية عبر العراق.

2- إنشاء وحدة قوات خاصة في الجولان، فتولى "حزب الله" تشكيل نواة تلك القوة وتزويدها بالقدرات اللازمة وامتلاكها أدوات التصعيد والتهدئة مع إسرائيل.

3- بسط السيطرة على مطار دمشق الدولي بحيث تسيطر إيران على أهم منفذ بحري وجوي في سورية.

4- الهيمنة على قاعدة "الناصرية" الجوية الواقعة على مسافة 10 كم إلى الشمال الشرقي من مدينة "جيرود" في منطقة القلمون الشرقي لاستخدامها في أغراض عسكرية سرية تخص صناعة الصواريخ.

5- الاستحواذ على حصة من مـوارد سورية النفطية، فقد أكـد يحيى رحيم صفوي المستشار العسكري لعلي خامنئي أن سورية مستعدة لسداد ديونها لإيران من مواردها النفطية والغازية والفوسفات.

6- نصب منصات صاروخية في المناطق الحدودية بين سورية والعراق، وتحدثت مصادر إيرانية عن تزويد الميلشيات العراقية بقدرات صاروخية لردع الهجمات التي يمكن أن تستهدف مصالحها.

7- السيطرة على المعابر الحدودية بين سورية والـعـراق بنشر ميلشيات الحشد الشعبي عليها.

8- إنشاء ضاحية "شيعية" في دمشق على شاكلة بيروت، وتم الكشف عن شراء الحكومة الإيرانية مساحات كبيرة من الأراضي والمباني حول العاصمة السورية لتنفيذ مشروع إسكان "شيعي" ضخم بات يعرف "بحزام دمشق".

9- تعزيز التبادل التجاري مع سورية، وذلك من خلال إنجاز 18 اتفاقية تعاون ثنائي قيد العمل في مختلف المجالات التجارية، وتتضمن إدراج 88 مجموعة سلعية ضمن قائمة التبادل التجاري بين إيران وحكومة النظام وتصفير التسعيرة التجارية بين سورية وإيران(1).

10- تغيير الهوية الثقافية للمجتمع السوري من خلال فتح عشرات مراكز التشييع وشراء ولاءات زعماء العشائر وبعض الوجوه الاجتماعية، ولتحقيق ذلك بدأت إيران توظف المقامات الشيعية في سورية كمقام عمار بن ياسر والسيدة سكينة ومشهد الحسين...، ومؤسسات التعليم الثانوي والعالي الشيعي الشرعي، والحسينيات، والحوزات العلمية المنتشرة حديثًا في سورية، وكذلك الجمعيات الخيرية والهيئات الشيعية(2).

العدد السادس من مجلة ( مقاربات) التي يصدرها المجلس الإسلامي السوري 

الحلقة الثالثة هنا

(1) التقرير الاستراتيجي السوري، العدد رقم 66 – الصادر في 21 مارس 2019، شؤون أمنية.

(2) موقع جيرون https://geiroon.net/archives/117632

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين