فقهُ الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ (4)

مسؤولية الجماعة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 

جاءت الآيات مصرحة بالدور الجماعي لهذا الواجب الشرعي كقوله تعالى: {ولتكن منكم أمةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} [سورة آل عمران: 104]، ويتأكد هذا الواجب الجماعي في زمان ضيعة الدين وعدم قيام الجهات الرسمية بهذا الواجب، بل في بعض البلاد على العكس تمامًا نجد هذه الجهات هي التي تأمر بالمنكر وتشجع عليه وتروج له، وينشأ من ذلك ضعف الأفراد وعجزهم عن القيام ببعض صور هذا الواجب، لا سيما في مثل هذه المنكرات التي انتشرت وتدعمها جهات متنفذة أو رسمية، فعندها تكون الجماعة أقدر على القيام بهذا الواجب من الفرد، لكن بشروط ذكرها أهل العلم، منها:

1- التزامها الكامل بشروط القيام بهذا الواجب مما جاء في شرط العلم، كأن يكون هذا المنكر مما أجمع على إنكاره وليس من مسائل الاجتهاد المختلف فيها.

2- أن تكون هذه المجموعة موالية لجماعة المسلمين وإمامهم إن كان لهم إمام وجماعة.

3- ألا تشق عصا الطاعة ولا تخلع يدًا من طاعة، إن كان هذا المنكر لا يصل إلى أن يكون كفرًا بواحًا لا يقبل تأويلًا ولا تسويغًا، فليس ثمة ولاية خاصة تقدم على ولاية عامة.

4- ألا تقدم مصلحة أفرادها على مصلحة المسلمين العامة، بل يكون هدفها مصلحة المسلمين العامة.

5- ألا يكون في أهدافها دعوة أو نصرة لعصبية.

وعلى هذا إذا كان المنكر لا يزال إلا باجتماع مجموعة تتعاون على إزالته؛ وجب اجتماعهم بقصد إزالته، على قاعدة (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)، وإذا كان بالإمكان إزالة المنكر دون ذلك - ومبنى ذلك على الظن وغلبته أو على اليقين - يصبح هذا التجمع مندوبًا ومستحبًا، ويأتي الاستحباب لأن هذا الاجتماع من قبيل التعاون على البر والتقوى ما لم يؤد إلى محظور، فعند ذلك تدخل المسألة في فقه الموازنات بين المصالح والمفاسد.

المصدر : العدد الرابع من مجلة مقاربات التي يصدرها المجلس الإسلامي السوري 

تنظر الحلقة الثالثة هنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين