حوار مع اللاقرآنيين ( 4 -8)

هذا بحث نافع كتبه الأستاذ البحاثة بلال فيصل البحر في الرد على القرآنيين، ونشره باسم :" الفَنْقَلةُ مع اللاقرآنيين". والفنقلة – كما هو معلوم - محاورة الخصم بأسلوب فإن قالوا قلنا. وهذه الحلقة الرابعة.

فإن قالوا: نحن نقصد اتباع القرآن مباشرة دون وسائط مذاهب العلماء التي كما يزعم زاعمهم أنـها متأثرة بالظروف السياسية والتاريخية.

فيُقال: خبّرونا عن هذا الأخذ المباشر من القران: أيكون بأصول وقواعد أم لا؟ 

فإن قالوا: من غير أصول وقواعد، فلا كلام معهم، لأن هذا من جنس اللعب.

وإن قالوا: بأصول وقواعد، قيل لهم: فهذه الأصول والقواعد، أهي أساليب مخترعة جديدة لكم، أم هي أساليب الأئمة المجتهدين.؟ 

فإن قالوا: هي أساليب مخترعة جديدة،

قيل لهم: أظهروها لنا ما هي؟ فإنـهم لن يقدروا على ذلك، لأن أساليب الاجتهاد قد استوعبت بعد زمان ابن جرير الطبري، كما قاله العلامة ابن الـمُنيّر والسيوطي وغيرهما.

وإن قالوا: هي أساليب المجتهدين عينها،

قيل لهم: فأنتم مقلدون في الأصول، فيلزمكم التقليد في فروعها ولا بد، إذ الفرع تابع لأصله.! 

فعادت المسألة خلافية بينكم وبين الأئمة المجتهدين، ومن الأحمق قليل الدين والورع الذي يدع تقليد فروع من استخرج الأصول وابتكرها، وله أصحاب من فحول النُّظّار قد تـعاهدوا فروعه بالتنقيح والتصحيح والترجيح، ويتقلّد فروعَ من يُقلّد في الأصول غيره، وهل هذا إلا كمن يسأل إلسا وهي تطبخ، عن النسبية وآينشاين قاعد.!

وهذا على التنزل أن هؤلاء اللامذهبيين اللاقرآنيين يقتدرون على انتزاع المعاني من النصوص على وفق أصول الأئمة، فكيف وأمثلهم طريقة عاجزٌ عن استشراحها.!؟

والأمر كما قال الإمام المجتهد تقي الدين ابن دقيق العيد:

يقولون هذا عندنا غير جائز.....ومن أنتمُ حتى يكون لكم عِنْدُ

وقولهم: إن مذاهب السلف تأثرت بوقائع سياسية وتاريخية، مع كونـه خلاف الرأي الأحزم، فهو شنشنة نعرفها من أخزم، فإن هذه المذاهب متلقاة عن السلف الذين شهدوا التنزيل، فمذهب مالك نقاوة مذاهب أهل الحجاز الذين تلقوا أصول العلم عن التابعين عن الصحابة بالحرمين، ومذهب أبي حنيفة هو خلاصة مذاهب التابعين بالعراق الذين تلقوا أصول العلم عن الصحابة بالبصرتين، ولم تتأثر بالسياسة بل أثَّرت فيها وعملت على إيجاد حلول شرعية لها، فهذه المقالة تنادي على اللاقرآنيين بفرط الجهالة بتاريخ الفقه ونشأة المذاهب.!

وأيضا فنفس مقالتكم هذه في السنة متأثرة بظروف تاريخية وهي الهجمة الشرسة للمستشرقين والعلمانيين على السنة، فإنكم هجمتم على رد السنن لعجز أفهامكم عن رد هجوم وطعن العلمانيين والمستشرقين فيها، وهو من الجهل بالأصول وقواعد المعقول.

الحلقة الثالثة هنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين