أبرز مثارات الغلو في فكرنا الإسلامي (6-7)

5.غياب التعامل مع العام والخاص والمطلق والمقيد عند البعض:

الأمثلة على ذلك كثيرة، منها ما رواه البخاري ((لا يَزْنِي العَبْدُ - وفي رواية الزاني - حينَ يَزْني وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ حينَ يَسْرِقُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ حينَ يَشْرَبُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَقْتُلُ وَهْوَ مُؤمِنٌ)) (1) ، وحديث مسلم ((إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)) (2).

بناء على مثل هذه الظواهر كفَّر الخوارج مرتكب الكبيرة، وأدْخله المعتزلة في المنزلة بين المنزلتين، ولو دُرست هذه الأحاديث في ضوء أصول الفقه والنصوص الأخرى، ولاسيما قول الله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [سورة النساء: آية 48] لما وُجِد هذا الغلو، يقول الشيخ محمد الطاهر بن عاشور عن الخوارج: (عمدوا إلى آيات الوعيد النازلة في المشركين فوضعوها على المسلمين فجاؤوا ببدعة القول بالتكفير بالذنب) (3) ، وقد تعرّضتُ لهذه المسألة في البحث السابق المنشور في العدد الثاني من مجلة مقاربات تحت عنوان "أثر أصول الفقه في الاعتدال الفكري".

المصدر : العدد الرابع من مجلة مقاربات التي يصدرها المجلس الإسلامي السوري 

تنظر الحلقة الخامسة هنا 

(1) مختصر صحيح الإمام البخاري، كتاب الفرائض، باب تَوْبَةِ السَّارِقِ، رقم: 2578، مكتَبة المعارف للنَّشْر والتوزيع، الرياض، الطبعة: الأولى، 1422 هـ - 2002م.

(2) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، رقم: 134. تح: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي - بيروت.

(3) التحرير والتنوير ـ الطبعة التونسية: ج1، ص50

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين