دفاع عن الصحابة رضي الله عنهم (4-5)هل ذكر البخاري الصحابي هند بن أبي هالة في الضعفاء ؟

 

تعلق بعض أتباع عداب تقليداً لشقشقاته في الطعن على الصحابة والمحاماة عن عداب بكلام تلقفوه منه، ومنه أن البخاري ذكر هند بن أبي هالة في (الضعفاء).!

فيقال له ولهم: البخاري لم يجزم بضعفه، وإنما أورده فيه وقال: (هند بن أبي هالة: وكان وصَّافا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، روى عنه الحسن بن علي، ويتكلمون في إسناد حديثه) ومراده يتكلمون في الأسانيد إليه هل تصح أم لا، وليس مراده أنـهم يتكلمون فيه.

ولهذا قال ابن أبي حاتم: (روى عنه قوم مجهولون فما ذنب هند بن أبي هالة أدخله البخاري في كتاب الضعفاء فسمعت أبي يقول يحول من هناك). 

ولم يرد البخاري أنه ضعيف بل أراد ما تقدم، بدليل أن العقيلي ساق حديثه في وصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأعله بيزيد بن عمر التميمي وأنه لا يتابع على إسناده، فهذا مراد البخاري، لأن يزيد التميمي رواه عن أبيه عن الحسن بن علي قال: سألتُ خالي هند بن أبي هالة، وخالفه أبو غسان فرواه عن أبي جميع قال: سألت هند بن أبي هالة، ورجح العقيلي هذا الوجه في إسناده وهو معلول كما قال البخاري.

ويقويه أن المعلمي نقل من نسخة في (الضعفاء) للبخاري أنه قال: (لم يصح حديثه) فبطل كلام العدابيين، وقد قال المعلمي: (هذا اصطلاح البخاري يذكر في الضعفاء من ليس له إلا حديث واحد لا يصح، على معنى أن الرواية عنه ضعيفة، ولا مشاحَّة في الاصطلاح).

وعلى التنزل أن البخاري ضعفه فأين التضعيف لأنه لم يضبط الحديث ويحفظه ممن يطعن في عدالة الصحابة ويقطع بأن أكثرهم في النار، فهذا من تمويه أصحاب عداب ومحاولتهم البائسة في الاعتذار عنه.

وقد خفي مسلك البخاري هذا في (ضعفائه) على الشيخ المحدث طارق عوض الله، فذكر في درس (ألفية السيوطي) أن كتاب (الضعفاء) المطبوع للبخاري غلط، وإنما هو كتاب (تاريخه الصغير) واحتجَّ بأن البخاري ذكر فيه بعض الصحابة، وهل يضعّف البخاريُّ الصحابة بالجهالة؟! وكلامه غلط ظاهر لما مر تحقيقه في اصطلاح الجهالة عند البخاري، ولقول أبي حاتم وولده الذي مرَّ ذكره. 

وها هنا أصل عند العلماء وهو أن الصحابة لا يسوغ الكلام فيهم إلا بقدر ما يتعلق بالرواية وصيانة الحديث من الغلط، لأن الله عدلهم بنفسه وزكاهم رسوله فلا قول لأحد، وقد قال الله: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}.

الحلقة الثالثة هنا

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين