هل الشرعيون من أسباب انتشار ظاهرة الإلحاد والردة في الأمة؟ (5)

حوار مع عدد من الشرعيين

كتب أحد الأساتذة الشرعيين هذه الكلمة :

قال مُحدِّثي: هناك ظاهرة ردة وإلحاد في الدول الإسلامية.

قلت له: نحن الشرعيون سببها الرئيس، لو كنا قدوة وتخلّقنا كما أمرنا الله، وبلّغنا الدِّين بثقافة هذا الزمان بعد أن ندرك واقع الناس وظرف الأمة.. لما حصل ما حصل.

وقد نشرنا في الحلقات الأربع السابقة بعض التعقيبات، ونتابع نشر تتمة التعقيبات:

قال الأستاذ محمد زهير ناعورة : 

قرأت وتابعت بعض التعليقات والاعتراضات على تسمية الشرعيين وأتفهم معنى الكلمة تماما والمقصود بها المتصدرين من الدعاة غثهم وثمينهم

وأقول: إننا كطلبة علم إن لم نعترف بتقصيرنا تجاه دعوتنا وديننا فلسنا طلاب علم ولا نستحق أن نحمل أعباء الدعوة ونصرة الدين

نعم هناك تقصير كبير في مواجهة الإلحاد في الدول الإسلامية وأسبابه كثيرة يطول شرحها في عجالة بل تحتاج إلى بحوث ودراسات ومعرفة العلل والبحث عن الدواء.

وباعتقادي أن من أهم أسباب انتشار الإلحاد هو إرهاب الدول والأنظمة في بلداننا الإسلامية والذي تمارسه على الشعب بالترغيب والترهيب واتخاذها من علماء السلطان مشرعون ومؤيِّدون لسياسة في محاربة الدين ودعاة الحق. 

إضافة الى ابتعاد أصحاب الدعوة عن النطق بكلمة الحق أمام سلطان جائر جعل من العامة يتخذون موقفا سلبيا من الدعاة بشكل عام وهو ما أدى بالبعض لتبني الفكر المنحرف الذي تزرعه تلك الحكومات والذي يؤدي إلى الانحراف في الدين ثم الإلحاد. 

لن نختلف على المسمى ولكن يجب أن نتفق على تقصيرنا وضعفنا في مواجهة مستقبل الأمة وانتشار الإلحاد والفكر الهدام في دولنا ومجتمعاتنا.

وأجاب الأخ محمد علي النجار : 

هذا الكلام لا يعدو أن يكون هروبا إلى الأمام للفرار من تحمل المسؤولية... وقد جرت عادة المثقفين الإسلاميين والعلمانيين اليوم على تحميل العلماء مسؤولية ما يحدث من تخلف حضاري أو من إلحاد...

وهذه إحدى أكبر الجهالات التي تنهك الأمة... ومن يقولها لا يعدو أن يكون إنسانا محبطا مريضا يريد أن يحمل مسؤولية ما يراه من تخلف لجهة ما... أو شخص حاقد...

والحقيقة أن الحياة تكتمل عبر ثلاثة محاور:

الأول: السياسي وتدخل فيه تفرعات منها الأمور العسكرية والدولية والحروب.

الثاني: الاقتصادي ويكفينا لنعرف أثره في تفتيت المجتمعات أو الأخذ بيدها إلى الكفر قول سيدنا عمر رضي الله عنه: (لو كان الفقر رجلا لقتلته) أو أثر (كاد الفقر أن يكون كفرا) وله شواهد من السنة... 

فالاضطراب الاقتصادي له أثر أكبر بكثير من العلماء في تدمير الأمة وردة الشباب.

الثالث: المحور الاجتماعي: وفيه عدة مسائل أساسية: المسائل الأخلاقية، وأثر النظام الحاكم على المجتمع، وأثر العولمة، وأثر التلفاز وخاصة الفضائيات الدينية المتضاربة، وأثر الجماعات المتطرفة الذي يروج لها العالم كله... وبعد ذلك يأتي تأثير العلماء على المجتمع... ونضيف إلى ذلك الوضع الحضاري للأمة كلها...

فمن يتجاوز كل أنواع الخلل في المجتمع ولا يلاحظها في محاورها الثلاثة ثم يحمِّل المسؤولية للمشايخ فقط أو لأساتذة الجامعات فقط أو لعمال النظافة أو للوالدين فقط؛ فهذا لا يعدو أن يكون مريضا نفسيا مليء بالجهل... أو حاقدا على حملة الدين ورجاله..

وللواقع: رجال الدين جزء من الأمة يمرضون بمرضها ويصحُّون بصحتها، وبما أن الأمة مريضة فرجال الدين يحملون نفس المرض الذي تحمله كل مكوِّنات الأمة وهم يحتاجون إلى إصلاح، وليس أقل مما يحتاجه هذا الكاتب الذي عمي عن كل شيء وحاول تحميل المسؤولية لقسم من الأمة ليبقي نفسه بريئًا بل يزيد على ذلك بأن يأخذ دور الحكيم والناصح وليس هو منهما في شيء...

واعذرني على قسوة الكلام شيخي الكريم، لكن الأمر خطير والطعن في حملة الدين أصبح مرضا اجتماعيا لدى المثقفين ويجب أن تتكاتف الجهود لتوعية الناس بمفهوم الحياة وتحميل كل قسم من الناس مسؤولياتهم بدل أن يلقوا باللائمة هنا وهناك وينظِّروا على الناس ويزيدوا في تجهيلها.

الحلقة الرابعة هـــنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين