مؤسسات الجهاد والدعوة في الدولة الإسلامية (3)

أكتفي بهذا القدر بالنسبة لمؤسسات الجهاد وأنتقل بعد ذلك إلى الحديث عن مؤسسات الدعوة في كلمات قليلة، لأن مفهوم الدعوة لا يحتاج إلى كثير من التفصيل، ولكن الربط بين المفهومين هو الذي يدعونا إلى ذلك.

[مؤسسات الدعوة في الدولة الإسلامية]

الدعوة هي إحدى الوظائف العقيدية الأساسية للدولة الإسلامية، أو إذا استخدمنا المصطلح الغربي: (إحدى الوظائف الإيديولوجية للدولة الإسلامية) من الواضح أن الدول الشيوعية كان لها إيديولوجية، وكذلك الدول الغربية لها إيديولوجية يمكن بلورتها في حرية السوق من الناحية الاقتصادية، وفي دولة الرفاهية من الناحية الاجتماعية، وفي الديمقراطية من الناحية السياسية، وفي العلمانية من ناحية التعليم والفصل بين الدولة والدين، ثم في حقوق الإنسان. 

في مواجهة هذه الإيديولوجية الدولة الإسلامية لها وظائف عقيدية، ومن ضمن هذه الوظائف أو من أهمها القيام بواجب الدعوة الإسلامية لتبلغها إلى العام كله باعتبار أن الإسلام رسالة عالمية. وحتى لا ندخل في التفاصيل فإن المستجدات في هذا الموضوع تتمثل:

[الضمانات القانونية لحرية الفكر والعقيدة والعبادة]

أولاً: في الضمانات القانونية سواء داخل الدول أو من المواثيق الدولية والتي تغطي حرية الفكر والعقيدة والتعبير والعبادة، والاجتماع وتكوين الجمعيات وحرية الانتقال وغير ذلك من الحقوق التي تعتبر معلماً رئيسياً يجب أن ندخله في الاعتبار عند التفكير في قيام الدولة الإسلامية بواجب الدعوة على مستوى العالم، فهذه الضمانات مكفولة وليس لنا عذر في عدم استخدامها.

[استخدام الوسائل الحديثة في الدعوة]

معلم آخر هو تقدم الوسائل التقنية الحديثة ومداها في التبليغ الذي بدأ يشمل مئات الملايين والتي أصبحت معها الدعوة يمكن أن تبلغ إلى أي مكان دون حاجة إلى انتقال الأشخاص، وبالتالي لا عذر لنا في الوقوف عن القيام بهذا الواجب.

[مخاطبة الناس على قدر عقولهم، والشعور بمشاكلهم]

معلم آخر في الموضوع يتعلق بتبليغ الدعوة وهو أنه يجب أن يكون واضحاً لنا أن المضمون الذي ستحمله وسائل الإعلام يجب أن يتحدد في ضوء أن نخاطب الناس على قدر عقولهم، أي أن نعرض عليهم الإسلام من منطلق المشاكل التي يشعرون بها، بدءاً من شعورهم بالخواء الفكري والعقيدي إلى المشاكل الأخلاقية والأسرية إلى المشاكل الأخرى الاقتصادية والاجتماعية ومشاكل البيئة وغير ذلك من المشاكل التي لا مجال لتعدادها ها هنا والتي للإسلام رأي واضح فيها، ويجب أن يتم طرح هذا الرأي بأسلوب يتصل بعقول وأفئدة غير المسلمين طالما أننا نعالج مشاكلهم المعاصرة.

وأختتم ببيان بعض الخطوات العملية التي أراها في هذا المجال:

أولاً: إقامة مؤسسات حكومية شعبية، أي تجمع بين العنصر الحكومي والعنصر الشعبي في كل دولة والتنسيق بين هذه المؤسسات على المستوى العربي والإسلامي والعالمي. 

ثم في كليات الشريعة يجب إنشاء تخصص إعلام ودعوة إسلامية وكذلك تخصص شريعة أو أصول دين أو كليهما مع لغة أجنبية بحيث تحتل اللغة الأجنبية جانباً مهمّاً من الدراسة حتى نستطيع أن نكوِّن دعاة يستطيعون أن يقوموا بمهمة التبليغ بمختلف لغات العالم. 

وأنا أظن أن مجالات العمل واحتياج المجتمع المحلي والمجتمع العالمي على اتساعه يتسع للمئات من خريجي هذين التخصصين، سواء في وسائل الإعلام المختلفة أو كملحقين بالسفارات الإسلامية في الدول المختلفة، خاصَّة في الدول غير الإسلامية. 

أكتفي بهذا القدر وأرجو ألا أكون قد أطلت... والسلام عليكم ورحمة الله.

المصدر: مجلة المسلم المعاصر، شوال – ذو القعدة – ذو الحجة 1423 - العدد 107

تتمة الندوة في الحلقة القادمة وهي الحلقة الأخيرة من الندوة، وسوف تتناول المداخلات والتعقيبات. 

الحلقة السابقة هــــنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين