كنّا عايشين.. بل كنّا أذلاّء!

يقول فريق من الناس: كنّا عايشين! ويقول فريق آخر: كنّا أذلاّء! فأيّ الفريقين أصدق؟ وبأيّ النظرتين يأخذ الناس، الذين تنطبق عليهم النظرتان؟

قال شاعر قديم:

جانبِ السلطانَ، واحذَر بطشَه=لاتُعاند مَن إذا قالَ فَعلْ

وقال شاعر قديم أيضاً:

غيرَ أنّ الفتى يلاقي المَنايا=كالحاتٍ، ولا يلاقي الهَوانا!

مَن قال كنّا عايشين: صادق في كلامه، ومِن وجهة نظره، التي ينظر فيها إلى الأمور! لكنه لا يقول: كيف كان يعيش؟ بل يتناسى، عامداً، الطريقة التي كان يعيش فيها!

ومن قال: كنّا أذلاّء، لم يتحدّث عن الذلّ الذي كان يعانيه، والأساليب التي كان يُذَلّ فيها، من: اعتقال له، أو لأفراد أسرته.. ومن تشرّد في أنحاء الدنيا، خوفاً من الجلاّدين، الذين يقتحمون البيوت، ليلاً أو نهاراً!

مَن قال: كنّا عايشين.. نظر إلى الطعام والشراب، والجلوس في البيت، دون: اعتقال، أو سجن، أو تشرّد، أو محاصرة.. ودون النظر إلى طريقة حصوله، على طعامه وشرابه.. ودون النظر إلى الغلاء، الذي يعاني منه، وتعاني منه أسرته، التي تعيش على الكفاف.. ودون النظر إلى مايتمتّع به لصوص الحكم، من خيرات البلاد، التي ينهبونها، ويستأثرون لأنفسهم، وأهليهم ومحاسيبهم.. بكلّ مافيها من ثروات، ويقطعون كلّ يد تمتدّ قبل أيديهم، إلى أيّ شيء ذي قيمة، على أرض الوطن!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين