حوار مع الأمين العام لرابطة العلماء السوريين

   ( هذا حوار قديم أجراه الأمين العام السابق لرابطة العلماء السوريين الأستاذ محمد فاروق البطل مع مجلة إيلاف يبين فيه موقف الرابطة المبكر من أحداث الثورة السورية وقد تم نشر هذا الحوار بتاريخ 1/11/2012
وتم إعادة التنسيق والنشر مرة أخرى بتاريخ 28/محرم/1438 الموافق 8/10/2018)

أفتى محمد فاروق البطل، أمين عام رابطة العلماء السوريين ، بحرمة بقاء الأفراد والضباط في صفوف الجيش السوري النظامي، ودعاهم للالتحاق بالجيش الحر والثوار، كي لا يدافعوا عن الظالم ويعاونوه في عدوانه على الآمنين. وقال إن السوريين لا يقاتلون ضد الأسد وحده، بل ضد المشروع الصفوي الشيعي المزهو بهيمنته على عاصمتي السنة، دمشق وبغداد.

 التزمت رابطة العلماء السوريين جانب الثورة السورية والثوار على نظام الرئيس بشار الأسد، حتى أفتى أمينها العام، الدكتور محمد فاروق البطل، بحرمة بقاء الأفراد والضباط في صفوف الجيش السوري النظامي، ووجوب الالتحاق بالجيش السوري الحر "لأن بقاءهم دفاع عن نظام غير شرعي أصلًا، ونصرة لراية جاهلية، وموالاة لأعداء الله والدين والوطن، وإعانة للظالم على المظلوم، وتعاون على الإثم والعدوان، ومشاركة في قتل أهلنا وأبنائنا وأقربائنا ومجاهدينا الأبطال".

 ويقول البطل إن ما يجري في سوريا اليوم فتنة، داعيًا الناس إلى الجهاد، مستدركًا أن الثورة ليست فقط "ضد نظام مستبد استأثر بالسلطة والثروة، وإنما لكسر المشروع الصفوي الشيعي الباطني في المنطقة، الذي يريد مدَّ نفوذه على بلاد السنة"، مؤكدًا أن الصفويين يشعرون بنشوة انتصارهم التاريخي بالهيمنة على عاصمتي الخلافة السنيَّة، بغداد عاصمة العباسيين ودمشق عاصمة الأمويين.
  
 إلتقت "إيلاف" الدكتور محمد فاروق البطل، أمين عام رابطة العلماء السوريين، فكان الحوار الآتي:
  
دعوتم في آخر فتاويكم جنود الجيش السوري وضباطه إلى الالتحاق بصفوف الثورة، وحرمتم بقاءهم فيه، ما هو المستند الشرعي والمعطيات التي استندتم إليها في هذه الفتوى؟ 
 
لقد ذكرنا في بياننا الأخير المستند الشرعي في حرمة البقاء في الجيش السوري، وأنه يعتمد على عدة أدلة ذكرناها في بياننا باختصار، فقلنا إن بقاء الأفراد في هذا الجيش هو دفاع عن نظام غير شرعي أصلًا، ونصرة لراية جاهلية، وموالاة لأعداء الله والدين والوطن، وإعانة للظالم على المظلوم، وتعاون على الإثم والعدوان، ومشاركة في قتل أهلنا وأبنائنا وأقربائنا ومجاهدينا الأبطال، الذين يُضحُّون بأرواحهم لإنقاذ البلد من ظلم الظالمين.
ولا يخفى مصير من يقتل مؤمنًا متعمدًا فهو في نار جهنم خالدًا فيها. وبناءً عليه، يحرم على كل ضابط أو مجنَّد، مهما كانت رتبته، البقاء في هذا الجيش بلا عذر شرعي. وأحلنا في آخر البيان إلى رسالة تفصيلية ذكرنا فيها المستند الشرعي الواضح والمعطيات في تقرير هذه الفتوى، وأحيلك إلى رابط الرسالة التفصيلية على الموقع"
كما أحيلك إلى جواب سؤال وردنا حول هذا الموضوع في حكم البقاء في الجيش السوري الأسدي، أجابت عليه لجنة الفتوى في الرابطة على الموقع، ورابطه أيضاً "
 
 
 ما يجري فتنة
 
 
هل تعتقدون أن على الشعب السوري الانخراط في النفير العام بالمعنى الشرعي؟ 
 
نعم، هذا ما أفتت به الرابطة في قولها: "ما جرى ويجري في سوريا فتنة قام بها النظام خلال خمسين سنة، يفتن أجيال المسلمين عن دينهم بأفكار البعث، ويضطهد شباب ورجال ونساء المسلمين بشتى أنواع الأذى والقمع للمتدينين خاصة والمجتمع كافة، والفتنة في الدين أشد من القتل، وقد جمع النظام بينهما".
 
أما اليوم، فما يقوم به النظام من سفك لدماء الأبرياء، وانتهاك للأعراض والحرمات بتدمير المساجد وقصف المآذن، وإكراه على الكفر وتدمير المدن والقرى على رؤوس الأبرياء المدنيين....الخ، كل ذلك يوجب على المسلمين رفع هذه الفتنة عنهم، ودفع هؤلاء الباطنيين الكفرة الفجرة بكل ما يتوافر من سلاح.
 
ما دور علماء الدين في هذه الظروف التي تمر بها سوريا؟ 
دورهم أن يكونوا في طليعة المجاهدين، كلٌّ حسب طاقته وموقعه وتخصُّصه، فالناس لهم تبع، وموقف العلماء الواضح يشد أزر المجاهدين ويرفع معنوياتهم، والمجاهدون بحاجة الى ضبط إيقاع الثورة ضبطًا شرعيًا كي لا تنفلت الأمور ويرتكب بعض المجاهدين مخالفات بسبب حماستهم أو جهلهم بأحكام فقه الجهاد، فضلًا عن التوجيه العام بإصدار البيانات التنويرية، وكذلك تقريب وجهات النظر بين الاتجاهات والجماعات الاسلامية في سوريا. كل ذلك لتوحيد الرؤى حول أهداف الثورة وغاياتها، ومنعًا للخلاف المسلح وفوضى السلاح لا قدر الله. وكذلك من أعمال العلماء حوار بعض العلماء وطلاب العلم الذين ما زالوا مترددين أو ضالين عن سواء السبيل.
 الممالئون درجات
 كيف تنظرون إلى ممالأة بعض العلماء للنظام السوري؟ 
 لا يعذر أحد بجهله، ومن كانت موالاته للنظام بالقول فقط، فهؤلاء على درجات. فمنهم الإعلامي والشيخ الضال الذي يؤيد النظام ويعضده ويدافع عنه ويعادي الثوار، ويشنع عليهم في وسائل الاعلام بلا خوف ولا إكراه من النظام، فهذا على خطر في عقيدته، يوالي الكافرين على المؤمنين وينصر الباطنيين على المسلمين، والظالمين على المظلومين، وهذا النوع من الولاء الذي يعني النصرة قد يصل بصاحبه الى الكفر والعياذ بالله. قال الله تعالى (ومن يتولهم منكم فإنه منهم)، أي من جملتهم، وحكمه حكمهم. وقال سبحانه وتعالى (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه والى الله المصير). فهذا الصنف الموالي بالقول يعاقب بالهجر والتنفير منه، وبالعقوبات التعزيرية التي يقررها أهل العلم في حينه، كلٌّ حسب موالاته وجرمه. وقد ترقى عقوبة بعضهم الى إقامة حد الحرابة عليهم إذا عظم ضررهم وإفسادهم وأذاهم للمسلمين. 
 ومن كانت موالاته للباطنيين في دينهم وعقيدتهم فهو كافر مثلهم، وتقدر عقوبته بحسب جرمه من أهل العلم، ولكن قبل القدرة عليه يهجر ويقاطع، فإذا مات لا يُصلى عليه. 
 أما من يوالي من العامة، فهذا يناقش ويصبر عليه لعله يرجع عن موالاته ويفيء الى الحق. فإذا مات يصلى عليه. ومن كانت موالاته بالفعل، فتختلف عقوبته حسب نوع موالاته. إن كانت في العقيدة أو المال أو التشبيح أو التجسس أو القتل أو أي نوع من الإعانة بنصر هؤلاء المجرمين، فكل ذلك له عقوبات مادية وجسدية يقدِّرها أهل العلم والقيادة للثوار كلٌّ بحسب جرمه. والله أعلم. 
 هل أضحى الوضع في سوريا أقرب إلى حكم دفع الصائل في الشريعة الإسلامية، حيث يباح للمرء حمل السلاح والدفاع عن نفسه في مواجهة أي خطر خارجي يتهدده مباشرة؟ 
 نعم... الوضع الآن يأخذ أيضًا هذا الحكم من باب أولى، لحماية النفس والأهل والعرض والدين. لكن يجب الانتباه الى أن قتال هذا النظام المجرم أصبح واجبًا على الجميع، كلٌّ حسب ظروفه وطاقته، صال على البيوت أو لم يصل. وبناء عليه، يختلف هذا الحكم عن حكم دفع الصائل، من حيث إنه لا يجب الدفع في الفتنة، وأن الصائل يدفع بأسهل ما يمكن الدفع به، فإن أمكن دفعه بيده لم يجز ضربه بالعصا، وإن اندفع بالعصا لم يجز ضربه بحديدة... الخ. 
 
لكسر المشروع الصفوي
 ما النداء الذي توجهونه إلى الشعب السوري بكافة شرائحه وأطيافه وتياراته؟ 
 نداؤنا للشعب السوري الشجاع أن لا يدع هذه الفرصة من أيام الله تضيع، وهي الجهاد للتخلص من هذا النظام المجرم الطائفي الحاقد، وإقامة دولة الحرية والعدل والسلم الاجتماعي. وليعلموا أن ثورتهم ليست فقط ضد نظام مستبد استأثر بالسلطة والثروة، وإنما لكسر المشروع الصفوي الشيعي الباطني في المنطقة، الذي يريد مدَّ نفوذه على بلاد السنة. فهم يشعرون بنشوة انتصار تاريخي بالهيمنة على عاصمتي الخلافة السنيَّة، بغداد عاصمة العباسيين ودمشق عاصمة الأمويين، وهم يستحضرون في صراعهم دائمًا التاريخ بهذه الطقوس الدموية في التطبير وصياحهم (يا لثارات الحسين). وهم في قتالهم لنا لا يرقبون فينا إلًا ولا ذمَّة. لذلك، على السوريين ودول وشعوب المحيط إدراك طبيعة الصراع في هذه الأيام التاريخية وخطورته، والتعاون لردِّ هذا العدوان الباطني المجرم بكل الوسائل دون الالتفات الى الوراء قبل أن يبتلع هؤلاء الأوغاد سوريا كما يظنون أنهم ابتلعوا بغداد، والله غالب على أمره، والحمد لله على كل حال، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وسلم تسليمًا كثيرًا.
 نبذة عن رابطة العلماء السوريين
 رابطة العلماء السوريين هيئة إسلامية علمية دعوية مستقلة، ذات شخصية اعتبارية، تعمل على الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وعلى نصرة الإسلام، كما تسعى لجمع كلمة العلماء في سوريا ليكونوا مرجعية للمسلمين فيها.
 وهي إحدى منظمات المجتمع المدني السوري، مستقلة إداريًا وتنظيميًا وسياسيًا وإعلاميًا عن أي حزب أو جماعة أو هيئة. تأسست في العام2006 لتضطلع بالعديد من المهام الدعوية والإغاثية. وقد أثارت فتواها حول حرمة بقاء الجنود في الجيش النظامي وضرورة التحاقهم بالجيش الحر ضجة كبيرة، بوصفها فتوى صادرة عن هيئة علمية لها وزنها واحترامها في الوسط السوري.
 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين