بين البدائل الصعبة : البحث عن أفضلها ، مهمّةُ أصحاب الحكمة !

بين البدائل البشرية ، ثمّة بديل أفضل ، من غيره ، دائماً ، أو أقلّ سوءاً ، أو أخفّ ضرراً ، أو أهونَ ، على النفوس ، مرارة !

وردَ ، في سنّة رسول الله ، أنّه : ماخُيّر بين أمرين ، إلاّ اختارَ أيسرَهما ، مالمْ يكن إثماً !

لكنّ بدائل الحياة ، لاتكون ، دائماً : بين يسير وأيسر ..أو: بين هيّن وأهون ..أو: بين ممكن وأكثر إمكانية .. أو: بين مُجدٍ وأكثر جدوى ! فقد يجد المرء نفسَه ، بين بديلين صعبين ، وعليه أن يختار أقلّهما صعوبة ، وقد يكون الأقلّ صعوبة ، أشدّ خطراً ، وهكذا !

أبو فراس الحمداني ، الشاعر الفارس ، وجد نفسه ، بين أمرين صعبين ، فبحث عن بديل ثالث ، كما قال هو، عن نفسه ، في أحدى قصائده :

وقالَ أصيحابيْ : الفرار، أو الردى = فقلت : هما أمران ، أحلاهما مُرُّ

ولكنّني أمضي ، لِما لا يَعيبُنى = وحَسبُك مِن أمرين ، خيرُهما الأسرُ

فقد وَجد مرارة الأسر ، وهو البديل الثالث ، أخفّ ، على نفسه ، من عار الهزيمة ، ومن مرارة القتل !

وقد وَجد المتنبّي ، أنّ مَن ليس لديه ، سوى بديل واحد ، هو الموت ، فلديه بديلان ، للتعامل معه ، هما : الموت المشرّف ، أوالموت مع الجبن ، فقال :

وإذا لمْ يكنْ ، من الموت ، بدّ = فمِن العَجز، أن تموتَ جبانا !

أمّا البيت المنسوب ، إلى الكميت بن زيد الأسدي ، الذي يقول فيه :

إذا لمْ يكنْ إلاّ الأسنّةُ مَركباً = فلا رأيَ ، للمضطرّ، إلاّ ركوبُها

أمّا هذا البيت ، فقد حصر فيه الشاعر، البدائل ، كلّها ، في بديل واحد، هو : ركوب الأسنّة، أيْ : الحرب .. وحصر بدائل التعامل ، مع الأسنّة ، في بديل واحد ، هو: ركوب هذه الأسنّة، أيْ : الحرب ! وهذا البديل ، قد افترضه الشاعر، افتراضاً ، وعلى ضوء افتراضه ، يكون البديل الواحد ، هذا ، صحيحاً !

وهكذا ينظر الناس ، في بدائلهم ، وفي طرائق التعامل معها ، كلٌّ حسبَ : طبيعته ، وظروفه، وبدائله .. وطريقة تفكيره ، التي قد يراها بعضهم صواباً ، ويراها آخرون : عجزاً ، أومجازفة ، أو قلّة حيلة ، أو حكمة .. أو غير ذلك !

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين