العشرة المبشَّرون بالجنَّة (3)

 

طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه:

كان رضي الله عنه من السابقين للإسلام، والباذلين الأسخياء في سبيل الله تعالى، وتدعيم دعوته ولفرط سخائه وإحسانه، لقَّبه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، طلحة الخير، وفي غزوة العُسرة: طلحة الفيَّاض، ويوم حنين: طلحة الجود.

وقد حضر المشاهد كلَّها، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا غزوة بدر، حيث كان في مهمة عسكرية ندبه إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك أسهم له وأشركه في الأجر، كمن شهد بدراً.

ويوم أحد لما أراد المشركون أن يقضوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوته، تجلَّت قوة إيمان طلحة وشجاعته وصبره، ووفاؤه لقائده، فأخذ يذبُّ عن النبي صلى الله عليه وسلم بإحدى يديه، ويقاتل أعداءه بالأخرى، وكان يوم أحدٍ يسمَّى يوم طلحة، لوفرة ما تعرض له من الأذى، وما أظهر من بطولات حتى روي أنَّ فيه نحو سبعين طعنة وضربة ورمية.

وكان رضي الله عنه أحد الستة الذي جعل عمر رضي الله عنه فيهم الشورى، وقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم مات وهو عنهم راضٍ. 

وقد روى الترمذي عن جابر رضي الله عنهما أنه صلى قال: (من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله).

وعن طلحة بن مصرف أنَّ علياً انتهى إلى طلحة بن عُبيد الله، وقد مات، فنزل عن دابته وأجلسه فجعل يمسح الغبار عن وجهه ولحيته، ويترحَّم عليه ويبكي، ويقول: ليتني متُّ قبلَ هذا اليوم بعشرين سنة. 

وروى الشيخان عن أبي عثمان قال: لم يبقَ مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض تلك الأيام التي قاتل فيهنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم غير طلحة وسعد فرضي الله عنهم جميعاً.

الزبير بن العوام رضي الله عنه:

كان رضي الله عنه من السابقين للإسلام والمهاجرين الأولين، فقد أعلن إسلامه وهو ابن ثمان سنين، وهاجر رضي الله عنه وهو ابن ثمان عشرة سنة، وحاول عمه أن يثنيه عن إسلامه، وكان يعلقه في حصير، ويدخل عليه بالنار، ويقول له: ارجع فيقول الزبير رضي الله عنه: لا أكفر أبداً، ولما رأى عمه إصراره على الإسلام تركه وشأنه.

وقال عمرُ رضي الله عنه: والله لو عهدت عهداً أو تركت تركة لكان أحب إلي أن أجعلها إلى الزبير بن العوام، فإنَّه ركن من أركان الدين.

له رضي الله عنه مواقف مشهورة في بدر وأحد والأحزاب وحنين وغيرها، مما أحله هذه المكانة الرفيعة بين أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم. 

وأخرج الترمذي أن علياً رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني يقول: (طلحة والزبير جاراي في الجنة).

وسئل ابن عباس عن طلحة والزبير رضي الله عنهم: فقال كانا والله مسلمين مؤمنين بارين تقيين خَيِّرَيْن فاضلين طاهرين.

الحلقة السابقة هــــنا

[للمقالة تتمة]

المصدر: (مجلة الوعي الإسلامي)، السنة الرابعة عشرة، رمضان 1398 - العدد 165.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين