العزّة والذلّة.. بين الكثرة والقلّة!

قال السَموأل:

تعيّرنا أنا قليلٌ عديدنا=فقلتُ لها: إن الكرام قليلُ

وما ضرّنا أنّا قليلٌ، وجارُنا=عزيزٌ، وجارُ الأكثرين ذليلُ

فهل ثمّة ارتباط، بين العزّة والكثرة.. وبين الذلّة والقلّة؟

أحياناً يكون ثمّة ارتباط بين العزّة والكثرة، وأحياناً لايكون، حسب الظروف والأحوال!

قال تعالى: (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلّة..).. والذلّة هنا، هي قلّة العدد، قياساً إلى القوّة التي كانت للمشركين!

وقال تعالى: (لقد نصركم الله في مواطنَ كثيرة ويومَ حُنين إذ أعجبتكم كثرتُكم فلم تغنِ عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحُبت ثمّ ولّيتم مدبرين).

ذلك أن أحد الصحابة، نظر في جيش المسلمين، فرآه كبيراً، فقال: لن نُغلب، اليوم، من قلّة! والمسلمون يسمعون، فلم يصوّب له أحد رأيه، بالقول: إن النصر من عند الله، لا يكون بقلّة ولا كثرة! وحين صحا المسلمون من صدمة المفاجأة، وعادوا إلى الحرب، نصرهم الله نصراً مؤزّراً؛ ذلك أن النبيّ ومعه قلّة من المؤمنين، ثبتوا في القتال، وأمرَ النبيّ عمّه العباس، بأن ينادي الناس بقبائلهم وصفاتهم! فانتبه المسلمون إلى مايجري حولهم، ورجعوا إلى محاربة عدوّهم، الذي فقد أثر المفاجأة، فصار رجاله مجرّد رجال عاديين، يواجهون مؤمنين وهَبوا حياتهم لله، وتسارعوا إلى نصرة نبيّهم، الذي يفدونه بأعزّ ما يملكون!

وقد انتصر المسلمون في معارك كثيرة، يكون عددهم فيها، أقلّ من عدد أعدائهم بكثير!

ولقد جاء في الحديث الشريف:

قال رسول الله: يوشك الأمم أن تَداعى عليكم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها! فقال قائل: ومِن قلّة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل! ولينزعنّ الله من صدور عدوّكم المهابة منكم، وليقذفنّ في قلوبكم الوهن! فقال قائل: يارسول الله، وما الوهن؟ قال: حبّ الدنيا وكراهية الموت!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين