أيّهما أخبَث خيانة الظالم أم ظلمُ الخائن..وكلٌّ منهما خيانة وظلم؟

أنْ يَظلم الخائنُ شعبَه ، فليس مستغرباً ، بل هو أمر طبيعي جدّاً ؛ فالخيانة ، ذاتها ، ظلم ، من الطراز البشع ، سواء أكانت : خيانة دين ، أم خيانة وطن ، أم خيانة شعب ، أم خيانة عهد ، أم خيانة أمانة فردية !

أمّا أن يخون الظالمُ ؛ ظالمُ شعبِه ، أوظالمُ أهلِه .. فيجمع الخيانة إلى الظلم ، فهذه كارثة مركّبة، يستجير، من شرّها ، عقلاءُ البَشر، جميعاً !

فهل الخونة ، الذين يظلمون شعوبهم ، في بلادنا ، هم خونة ، في الأصل .. أم كانوا أمناء، وخانوا : اجتهاداً ، وسياسة ، وحرصاً على كراسيّهم ؟

وهل الظلمة ، الذين يخونون شعوبهم وأوطانهم ، هم ظلمة ، في الأصل ، أم وجدوا الظلم أمراً لامفرّ منه ، لأسباب سياسية ، أو اجتماعية ، أو اقتصادية ..؟ أم هم وجدوا أبواب الظلم مفتوحة، أمامهم ، فحقّقوا في أنفسهم ، قول المتنبّي : والظلمُ مِن شيَم النفوس ، فإن تَجد = ذاعفّة ، فلِعلّةٍ لايَظلم ؟ أم هم وجدوا ، في الظلم ، إغراءات لاتقاوم ، كإغراءات الخيانة ؟ أم أمَرهم أسيادهم، الذين يتحكّمون بهم ، وبقراراتهم ، وبأوطانهم ، وشعوبهم .. عبْرهم ، بان يمارسوا ، على شعوبهم ، أنواعاً من الظلم البشع ، تنسيهم الخيانة ، وتجعل شعوبهم ترضى بخيانتهم ، إذا خفّفوا من ظلمهم ؟

إن الظلم متعدّد الصوَر، متنوّع الأشكال .. كما أن الخيانة ، متعدّدة الصوَر، متنوّعة الأشكال !

وإنّ حالات الخونة ، مع الظلم .. وحالات الظلمة ، مع الخيانة .. مختلفة الأصناف ، تحكمها عوامل شتّى !

لكن ، يمكن القول : إن بعض الظلمة ، يأنفون الخيانة العظمى ، دون أن ينتبهوا ، إلى أن الظلم خيانة ، من نوع ما !

كما أن بعض الخونة ، ينفرون من الظلم ، أو من بعض أشكاله ، برغم أن الخيانة ، ذاتها ، ظلم بشع !

ولو نظر عاقل ، إلى أصناف الظلمة ، وأصناف الخونة ، لوجد مايلي :

خائناً جمع الظلم إلى الخيانة ، وظالماً جمع الخيانة إلى الظلم !

خائناً يَنفر من الظلم، ولا يمارسه إلاّ مضطرّاً.. وظالماً يأبى الخيانة، ولا يمارسها إلاّ مضطرّاً!

وليست المشكلة ، عند هؤلاء الخونة والظلمة ؛ ففي كلّ شعب ، من شعوب الأرض ، توجد الخيانة والخونة ، ويوجد الظلم والظلمة ! المشكلة هي ، عند الشعوب ، التي تمارَس عليها الخيانة ، وحدَها ، أو يمارَس عليها الظلم ، وحده .. أو يمارَس عليها الأمران ، معاً ! كيف تتعامل هذه الشعوب ، مع هذه الحالات، مجمتعة : الخيانة والظلم.. ومع كلّ حالة، على انفراد! تلك هي المسألة ، وذلك هو الداء الوبيل ، الذي تتخبّط شعوب كثيرة ، في ويلاته ، دون معرفة الكيفية المناسبة ، للتخلّص من هذه الويلات !

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين