ترجمة الشيخ الدكتور محمود أحمد الطحان حفظه الله ورعاه

بقلم: فياض العبسو

 

هو فضيلة الشيخ العلامة المحدث الفقيه الدكتور أبو حفص محمود بن أحمد الطحان الحلبي النعيمي ، ويرجع نسبه إلى آل البيت الطيبين من نسب علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم .
مولده ونشأته:
ولد في قضاء الباب من أعمال حلب ، وذلك في عام 1935 للميلاد ، ثم انتقل إلى منبج ، ثم إلى حلب ، ونشأ في أسرة متدينة ، فوالده الحاج أحمد الطحان ، رجل محب فاضل ، ربى جميع أبنائه على طلب العلم وحب العلماء .
دراسته:
درس الابتدائية: قسما منها في الباب ، وقسما منها في منبج ، ثم دخل الثانوية الشرعية بحلب وتخرج فيها حاملا شهادتها عام 1954 م .
بدأ في حفظ القرآن الكريم ، في مدرسة الحفاظ ، عند الشيخ محمد نجيب خياطة رحمه الله ، ثم أكمل عنده حفظ القرآن الكريم ، خلال دراسته في الثانوية الشرعية بحلب ، فكان يقرأ عليه في جامع الخسروية ، بعد صلاة الفجر ، فأكمل حفظ القرآن الكريم في سنتين .
انتسب إلى كلية الشريعة بجامعة دمشق وذلك في عام 1956 ، وتخرج فيها عام 1960 م ، بعد أربع سنوات من الدراسة فيها بتفوق ، وكان قد تزوج خلال فترة دراسته في الجامعة وقبل تخرجه فيها .
ثم التحق بعد تخرجه في كلية الشريعة ، بالخدمة الإلزامية وتخرج برتبة ضابط احتياط عام 1961 م .
شيوخه:
الشيخ جمعة أبو زلام في منبج .
يقول الدكتور محمود الطحان حفظه الله عن علاقته بمنبج وبالشيخ جمعة أبو زلام رحمه الله ( مفتي منبج ) ، حسبما ذكر لي هو بنفسه: فقال: ( أمضيت ثلاث سنوات في منبج منذ  1946م إلى 1949م ، ثم التحقت بالمدرسة الخسروية بحلب ، وكنت أزور من بقي من أهلي وأقربائي فيها ، وفي تلك السنوات أخذت عن الشيخ جمعة الفقه والنحو وجزءاً من ألفية ابن مالك ، وقد ذكرت الشيخ جمعة في سلسلة مشايخي ، وكتبت ذلك في ترجمتي .
وكان من شيوخه في الثانوية الشرعية نخبة من العلماء الأفاضل ، منهم:
الشيخ عبد الوهاب سكر ، والشيخ محمد أبو الخير زين العابدين ( التوحيد ) ، والشيخ الفقيه محمد الملاح ( علم المصطلح والبلاغة والفقه الحنفي ) ، والشيخ محمد نجيب خياطة ، شيخ القراء بحلب ( تلميذ الشيخ المقرئ أحمد أبو التيج المدني ، مؤسس علم القراءات في حلب ) ، ( التجويد والتلاوة والفرائض ) ، والشيخ الفقيه محمد سلقيني ، والشيخ الفقيه اللغوي محمد أسعد عبجي مفتي حلب ، ( علم العروض ) ، والشيخ الفقيه اللغوي محمد ناجي أبو صالح ، والشيخ اللغوي عبد الله حماد ( علم الصرف ) ، وغيرهم .
ومن شيوخه الشيخ الدكتور محمد محمد أبو زهو رحمه الله ، صاحب ( كتاب الحديث والمحدثون )
والشيخ الدكتور محمد السماحي أحد علماء الحديث الأفاضل رحمه الله ، وله مؤلفات ، وزاره في منزله .
وسألته عن الدكتور محمد محمد أبو شهبة ، عما إذا كان من شيوخه ، فقال: إنه ليس من شيوخي ، ولكنه امتحنني شفويا في الماجستير .
أقرانه:
وكان من أقرانه في الثانوية الشرعية بحلب:
الدكتور عبد الله محمد سلقيني ، والدكتور محب الدين أحمد أبو صالح ، والشيخ عبد الوهاب ريحاوي ، والشيخ نجم الدين زين العابدين رحمه الله ، والشيخ عبد الحميد صلوح الأريحاوي ، وغيرهم .
تلاميذه:
للشيخ تلاميذ كثر في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، وفي كلية الشريعة بجامعة الإمام بالرياض ، وفي كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت ، عدا عن الذين لازموه خارج الجامعة ، وعدا عن أولاده وزوجاته .
ويذكر من تلاميذه على سبيل المثال: الدكتور عبد الرزاق الشايجي عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت سابقا ، والدكتور الداعية محمد العوضي ، والدكتور وليد الطبطبائي ، وفهد الخني ، عضوا مجلس الأمة الكويتي ، والدكتور نهاد عبيد ، درسه في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، وغيرهم كثير .
عمله:
عمل إماما وخطيبا في جامع الزيارة بمنبج ، وفي عدة مساجد بحلب .
ثم عين مدرسا لمادة التربية الإسلامية في القطر السوري ، في الحفة ، واللاذقية ، وفي الثانوية الشرعية بحلب ، وغيرها من الثانويات العامة بحلب ، واستمر على ذلك إلى عام 1965 م .
ثم تعاقد مع الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، ودرّس فيها الحديث النبوي ومصطلحه ، في أثناء دراسته للماجستير وطلبه لدرجة الدكتوراه ، وبقي يدرس فيها لمدة عشر سنوات .
وخلال وجوده في السعودية ، درَس الماجستير عام 1969 م وكانت بحثا ولم تكن رسالة ، ثم حصل على درجة الدكتوراه في الحديث الشريف ، من كلية أصول الدين بجامعة الأزهر ، عام 1971 م ، برسالة عنوانها: " الحافظ الخطيب البغدادي وأثره في علوم الحديث " ، وكان المشرف عليها هو فضيلة الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف رحمه الله ، وبعد وفاته عين مكانه الشيخ محمد الحكيم رحمه الله ، وكان الدكتور محمد السماحي عضوا في المناقشة ... وطُبعت الرسالة على نفقته في العام 1981 للميلاد .
ثم انتقل إلى كلية الشريعة بجامعة الإمام بن سعود الإسلامية بالرياض وبقي فيها مدة سبع سنين ، وألف فيها كتابه الشهير: " تيسير مصطلح الحديث " وذلك في العام 1977 للميلاد ، والذي قرر لطلاب كلية الشريعة بجامعة الإمام بالرياض ، وبعده بسنة أو سنتين ، خرج كتابه الآخر في علم المصطلح ، الذي يحمل اسم: " أصول التخريج ودراسة الأسانيد " ، وهو أول كتاب جامع في التخريج ودراسة الأسانيد ، وكلاهما مقرر في عدد من الجامعات .
ثم انتقل إلى كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت ، عام 1982 ـ 2005 ، بعد افتتاحها هناك ، واستمر فيها أستاذا فيها للحديث الشريف ومصطلحه ، حتى بلوغه السبعين ، ورجوعه إلى بلده حلب الشهباء .
رأس خلال عمله في جامعة الكويت ، قسم التفسير والحديث ، وبرنامج الحديث الشريف لدرجة الماجستير لعدة سنوات ، وأشرف على عدد من الطلاب والطالبات .
درّس كتابه: " تيسير مصطلح الحديث" و " مقدمة ابن الصلاح " طلاب علم خارج الجامعة قبل رحيله عن الكويت ببضع سنين ، ونفع الله بعلمه خلقا ، أبناؤه على رأسهم ، نال اثنان منهم اليوم درجة الماجستير في الحديث النبوي الشريف .
زار مصر للدراسة ، والسعودية للتدريس ، وكذلك الكويت ، كما زار ألمانيا للدعوة ، وأمريكا ، بعثته الجامعة تفرغ علمي ، وبقي فيها مدة سنة ، وزار عددا من ولاياتها وجامعاتها ،  والآن هو مقيم في حلب .
مؤلفاته:
له عدة مؤلفات ، كتب لمعظمها القبول في الأوساط العلمية:
تيسير مصلح الحديث .
أصول تخريج الأحاديث ودراسة الأسانيد .
الخطيب البغدادي .
من للسنة اليوم .
عناية المحدثين بمتن الحديث كعنايتهم بالأسانيد .
حجية السنة ودحض الشبهات التي تثار حولها . بحث .
مفهوم التجديد بين السنة النبوية وأدعياء التجديد . بحث في الرد على الدكتور حسن الترابي .
معجم المصطلحات الحديثية . بحث .
تحقيق الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، للخطيب البغدادي: أحمد بن علي ( ت 463 ) . تحقيق المعجم الأوسط للطبراني ( 11 مجلدا ) طبع دار المعارف بالرياض .
تحقيق كتاب: الحديث على أبواب الفقه ، للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، رحمه الله ، حققه هو والدكتور خليل ملا خاطر ، كل منهما حقق مجلدين .
صفاته:
يتصف بالتواضع الجم ، ودماثة الخلق ، والجرأة في قول الحق ، والبعد عن النفاق والتملق ، وهو معتدل القامة ، أسمر اللون ، ذو لحية بيضاء كثة ، ومنهجه في الدعوة ، البيان والوضوح مع الدعم بالحجة والبرهان . فهو صاحب منهج سليم مستقيم .
والدكتور محمود الطحان ، أحد الأساتذة الأفاضل ، ممن لهم مكانتهم بالجامعات العربية ، وله المصنفات النافعة التي يسرت على طلبة العلم الوقوف على قواعد المصطلح ، وطرق تخريج الأحاديث وأخرج للمكتبة الإسلامية بعض المصنفات القيمة والمهمة .
حج 14 حجة ، واعتمر ( 20 ـ 30 ) عمرة ، ويسأل الله الإخلاص والقبول .
يقطن الشيخ اليوم في حلب ، مع زوجاته الثلاث واثنين من أبنائه هما الأصغران بين إخوتهم ، وقد شارف على الانتهاء من بناء جامع في إحدى قرى حلب الشرقية ، ولكن عُرض عليه أن يدرس في الجامع الأموي الكبير ويخطب فيه ، ولكنه آثر التفرغ في مزرعة له على أطراف حلب ، حفظ الله الشيخ ونفع به .
وينصح طلاب العلم بتقوى الله عز وجل ، والاستمرار في طلب العلم ونشره ، مع الإخلاص في العمل والدعوة .
قلت:
إن كتابه: ( تيسير مصطلح الحديث )
قرر للتدريس في عدد من الجامعات الإسلامية:
كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض ، وكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت ، وكلية الدراسات العربية والإسلامية بدبي ، وغيرها  .
وقد أثنى عليه عدد من العلماء ، ودرسه عدد آخرون  ، وشرحه في دروس صوتية: د. بدران بن محمد العياري .
وسجل صوتيا ... قرأه د. عبد السميع محمد أحمد حسنين .
وطبع عدت طبعات ، طبعته دار المعارف بالرياض ودار التراث بالكويت ، وترجم إلى اللغتين: الإنجليزية والفرنسية  .وهو من أنفع الكتب للمبتدئين لسهولة عبارته ووضوحها ، وقد انتفع به كثير من طلبة العلم فجزى الله مؤلفه خيرا وبارك في حياته وألبسه ثوب العافية  .
وقد حققه وعلق عليه الشيخ علي بن نايف الشحود ( فتح المغيث في التعليق على تيسير مصطلح الحديث ) .
قال مؤلفه:
وبعد: فإن الله تعالى ـ وله الحمد والمنة ـ قد كتب لهذا الكتاب القبول لدى طلبة العلم عامة ، والمشتغلين بالحديث وعلومه خاصة . فقد نفدت منه من حين الطبعة الأولى عام 1397هـ ـ 1977م ، إلى الآن ست طبعات . لذا رأيت طبعه الطبعة السابعة لدى مكتبة المعارف بالرياض
وذكر بأنه أخذ تقسيم الكتاب من كتاب النخبة للحافظ ابن حجر رحمه الله ، والمعلومات من مقدمة ابن الصلاح والتقريب للنووي .
وقال: بأنه قد يكون هناك تشابه بينه وبين كتاب الدكتور محمد السماحي رحمه الله ، في بعض الفقرات ليس إلا ، وكلاهما مطبوع .
المصادر:
هذه المعلومات مستفادة من:
 ـ فضيلة الشيخ الدكتور نفسه بتاريخ 2 جمادى الآخرة 1431 هـ ، الموافق 16 / 5 / 2010 م
ـ الشيخ عبد الباسط الطحان ، شقيق الشيخ ، عام 1998 م .
ـ ولده الشيخ سهيل بن محمود الطحان ، عام 2009 م ،  وغير ذلك .