كلمات في رثاء الشيخ عدنان السقا (5)

كتب الدكتور الشيخ أسامة بن محمد علي مشعل:

إنا لله وإنا إليه راجعون

(إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده لأجل مسمى)

أعظم الله أجرنا وأحسن عزاءنا وغفر لشيخنا فضيلة الشيخ عدنان السقا وعوض علينا وعلى المسلمين جميعا هذا النموذج الفذ القدوة العملية في التحلم والتواضع والتحبب والتسامح والتأدب والرفق والروحانية وعفة اللسان واختيار ألطف العبارات وأرقها في خطابه، فقد كان -رحمه الله - يألف ويؤلف، وداعية للتآلف، آسراً لقلوب سامعيه ومجالسيه، مرشداً ونبراساً في مخاطبة القلوب ومنارة للسالكين.

يتعلم منه من يلتقيه أو يجالسه أو يزوره حسن الاستقبال والترحاب وحسن الإصغاء لجليسه ومحدثه وكأنه طالب يتعلم متوجها إليه بكل جوارحه، ويسأله بأدب جم.

اللهم اغفر لشيخنا وارحمه واجعل مثواه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

رحمك الله يا شيخنا لقد كنت مدرسة دعوية متنقلة...

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يلهمنا جميعا الصبر والسلوان.

وكتب الشيخ بلال الأبرش:

يقول محمود بن الربيع رضي الله عنه: أدركت من رسول الله صلى الله عليه وسلم َمجةً مجّها من فيه وأنا ابن خمس سنين..

يا له من فخر أن مس ريقُ رسولِ الله صلى عليه وسلم جسد محمود بن الربيع..

من فضل الله تعالى عليَّ وبعد ولادتي وبعد مجلس الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم شرفني بدعوة من والدي الكريم حفظه الله تعالى الشيخُ المبارك الأنور عدنانُ السقا فحنكني بريقه العذب الذي لا يزال رطبا بذكر الله تعالى والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم..

لو كانت الأرواح تُفدى لكان خير من يعطاها علماؤنا ... موت العالم ثلمة... موت المحب الصادق مصيبة لأحبابه وراحة له من عناء الدنيا...

كم ردد قصة سيدنا بلال رضي الله عنه غدا نلقى الأحبة محمدا وحزبه…

كم وكم ذرفت عيناه الزرقاوان دموعا شوقا وحبا وهياما…

هو المحب إن ذُكِر الحب… هو الصالح إن ذُكِر الصلاح… هو المتواضع إن ذُكِر التواضع…

لكم كنا نشبهه برقة أبي بكر رضي الله عنه…

لو كانت القلوب تتحدث لقال قلبه: تعالوا فانظروا صفاءه… انظروا بياضه…. بل وجهُه الأنور وعيناه الزرقاوان يُنبيكم عن قلبه الوضيء…

آه على هذه الدنيا كم تؤلم ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا…

اسكبي يا أرض دموعك على فراق الأكارم… واهنئي يا ارض باحتضانهم…

رحمكم الله سيدي وأعلى مقامكم في عليين وأسأل الله تعالى أن يكرمكم بما عشتم حياتكم العامرة لأجله لتدخلوا تحت قوله تعالى :(ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا).

محبكم: بلال الأبرش

وكتب الأخ الشيخ سعد الأبرش

سيدي السقّا:

ليت شعري كيف ستكون ليلتك الأولى بجوار ربك الكريم الذي كنت تحدثنا عن كرمه.

كيف ستكون أول ليلة لك بجوار سيدي أبي أيوب الانصاري الذي استضاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته..

كيف ستكون مع شيخك الشيخ عبد القادر عيسى...

يا آل السقا..:

هنيئا لكم هذا الكرم من الله ...

هنيئا لكم قَبولُ الشيخ عند الله وقبول الشيخ عند الناس..

بكى عليه القريب والبعيد..

بكى عليه الحمصي والدمشقي والحلبي والتركي وغيرهم...

ستبقى يا شيخنا في قلوبنا وقلوب أهلك وأحبابك..

وسأنقل كلاما _ يكتب بماء الذهب _ للشيخ أنس سويد حفظه الله يقول فيه:

سيدي الشيخ عدنان:

ستبقى غضا طريا في قلوب أهلك وأحبابك..

وسنعلم أبناءنا سيرتكم العطرة..

ونحكي لهم عن دمعتكم الرقراقة..

كنت وفيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكم نشرتم حبه وأخلاقه..

وكم شعرنا بصدق انتمائكم إليه وتعلقكم به عليه الصلاة والسلام...

كنت وفيا لعلمائك ومشايخك فكم نثرت على مسامعنا قصصك معهم ومواقفهم الشامخة..

تُشعرنا أنك لا شيء أمام أولئك الأكابر مع أنك قد وصلت إليهم وجمعت ما عندهم فيك..

سيدنا وشيخنا:

أنتم الوفاء لكل من صحبك وأحبك كنت تسأل عن أحبابك أينما كانوا وتطمئن حتى عن الصغير من أبنائنا وتحفظ أسماء من تلتقي بهم بذاكرة قلبكم الصافية التي لا يشوشها شيء من غبار هذه الدنيا..

سيدي الشيخ عدنان:

أنتم الذوق بأسمى معانيه..

ذوق في كلمتك فما عرفناك إلا مختارا لأحسن الكلمتين..

ذوق في ملاحظاتكم فهي دائما تزيد الجمال جمالاً..

ذوق حتى فيمن أحبكم فكل من تحبهم ويحبونك ينعكس عليهم ذوقكم تلقائيا فيقلدونكم وبغير تكلف...

شيخنا وأستاذنا ووالدنا:

علمتنا سعة الصدر، وقبول الآخر، واحتمال الخطأ، والسرعة إلى الحق، والرحمة بالجميع..

سيدي الشيخ عدنان:

طلاب العلم تيتموا من بعدكم.. فما عرفنا مثلكم شيخا وصالا بتلاميذه مشجِّعا لهم على طلب العلم والشهادات.. تسمع من كل خطيب ملخص خطبته وتظهر فرحا صادقا بمعلوماتنا وأسلوبنا الذي استقيناه أصلا من معينكم العذب حتى يخيل إلينا أننا شيوخ عليكم لذوبان ذاتكم في سبيل النهوض بنا وكم كنت تقول نجاح كل واحد من أحبابنا هو نجاحنا فأنتم أنا وأنا أنتم....

وتمزج كل ذلك بتوجيهنا إلى الله فهو المقصود في كل شيء وكنا لا نشعر ثقلا بذلكم التوجيه لأنه من قلب شفوق صادق..

سيدنا وشيخنا:

مواقف الرجولة تعلمناها منك.. وكنا إذا طم الخطب وحمي الوطيس لُذنا إلى شجاعتكم المحاطة بالحكمة..، والعزة والرفعة على كل ظالم..

أخيرا يا شيخنا:

علمتنا وعاهدتنا أن الناجي يأخذ بيد إخوانه يوم القيامة.. وهذا ما نأمله منكم يوم العرض على الرحمن..

أودعناكم عند الله يا شيخنا

أودعناكم وكلنا أمل أن يدهشكم الله بعظيم عطائه وفيوضات رحماته أكثر ممَّا كنتم تظنون من كرمه ورحمته..

:وكتب الأخ الشيخ عمر بن عبد المنعم الأبرش

بسم الله الرحمن الرحيم

نُعزِّي أنفسنا والأمَّة الإسلامية بِفَقد عَلمٍ من علمائها وقامةٍ من قاماتها شيخنا الحبيب عدنان فهمي السقا السوري الحمصي نزيل الحجاز، وإستانبول محل إقامته في آخر حياته العامرة..

نُعزِّي زوجَه السيدة الفاضلة المربية أم فَهمي حفظها الله تعالى وأدام عليها نعمة العافية، نُعزِّي ولده الحبيب المُوفَّق البار الشيخ عبد القادر (أبا أنس) فهو نفحة والده، ودون ذكرنا لمناقب الشيخ- رحمه الله تعالى - والتي يصعب حصرها، حيث إنكم لو بحثتم عنها وتقفّيتم أثرها ستجدونها بولده عبد القادر، حيث العلوّ في الهمّة والرقي في السلوك والتزكية، وهذا حال أحفاده الكرام البرَرَة نقول لهم: أعظم الله أجركم، وأحسن عزاءكم، وغفر لشيخنا، وأَنزَله منازل الأنبياء والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

ما كنت لأسجّل كلمة ً في ديوان المحبين للشيخ رحمه تعالى تعزيةً ، فسيدي الوالد حفظه الله رباني وإخوتي على حب هؤلاء السادة، وسادتي العلماء وطلاب العلم وإخواني قد تفضلوا وتكرموا وجادوا وأفادوا، ولكني أبشركم بأنه ولله الحمد والمنة فالأمة الإسلامية بخير عظيم فها هي تبكي شرقاً وغرباً حزناً لفراق وارثٍ محمدي ، لم تبكه طفرةً أو تَذكّراً ناشئاً فهو الشيخ الوصّال الذي لا يفتر وصله عن إخوانه ومريديه ومن هم محل دعوته، وأيضا يكبُر وصلهم ومجيئهم إليه تواضعاً منه ، ومن توفيق الله تعالى وتأييده للشيخ رحمه الله أننا نجد قربه وقبوله لجميع المشارب ومختلف المدارس الفكرية.

وأخيراً وليس آخراً محبته الصادقة لجميع إخوانه وأحبابه ومريديه أثّر في قلوبهم حتى وصل هذا الحب وخالط كلّ شيءٍ جميلٍ في حياتهم.

نتعاهد بإذن الله تعالى يا شيخنا أن نكون على العهد ما كُتب لنا بقاء في الدنيا وهذه هي ترجمة فقدنا وشوقنا إليك، والملتقى بإذن الله تعالى على الحوض نشرب من يد المصطفى صلى الله عليه وسلم شربة لا نظمأ بعدها أبداً.. والحمد لله رب العالمين

عمر عبد المنعم الأبرش - قطر-13/01/2021م

وكتب الأخ الداعية الأستاذ وليد سفور:

مع الراحل الكبير عدنان السقا رحمه الله

إلى رحمة الله ورضوانه شيخنا الحبيب عدنان السقا، شيخ القلوب

تعرفت على الشيخ عدنان السقا وأنا طفل في العاشرة من عمري 1960. كان خالي يصحبني معه إلى المساجد (جامع القرابيص وجامع التلة حيث نمضي الساعات الطوال في حلق الذكر) وتعضدت المعرفة به في الأول الإعدادي فقد كان مدرسنا للغتين العربية والإنجليزية ثم العربية فقط في ثانوية رفيق رزق سلوم في سنة افتتاح مبناها الجديد على طريق الشام 1963.

واتذكر جيداً أن حسن تعامله مع الطلاب جعلهم جميعاً يذهبون إلى صلاة الظهر بمن فيهم من المسيحيين وأصحاب المذاهب الأخرى. كان تأثير الشاب عدنان الذي لم يتجاوز العشرين سنة يومها سحرياً على الطلاب، وساعد على ذلك، تأمين مدير المدرسة الأستاذ القدير، محمود الطرشة - رحمه الله - المستلزمات فحول صالة المحاضرات مسجداً مما جعل السلطة الحاقدة تنقل المدير وتعيين الطائفي شكري هلال مديراً للمدرسة في العام التالي..

استمرت المعرفة والصحبة والمحبة والتقدير على مدى 60 عاماً في الله ولله

اللهم إني أسألك أن تجزه خير الجزاء وأن تتقبله عندك وأن تعلي مقامه في عليين.

الحلقة الرابعة هــنا