المرحوم الشيخ عبد الغني الدقر

فقدت دمشق منذ ما يقرب من عشرة سنوات علما من أعلامها الكبار، ليس على صعيد سوريا وحدها فحسب، ولا على صعيد العالم العربي فقط. بل على صعيد العالم الإسلامي كله : مفكرا- أديبا لغويا نحويا فقيها مؤرخا محدثا مفسرا للقرآن الكريم. فقد جمع إلى هذا كله بتفوق كاد ينفرد في بعضها على صعيد العالم الإسلامي كله المرحوم العلامة الشيخ عبد الغني الدقر.

 

مولده وأسرته :

ولد المرحوم عام 1916 م لعالم بدأ يذيع صيته في دمشق المرحوم العلامة الشيخ علي الدقر، والذي بدأ نشاطه العلمي والدعوي والوعظي في جامع السادات في سوق مدحت باشا، وكان له التأثير الفاعل والبالغ في جميع المصلين من تجار الأسواق التجارية و الأحياء المجاورة حتى قصده الناس من جميع أنحاء دمشق وكان يغص بهم المسجد في صلاة الفجر لما لمسوه من صدق لهجته وحديثه، فقد أسهم في تخفيف آثار الحرب العالمية الأولى وما صاحبها من ضائقة شديدة وفقدان للمواد الغذائية من خلال دعوته للتعاون والتحابب وتحريم الاحتكار وترسيخ قواعد التعامل بين الناس في جميع علاقاتهم الأسرية والتجارية والدينية والنفسية، حيث كان حديثه يدخل القلوب والنفوس بأسلوب فريد من نوعه، يظن كل مستمع إليه أن الشيخ مكاشفه، وأنه المقصود من هذا الحديث. وسر هذا كله إخلاصه في عطائه

 

نشأته وبدء طلبه للعلم :

توفيت والدته وهو في الثالثة من عمره اثر حمى نفاس أصابتها أثناء ولادتها بشقيقته الصغرى، فنشأ يتيم الأم، وكان لهذه الحادثة الأثر البالغ في نشأته، حيث فقد حنان الأم مبكرا، وكان والده يكرس جل وقته للعمل العام من وعظ وإرشاد وتعليم خصوصا قبيل دخول المستعمر الفرنسي إلى دمشق فأسهم الشيخ علي الدقر والده في تعبئة الشعور الوطني للدفاع والذود عن المدينة فخرج عدد من تلامذته إلى ميسلون مدافعين عن دمشق واثر دخول المستعمر الفرنسي إلى سوريا عام 1920 م بدأ بإرسال البعثات التبشيرية الاستعمارية لتصول وتجول في أرياف القطر، مستغلة جهل الناس وفقرهم، فكان له الفضل والأثر الفاعل في إيقاف هذه الحملات، باستدعاء أعداد كبيرة من أبناء القرى والأرياف في حوران والغوطة ولبنان، وأسس الحلقات العلمية وأمن لهم السكن والطعام والشراب واللباس مع لفيف من رجالات دمشق وتجارها حيث أهلهم ليقفوا أمام هذه الحملات ولتنظيم هذه الحلقات أسس مع هذه المجموعة الجمعية الغراء عام 1924 م، التي حملت لواء الدفاع والذود عن حياض الوطن بأهله ودينه وخلقه وتراثه، ومن هذا كله نلحظ آثار ذلك على هذا الطفل الذي بدأ يشعر بقلة العاطفة والحنان لفقد أمه المبكر حيث تزوج والده وأنجب أطفالا من زوجته الثانية، ورغم تدينها ومهما يكن من اهتمام وحسن رعاية هذه الزوجة لأبناء زوجها فلم يكن بمستوى رعايتها لأبنائها..

كانت طفولته تنم عن شعلة من الذكاء الفريد في نوعه ممزوجا بكثير من الحساسية، حيث يذهب مع أخته الكبرى والتي تكبره بثلاث سنوات إلى الخجا صباح كل يوم حيث يمضي الوقت في تعلم القرآن الكريم وبالطريقة القديمة (( الصبرة )) وأخته هذه لم تكن بالقدر الذي يفنيه عن عاطفة الأم، وان كان يخفف عنه بعض الألم، ثم انتقل إلى مكتب المقرئ المرحوم الشيخ عزو العرقسوسي حيث أتقن عنده قراءة القرآن الكريم..

ثم انتقل إلى المدرسة التجارية والتي أمضى فيها ست سنوات أتم فيها الدراسة التي تؤهله لخوض غمار الحياة وأثناء هذه الفترة ظهرت بعض ملامح نبوغه حيث كان ينظم بعض الزجل الموزون ولم يزد عمره عن سبع سنين حيث يصف حال أخته ابنة العشر سنوات تحمل عبئا يثقل كاهلها في أعمال البيت من كنس ومسح وجلي وغيره دون تقدير لجهودها أو مساعدة أو كلمة عطف وقد أثر هذا الزجل عندما سمعته منه زوجة أبيه والتي شكته لأخيه الأكبر والذي يكبره بعشر سنوات والذي بدوره أوصل شكواها إلى مدير مدرسته الذي أنبه وعاقبه أمام زملائه وهي السنة المتبعة والمعتادة في المدارس في ذلك الزمن فلقي العقوبة بدلا من التوجيه لتنمية هذه الموهبة وصقلها وتوجيهها نحو الأفضل.

بعد أن تخرج من المدرسة التجارية والتي أهلته لأن يدرس فيها بعض الصفوف الدنيا، انتقل إلى حلقات والده ولم يكن قد بلغ الثانية عشر من عمره حيث كانت هذه الحلقات تملأ جامع السادات ومن ثم جامع السنا نية واللذان يغصان بطلبة العلم وبأسنان متفاوتة، فتلقى العلم على أخيه المرحوم الشيخ أحمد الدقر حيث درس عليه شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك في النحو وأقبل على العلم بنهم شديد، وظهر نبوغه المبكر في هذه الحلقات، حيث كان يحضر الدرس قبل مجيئه إلى الحلقة، وكان يكثر السؤال عن بعض النقاط التي تشكل عليه، وقد يظهر في بعض الأحيان اختلاف وجهة نظره عما يسمعه في الدرس وخصوصا في شرح بعض الشواهد وإعرابها فيحرج أستاذه، لقد حفظ في هذه السن المبكرة الأجرومية وقطر الندى في النحو وحفظ شواهدها النحوية واللغوية من آيات كريمة وأحاديث شريفة وأبيات شعرية. درس على والده الفقه الشافعي حيث كان فقيها متمكنا كما درس عليه الحديث النبوي الشريف وتفسير القرآن الكريم.

لمس والده مقدرته وتمكنه في النحو فسلمه بعض الحلقات يدرس فيها الكبار وهو لم يبلغ الحلم بعد. وهو في الوقت نفسه يدرس على بعض تلامذة والده الكبار فنبغ في جميع العلوم، وقد دفعه في كثير من الأحيان عدم ارتوائه من إجابات بعض أساتذته على بعض العبارات في الفقه والتفسير إلى الرجوع إلى كتب اللغة ومن ثم الى كتب الأدب حيث كان يشعر بأنها ضرورية لتحقيق فهم كتاب الله وتفسيره وعلوم الحديث والفقه والأصول

 

تنوع شيوخه وأساتذته:

بعد هذه المرحلة من طلبه العلم عند والده وتلامذته بدأ يبحث عن مراجع الأدب واللغة ومن يتقنونها سواء من تلامذة أبيه كالمرحوم الشيخ حسن حبنكة الميداني حيث قرأ عليه النحو وديوان المتنبي في الشعر أو من نظراء والده كالشيخ أمين سويد حيث درس عليه العلوم العقلية من منطق وحساب وفلك وعلامة الشام المحدث الشيخ بدر الدين الحسني والذي درس عليه بعض العلوم العقلية والتوحيد ومما قرأ عليه كتاب السنوسية الكبرى مع عدد من تلامذة والده الكبار حيث خصهم بهذا الدرس وكان درسه أشبه بمناظرة حيث كان يطلب منهم تفسير بعض العبارات ويستمع إليهم، ومن ثم يميز الرأي السديد أو يصححه إذا لم يظهر على لسان أحدهم، وصال الطلاب مرة وجالوا في شرح عبارة وكان الشيخ يشير بعدم قبولها حيث كان قليل الكلام رحمه الله يتكلم عند الضرورة وبأقل الكلام وأوجزه حتى تكلم الشيخ عبد الغني رحمه الله وهو أصغرهم سنا فأعجب الشيخ بدر الدين من شرحه وتوضيحه فأثنى عليه وقال الصحيح ما قاله الشيخ عبد الغني، فكان الشيخ نايف العباس رحمه الله أحد تلامذة الشيخ علي الدقر رحمه الله كلما رأى الشيخ عبد الغني يقول ((شو هالشهادة ياشيخ عبد الغني )) إعجابا ومحبة.. وحضر عليه دروس الحديث النبوي حيث كان الشيخ بدر الدين يروي الكتب الستة بسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجازه بمروياته ..

كما درس أصول الفقه الحنفي على الشيخ أبو اليسر عابدين كما قرأ حاشية ابن عابدين عليه، وكان الشيخ أبو اليسر إذا أشكل عليه أي كلمة في اللغة يرجع فيها الى قول الشيخ عبد الغني وذلك بعد أن تحقق من صحة شرحه مرات متعددة واعتبره عمدة في اللغة.. كما قرأ الفقه الحنفي على الشيخ عبد الوهاب دبس وزيت كما قرأ عليه ختمة من القرآن الكريم، وقرأ على الشيخ محمود العطار كتاب شرح المفصل لابن يعيش وقرأ عليه تفسير البيضاوي الذي يعنى بالنحو والإعراب..

وكان المرحوم الشيخ عبد الكريم الرفاعي تلميذ والده الوفي والمحب له و لأولاده يزوره في غرفته في جامع العداس قبيل الفجر فيقرأ معه أصول الفقه الشافعي، كما قرأ معه كتاب المحلى في الفقه المقارن لابن حزم الأندلسي رغم أنه كان يتحسس من بعض العبارات القاسية في أسلوب كتابته، تكريما لرغبة الشيخ عبد الغني الذي كان يحب الاطلاع على كل ما يصل إليه من علم. وكان الشيخ عبد الغني رحمه الله يكبر وفاء الشيخ عبد الكريم وتفانيه في محبته له ولوالده ويذكره دائما في إخلاصه وتواضعه ووفائه مدى حياته كلها..

واتجه إلى بعض اللغويين والأدباء في عصره، فدرس كتاب الكامل للمبرد مع الأديب اللغوي عزا لدين التنوخي رحمه الله ثم قرأه ثانية مع المرحوم الشيخ حسن حبنكة الميداني وكان يحفظ هذا الكتاب مع شروحه وشواهده حفظا فريدا من نوعه حيث كان يستشهد بشواهده وأقواله في كثير من المناسبات، وله لقاءات ومدارسات وحوارات مع الشاعر الكبير محمد البزم، وقرأ كتاب الأمالي لأبي علي القالي في الأدب مع الشيخ عبد القادر المغربي والتقى بالأديب الباحث محمد كرد علي والذي أعجب به ودعاه لإلقاء المحاضرات في مجمع اللغة العربية وقام بدراسة الكثير من المخطوطات في المكتبة الظاهرية في الحديث والفقه وقدم الكثير من التحقيقات عنها وعن فهرستها لصالح المجمع كما كتب في مجلة المجمع.. وكان له لقاءات مع المرحوم الشيخ بهجت البيطار والذي كان معجبا به وبذكائه وله معه قصة طريفة، حيث وقف الشيخ بهجت البيطار ليلة عرس الشيخ عبد الغني فألقى كلمة أثنى فيها على هذا الشاب المقبل على الزواج وكان مما قاله مادحا له بأنه ((فتى ولا كالفتيان )) فما أن جلس إلى جانبه بعد كلمته إلا أن همس في أذنه قائلا أتمدحني بهذه العبارة أم تذمني قال بل أمدحك وهنا استحضر الشيخ عبد الغني أحد شواهد كتاب الكامل للمبرد على البداهة ما تقول يا أستاذ بالمثل الوارد فيه ((مرعى ولا كالسعدان)) وهو يريد فيه أنه مرعى لأبأس به لكنه لا يصل إلى جودة مرعى السعدان ونبت السعدان هو الأجود لرعي الإبل فان أردت مدحي تقول ((  فتى دونه الفتيان )) فازداد إعجابا بهذا الشاب الأديب.

 

تعرضه لحسد بعض زملائه :

عودا إلى مرحلة فترة مراهقته، فقد تأثر كثيرا عند زواج أخته الكبرى وهو في الحادية عشر من عمره حيث فقد الأخت الحانية عليه، كما تعرض في كثير من الأحيان لنشوء بعض الحساد من أقرانه حيث يلمسون تفوقه عليهم فيكثرون الشكوى عنه بحجة انصرافه إلى علوم اللغة والأدب على حساب الفقه والتفسير وفوجئ مرة أخوه الأكبر بأنه يقرأ بعض كتب المنفلوطي فأوغروا صدر والده عليه حيث كان الشيخ عبد الغني يعلم في مدارس الجمعية الابتدائية بالإضافة إلى بعض الدروس في حلقات أبيه ومن ثم في معهد العلوم الشرعية حيث طورت الحلقات إلى صفوف نظامية يدرس فيها الطالب مدة ست سنوات عقب المرحلة الابتدائية..

لقد كان من تأثير هذه الشكاوى أن اضطر إلى ترك التدريس الذي كان يتقاضى منه راتبا يسد به احتياجاته من ملبس ومأكل في بعض الأحيان وشراء الكتب التي يرغب باقتنائها وكان رحمه الله عفيف النفس لايقبل أي عطية دون مقابل ولو من أقرب الناس إليه فكان يضطر إلى بيع بعض كتبه التي قرأها على أن يعوضها فيما بعد وكان يخرج في بعض الأحيان إلى البرية أيام الربيع يلتقط بعض الأعشاب الطبية والتي كان يعرفها عن طريق مطالعاته العامة ويبيعها لابن عمه العطار المرحوم الشيخ أبي الخير الدقر لينفق على نفسه وكان له غرفة خاصة في جامع العداس يأوي إليها ليتفرغ للمطالعة والدرس والذي كثيرا ما يعكف فيها على المطالعة والقراءة التي ولع بها..

كانت أخته الكبرى هي السند له عند والده كلما ألمت به مشكلة وعندما علمت بأمره وأنه ترك التدريس ولم يبق له مورد ورأت حالته ذهبت إلى أبيها ترقق قلبه وتشهد أمامه ما تراه من أخيها من عكوفة على دراسة الفقه والتفسير والإجابة على الكثير من الأسئلة والفتاوى الفقهية وأن مايقال عنه ما هو إلا حسد بعض الحاسدين حتى استرضته وقربه إليه ولمس منه اطلاعه الواسع على علوم الشريعة وقال لابنته ((إذا قسيت القلوب فأين المحننين )) لذلك كان قد افتقدها عند زواجها المبكر حيث كانت في الرابعة عشر من عمرها وكان يكن لها المحبة والتقدير مدى حياتها رحمه الله عليها وبعد زواجها شعر بقرب شقيقته الصغرى واهتمامها البالغ بالترويح عن نفسه والتخفيف عنه والاهتمام بخدمته رغم صغر سنها فقد كان يشعر لها بالامتنان حتى آخر عهده ورغم هذا كله فقد كانت علاقته بزوجة أبيه وبأخوته منها على أحسن حال من المودة والمحبة والرعاية  والعطف مدة حياته وحياتهم....

 

التدريس في المعهد الشرعي ومحبة طلابه :

عاد المرحوم للتدريس في المعهد الشرعي وكان الطلبة يحبون درسه ويقبلون عليه بشغف، حيث يدرس علوم العربية من نحو واملاء وبلاغة وانشاء. وكثيرا ما ينصرف بعض الطلبة عن بعض دروس أساتذتهم طمعا في سماع درسه المشوق بلهجته المحببة والقائه المتميز للشعر والنوادر والفوائد الهامة التي يستهوي بها قلوب طلابه.

وكان لإجاباته على أسئلة الطلبة المتنوعة أثناء الفرص في جميع الفنون ما يزيدهم اعجابا به ومطالبة الطلبة أحيانا لإدارة المعهد أن يعهدوا للأستاذ الشيخ عبد الغني بتدريسهم لمادة الفقه لذكره الدائم للدليل عند اجابته على أسئلتهم الفقهية مما أوغر صدر بعض الأساتذة غيرة منه في كثير من الأحيان وحسدا في بعضها الآخر. فكانت الشكايات تتالى عنه، ومن بعض هذه الترهات التي نقلت مشوهة الى أخيه الأكبر ومن ثم الى والده أنه قال مرة لتلامذته في درس الانشاء حيث طالبهم بكتابة موضوع انشائي ((ألا يكتبوا بلغة الفقهاء)) فوصلت أنه يشتم الفقهاء وينقص من قدرهم. مما اضطره الى محنة جديدة، ولم يكن لهذه المحن المتتالية لتجلب له اليأس، بل كانت تحفزه الى المزيد من الدأب في طريقه نحو مزيد من الاطلاع على جميع فنون العلم من أدب ولغة وفهم لكتاب الله واطلاع على المذاهب الفقهية وأدلتها وأصولها، وفي هذه الفترة بدأت تتسع اتصالاته بالمفكرين والأدباء، وكانت له رحلات الى عمان وبيروت حيث يمكث في كل رحلة بضعة أشهر في بعض الاحيان وبدأ يكتب بعض المواضيع الدينية والاجتماعية والأدبية في مجلة الرسالة في مصر وفي الصحف اليومية في دمشق، وتكشفت الأمور بعد ذلك وظهر الحق وعاد الى عمله وبدأت في هذا الوقت تظهر ملامح نبوغه في نظم شعر متين بعد التفاته الى كتب الأدب والشعر العربي الأصيل من جاهلي ومخضرم واسلامي حيث كان يحفظ الكثير منه ويستوعب معانيه ويتلذذ بترديده والاستشهاد به بأسلوب محبب لسامعيه بلغته الفصيحة حيث يخرج كل حرف من مخرجه واضحا جليا.

 

نظمه الشعر :

نظم الشعر في كثير من المناسبات، لكنه لم يحتفظ به، وقد انتحل بعض الناس شعره، حيث لم يكن ينشره في ديوان أو في مجلة أدبية. وهذه نماذج من شعره مع مناسبته، تزوجت شقيقته الصغرى وله من العمر عشرون عاما فضاق بذلك ذرعا لأنه فقد الأخت الحانية عليه والتي كانت تساعده في الكثير من الأحيان فخرج الى بيروت ووقف أمام البحر وأخرج ألمه فجعل يناجي البحر ويبثه آلامه وأحزانه فيقول :

بؤسي تفاقم يا بحر الجليل  فهل

*** في جوف لجك من آس يواسيه

قلبي إذا ناله شين   يحركه

*** شوقي اليك فما أدري أترضيه

يلفي الذي قد رأى من نضرتي رهجا

*** أني ذويت فلا عيش أرجيه

هل فيك يا بحر ما ترجى مودته

*** أم كيف يصنع من طالت ثوانيه

لا ضير قد طال ما فرجت من كربي

*** فأنت بحر جليل من معانيه

كم قد أتى من أتى يبكي حوادثه

*** على ضفافك فارتاحت مراميه

غصني تنكر باد في تقوسه

*** لابد أن تنقضي حالا لياليه

وقد تحبب له في هذه الآونة العكوف على كتب الأدب واللغة والشعر وكثيرا ما ينفرد بنفسه، فخرج مرة الى مصيف يبرود والتي يقول فيها :

يبرود يبرد صيفا من أقام بها

*** لذلك قيل مع الاشباع يبروود

وأقام فيها فترة من الزمن يخلد للراحة وجرى له قصة حب مؤثرة حيث لجأت اليه فتاة عليها ملامح الجمال طالبة اليه تخليصها من مشروع زواج قرره أهلها دون ارادتها الى رجل يكبر أباها طمعا في ماله وغناه، ولم يستطع الشيخ تخليصها وهو فتى في الثالثة والعشرين من عمره فأثرت في نفسه وأخذت موضعا من قلبه واتصل بوالده يستميحه الزواج منها، ولكن والده كان يرغب في تزويجه من أسرة تتناسب مع أسرته واختار له من هي أهل للزواج منه.

وكشف أمر الفتاة الى أهلها والى الرجل الذي خطبها أنها لجأت الى الشيخ تطلب تخليصها من هذا الزواج وطغى الجهل على تصرفاتهم بقتل هذه الفتاة وأودع القاتل السجن فأثر ذلك في نفسه ونظم هذه القصيدة:

يا يوم يبرود إن الحب وافاني

*** عند القليب فأهمى عبر أشجاني

يرنو الي بعيني ظبية قذفت

*** سهما مراشا الى قلبي فأهماني

ويح الكلوم التي قد ناء صاحبها

*** صدع قديم تلته كدحة الجاني

أمسى يهز له عطفا مغطرسة

*** يمضي سريعا ويأتي حين يلقاني

أتى الي هواه واهوى علق

*** لو شفى السقم لم يعطف بتحناني

ياأبها الريم ان الحب منكتم

*** لكنه سوف يغشي كل انسان

آتي اليك على حب وطيب جوى

*** علي أرى شادنا يدلي بتحنان

ينماث مني الهوى يا مهجتي أرقا

*** والقلب جزء في أعماق أحزان

حين ارتشفت كؤوس الحب مبتهجا

*** فراقني الكأس فاستشرفت للثاني

 

وأثناء هذه المحن التي مر فيها وشعر بأنه قد عز الصديق المخلص الذي يبثه ما يعانيه فنظم قصيدة يصف فيها خوالج نفسه فكان مما قال :

كان لي في الصديق أمر عجيب

*** كنت أرجو فيه الصديق الصدوقا

وأراه يحب أن أكون   لديه

*** آسفا كاسفا حزينا    معوقا

بل يود لو أنني كنت الى الخر

*** ق أقرب أن أكون الرشيد الأنيقا

وكلما كنت أقرب الى  الجهل

*** كان أدنى الى اعتباري صديقا

واذا ندني الشوق الى العلم

*** ند به الجهل فلن يستفبقا

واني في العدى حذر ولكن

*** أكاد من الصديق أموت ضيقا

 

كان علامة المغرب المرحوم الشيخ المنتصر الكتاني حفيد العلامة المرحوم الشيخ محمد بن جعفر الكتاني من أعز أصدقائه أيام الشباب في دمشق وعندما سافر الى المغرب كان بينهما مراسلات تتسم بالأدب الرفيع، طلب اليه مرة أن يرسل له صورة شخصية فأهداه صورة فوتوغرافية كتب على ظهرها :

اليك يا خير حب رسم ذي  مقة

*** من الصديق الذي يعدو عن الفند

لو تبصر الشمس ما في القلب من شغف

*** لصورت لك ودا جل في خلدي

لكنها خلقت عن ذاك عاجزة

*** فصورت لك مني ظاهر الجسد

فاقبله تذكرة في الدهر   باقية

*** بقاء حبيك حتى آخر الأبد

 

وقال مرة عن الحب الصادق والوفاء :

ان الهوى لو كان ينفذ *** فيه حكمي  أو قضائي

لطلبته    وجمعته *** من  كل أرض أو سمائي

وقسمته بيني   وبين *** حبيب  نفسي  بالسواء

فنعيش  ما عشنا على *** محض المودة والصفاء

ختى اذا متنا  جميعا *** والأمور الى انقضاء

مات الهوى من بعدنا *** أو عاش في أهل الوفاء

 

حضر مرة حفلا مع ثلة من رجالات الأدب والفكر والسياسة وكان يحضرها الرئيس السوري شكري القوتلي فعزف خلال الحفل على القانون عازف دمشق المشهور المرحوم رجب خلقي فحاز على اعجاب الحاضرين فارتجل هذين البيتين :

بنان على القانون يسبي عقولنا

*** به الوحي يوحي للبرية عن كثب

واذا تحاكمت الأنامل  كلها

*** فجميعها شلاء غير يدي رجب

 

فأعجب جميع الحاضرين وكتبها المرحوم رجب خلقي على لوحة يعتز بها مدى حياته، هذه نماذج من شعره وقد فقد أكثره وانتحل بعضه الآخرون.

 

نشاطه الثقافي والاجتماعي :

توفي والده زحمه الله عام 1943 م وحضر في عزائه في الأيام الثلاثة رجالات بلاد الشام من سياسيين وأدباء وعلماء، وكان من المداومين المرحوم شكري القوتلي، وقد أصبح الشيخ عبد الغني معروفا في الأوساط العلمية والأدبية. وأصبح جامع تنكز والمدرسة المحيطة به مقر الجمعية الغراء ملاذ أهل دمشق كلما دهمته أي مشكلة فكان ملتقى رجالات دمشق، ومنه خرجت أول قائمة في انتخابات المجلس النيابي عام 1943 م عند إعلان استقلال سوريا، فكان الشيخ عبد الغني مرجعا لغويا يعتد به وأديبا كاتبا يكتب في المواضيع الخلقية والدينية والاجتماعية يكتب في الصحف والمجلات وله أحاديث في الإذاعة، وقد جمع بعض هذه المقالات في كتاب محاضرات في الدين والتاريخ والاجتماع عام 1953 م وله رسالة عن اعتزال الجاحظ في نفس العام تلمس منها لغته الأدبية الرفيعة وتدقيقه العلمي وسعة اطلاعه، وكان له باع طويل مع علم النحو، حين دراسته كتاب شذور الذهب لابن هشام الذي فاق من كان قبله واعيا من كان بعده كان كطبيعته يدرس دراسة الناقد المتفحص فلاحظ فيه الاستطرادات التي يتيه فيها الطالب فله عليه تعليقات كثيرة ولم يجد في الشروح عليه ما يغني ويعين الطالب على حسن الاستفادة منه، فأعاد ترتيب الكتاب وقام بشرحه وشرح شواهده بما جعله كتابا ميسرا للطلبة حيث أصبح يدرس في الجامعة فكان لصدور هذا الكتاب الفائدة المرجوة لأساتذة النحو وطلابه على حد سواء وتتبع المرحوم علوم اللغة دارسا لها دراسة نقد وتحليل فله تعليقات مهمة على القاموس المحيط ولسان العرب مقارنا مع مصادر كتب الأدب المعتمدة كحجة في اللغة وعلى الشواهد النحوية لما لها من صلة وثيقة بين علوم النحو وعلوم اللغة. فقد تتبع علوم النحو وبرع فيه ودرس أصوله ومذاهبه من ينابيعها الأولى فله صولات وجولات مع كتاب سيبويه ومصطلحا ته التي تغيب عن كثير ممن اشتهر في علوم النحو. وبعد صدور كتاب شرح شذور الذهب لابن هشام والذي طبع عدة مرات شعر المرحوم الأستاذ أحمد عبيد صاحب المكتبة العربية بأهلية المرحوم وتمكنه في اللغة والنحو فعرض عليه فكرة صياغة علم النحو على طريقة معاجم اللغة وأبدى له استعداده لطبعه ونشره، فعكف المرحوم على تأليف كتاب ((معجم النحو)) مقابل درهيمات قليلة شريطة أن يكون له حق النشر فقبل ذلك على مضض إسهاما في تيسير علم النحو على طالبيه، فتلقاه أهل علم النحو بالقبول والثناء لسهولة الرجوع إليه ودقة معلوماته وأسلوبه السهل الممتنع لما يتمتع به المرحوم من لغة أدبية جزلة، ووصله ثناء الناس على هذا الكتاب وملاحظاتهم عليه مما دعاه إلى إعادة النظر في الكتاب حيث أن مراجع هذا الكتاب لم تخرج عن كتب معروفة موثقة فرأى أنه ينبغي العودة إلى مصادر النحو من كتب الأقدمين من النحويين فهي أصح وأوثق فعاد إلى ((الكتاب)) لسيبويه والمقتضب للمبرد وغيرهما من كتب الأوائل وكتب أخرى كثيرة كشرح المفصل لأبن يعيش وشرح الكافية لرضي الدين وكتب ابن هشام وشروح ألفية ابن مالك فألف كتاب((معجم القواعد العربية في النحو والتصريف وزيل بالإملاء )) ليكون أهم مرجع في النحو في عصرنا بأسلوب مبسط سهل يحتاج إليه أستاذ النحو كما يسهل على الطالب الرجوع إليه، فكان كتابا لم يسبق إليه وأصبح مرجعا في جميع أنحاء العالم الإسلامي مقررا في كثير من الجامعات.

لم يقتصر اطلاع المرحوم الشيخ على دراسات النحو واللغة بل جمع معظم معارف عصره من علوم شرعية ودينية وثقافة عامة فكان متمكنا في علوم الفقه المقارن والمعتمد في كل مذهب، وهو وان كان يعتمد في معظم فتاواه المذهب الشافعي الذي عني بدراسة وفهم أصوله وأدلته والآراء الفقهية فيه فقد اطلع على المذاهب الأربعة المعتمدة لدى أهل السنة بل جاوزها إلى غيرها من المذاهب والأقوال الفقهية الأخرى فقد يفتي بما وضح له من خلال أدلته الشرعية وحاجة الناس الماسة له، فالهاتف لديه لايكاد يهدأ وهو يتلقى الأسئلة والاستفتاءات الشرعية من كثير من بلدان العالم يجيب كلا على مسألته ويأخذونها بالقبول فقد كان حجة رحمه الله في كل ما يسأل عنه.

اهتم رحمه الله في دراسة أصحاب المذاهب ومن له تأثير علوم الفقه فأصدر مجموعة من كتب الأعلام في الفقه فألف كتابا عن الإمام الشافعي درس فيه حياته وثقافته وفقهه فكان كتابا موفقا أآخذه أهل العلم بالقبول، وألف كتابا عن الإمام الممتحن أحمد بن حنبل فكان كتابا متميزا بتحقيقه وأسلوبه، وألف كتابا عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس وكان كتاب موفقا كما ألف عدة كتب عن كل من الأئمة ابن عيينة والليث بن سعد والنووي وكتب أخرى في التراجم منها ما نشر ومنها ما هو تحت الطبع، والمتأمل فيها يجد أن مؤلفها كان بغوص في الدقائق بعيدا عن التعصب المذهبي والتبعية المطلقة وكان هذا ديدنه في جميع معارفه، لا يكتفي بظاهر الأمور ويستسلم لها بل يناقشها ضمن ضوابط أصولية ومنطقية ويكون له رأي خاص بها حيث نلمس إعجابه بسلطان العلماء العز بن عبد السلام عندما حقق له كتابا هاما اسمه ((قواعد الأحكام في نصالح الأنام)) حيث يقول في مقدمته هو كتاب لسلطان العلماء العز بن عبد السلام من يقرؤه يتأن ويحاول فهم مقاصده يجد فيه كل المعاني التي قدمتها، فهو وان يكن كتاب دين يعالج المسائل الفقهية وغيرها مما يدور حول أدلة العقيدة وغير ذلك، فأول ما يبادرك من الكتاب حرية البحث وإتباع الدليل الأقوى وبهذا يشعر القارئ بقوة شخصية مؤلفه، فهو وان كان شافعي المذهب فقد يفضل قياس بعض المجتهدين على قياس مذهبه. وقد يختار دليلا غير دليل مذهبه، فهو وكثير ممن قرءوا عليه مجتهدون، فمتى وجدوا الدليل فثم شرع الله. وقد عاب بشدة على أقوام جمدوا على رأي أي كتاب في المذهب وان كان متأخرا، وان ظهر أن دليله ضعيف ودليل غيره قوي.

ومن هنا نرى منهج الشيخ في كل نتاجه العلمي يبحث عن الحق دائما في أي علم درسه وأنتج فيه، فكان إنتاجه متميزا دائما يتحرى الدقة والدليل الأقوى.

لمس في كتاب (( تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل)) للعلامة محيي السنة علاء الدين بن محمد بن إبراهيم البغدادي الشافعي المعروف بالخازن والذي استخلصه من مجموعة من أمهات كنب التفسير وفيه الكثير منت أجل المصنفات في علم التفسير وأعلاها وأجلها وأسناها محلى بالأحاديث النبوية الشريفة مطرزا بالأحكام الفقهية الشرعية، مخرجا بأوضح العبارات مفرغا بقالب الجمال بأفصح مقال ولكنه إلى جانب ذلك ففيه بعض النقل عن قصص غريبة كانت سائدة المعرفة في عصره ولا تستند إلى مصدر موثوق به مما جعل الكثير ين يهجرونه رغم عظم فوائده الفقهية واللغوية السليمة وأسلوبه المحبب فعمل المرحوم على إخراجه وتحقيقه وطبعه خاليا من هذه الترهات مما جعله سهلا ميسرا فيقول في مقدمته : إن ما صنعته في هذا التفسير هو اختصاري على الجيد الثمين النافع من تفسير كتاب الله وإبقائي على الأحكام الواردة في كتاب الله تعالى مع أدلتها، وكلام الأئمة فيها وأبقيت الثابت من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستغنيت عما سوى ذلك مما لا جدوى منه ولا فائدة من إسرائيليات وخرافات وبعض القصص الموضوعة كما استغنيت عن بعض الأحاديث الموضوعة والضعيفة الواهية.

ومن هنا نلمس أن ما ألفه المرحوم وحققه في حياته العلمية ثروة ثقافية متنوعة تسد في المكتبة العربية والإسلامية والاجتماعية ثغرة هامة تعود بالنفع والفائدة لكل راغب في المعرفة.

 

المهام والوظائف التي أسندت اليه :

عمل معلما في مدارس الجمعية الغراء الابتدائية.

2- عمل مدرسا في حلقات الشيخ علي الدقر في مسجدي السادات والسنانية.

عمل مدرسا في معهد العلوم الشرعية للجمعية الغراء.

أسندت اليه وظيفة مدرس عام للعلوم الاسلامية والتوجيه الديني من دائرة الإفتاء عام 1943 م.

أسندت اليه مهمة التحقيق والفهرسة لكتاب تاريخ ابن عساكر من المجمع العلمي العربي، وفهرسة المخطوطات الفقهية والحديثية في كل من المجمع العلمي العربي والمكتبة الظاهرية.

أسهم في تعديل المناهج المقررة لمعهد العلوم الشرعية الاسلامية للجمعية الغراء حيث أضيفت المواد العصرية من لغة أجنبية وتاريخ قديم واسلامي وحديث وعلوم ورياضيات الى جانب العلوم الشرعية التي كان يعنى بها المعهد.

أصبح عضوا في مجلس إدارة الجمعية الغراء في عام 1943 م واستمر حتى عام 1959 م

عين مديرا لمدرسة ثانوية السعادة التي كانت تدرس المنهج المتبع في مدارس وزارة التربية والتعليم حتى نهاية عام 1959 م عندما استولى عبد الحميد السراج على مدرسة جامع تنكز ليشغلها بمدرسة ثانوية شرعية تابعة للأوقاف.

عين خطيبا لجامع السادات.

له أحاديث في الإذاعة السورية ومقالات أدبية في المجلات الثقافية العربية وفي الصحف اليومية بالإضافة إلى هذا كله فيما أذكر كانت له مجالس علمية وثقافية متنوعة، فقد كان له لقاء أسبوعي مع المرحوم الشيخ علي الطنطاوي والمرحوم الأستاذ سعيد الأفغاني عقب صلاة الجمعة يحضره بعض أهل العلم ويتسم هذا المجلس بحوار علمي وأ دبي ولغوي فريد من نوعه تتناقل أخباره الأوساط الثقافية والاجتماعية في دمشق.

وله لقاءات في سهرات تتنقل في المنازل يحضره لفيف من وجهاء دمشق وتجارها ومثقفيها وظرفائها وكان يتخلل هذه السهرات أ بحاث في التوجيه الديني والاجتماعي والأخلاقي ويتخللها الكثير من الأدب والنوادر وملح الظرفاء ..

كانت له حلقات بحث ودرس في جامع المرابط في حي المهاجرين، منها حلقة يدرس فيها كتاب تفسير الكشاف للزمخشري وما فيه من إعجاز للقرآن الكريم وبلاغته وبيان اللغة الرفيعة. يحضره لفيف من المثقفين وأساتذة الأدب العربي... وحلقة أ أخرى يدرس فيها كتاب الكامل للمبرد أحد أهم مصادر اللغة والأدب ويحضره أيضا لفيف من أساتذة الأدب واللغة. وحلقة يدرس فيها صحيح البخاري وصحيح مسلم ويحضره مجموعات متنوعة من أهل دمشق.

كان له درس أسبوعي في دار أخيه الشيخ أحمد الدقر في الستينات والسبعينيات أثناء مرض أخيه يقرأ فيها الحديث النبوي الشريف كما يقرأ فيه كتاب الرسالة القشيرية في الرقائق.

عقد حلقة أخرى في الحديث النبوي في جامع الحمد في المهاجرين عقب صلاة المغرب من كل يوم اثنين

وكان له حلقات أسبوعية لمجموعات من الطالبين منها لدراسة الأدب يدرسون معه كتاب الكامل للمبرد  وبعضها يدرسون فيها أصول الفقه والفقه المقارن وفقه الحديث حيث يقرأ فيها كتاب الموافقات للشاطبي وكتاب سبل السلام للصنعاني حيث كان يلبي كل طالب علم ليروي ظمأه العلمي والثقافي

انتخب رئيسا للجمعية الغراء عام 1978 م وجدد انتخابه حتى وفاته، وقد كان لتوجيهاته الدائمة لجميع العاملين في حقل التربية والتعليم والتوجيه في مدارس الجمعية الغراء الأثر البالغ في انتهاج مبدأ الوسطية في علوم الشريعة دون تعصب أو تزمت بل الاعتماد على الأقوال الثابتة والأحاديث الصحيحة في تقرير المسائل وفي التوجيه على حد سواء. بعيدا عن التقلبات والعكوف على المنهج الثابت في إعداد دعاة مسلحين بالعلوم النافعة لإصلاح المجتمع...

 

كاتبه فاروق الطباع

دمشق في 18-6-2012 م