(أستاذ الأناقة) كلمة في تراث الأستاذ الشيخ عبد اللطيف الشويرف رحمه الله

توفي رحمه الله وصار إلى ما يصير إليه كل حي، وجاء الأجل هذه النفس المولعة بالجمال فيما تقول وتكتب وتفعل. عرفته في أواخر عقد الثمانين من القرن الماضي أستمع إلى برنامجه على الإذاعة المسموعة الموسوم بـ "لغتنا العربية"، بنطقه الصحيح الفصيح، وترتيبه الأنيق الرشيق، وإلقائه الكريم الفخيم، مع غنة محببة تطبع صوته، ينثر فيه الفوائد واللطائف، ويسوق فيه التنبيهات والتصحيحات، فتعلق سمعي وقلبي به، ثم رأيته في برنامجه المصور على التلفاز الموسوم بـ "لغة القرآن الكريم"، يبين بعض أساليب القرآن العربية، ويقرأ عيونًا من كلام الأئمة في مناحيه البلاغية، ويشرح طرفًا من وقوفه الهبطية، فسجلت كثيرًا منه صوتًا وصورة من شدة إعجابي به، ثم زرته في طرابلس في منزله في بن عاشور سنة 1991 صحبة صديق، وعرضت عليه بحثًا كتبته كتابة المبتدئين المجترئين، فنظر فيه نظر الحاني الرفيق، وأرشدني إلى ترقيق الأسلوب وإنزال الناس منازلهم.

الشيخ عبد اللطيف الشويرف رحمه الله هو نتيجة تعليم محلية خالصة، تلقى كل تعليمه وثقافته في طرابلس المدينة القديمة، لم يكن له مصدر آخر، فهو مفخرة طرابلسية محضة بتخريج هذا الأديب الكاتب العالم باللغة المفسر للقرآن الكريم على طراز رفيع من حسن الفهم، وجودة الأسلوب، وأناقة الأداء اللفظي والكتابي.

كان خريج سبع مدارس طرابلسية:

-(البيت) تعلم فيه الحرص على الصلاة وحب القرآن واللهَج بالذكر

-و(مكتب الشيخ مختار حورية) تعلم فيه القرآن وتجويد التلاوة

-و(المدرسة الابتدائية) سنة 1943 تعلم فيها مبادئ العلوم والرياضيات على يد الشيخ (عمر الباروني)

-ودروس الشيخ (عمر الجنزوري) سنة 1946 في مدرسة أحمد باشا ثم معهد الإمام مالك تعلم فيها اللغة العربية والفقه

-و(المجلس التشريعي لولاية طرابلس) بين سنتي 1953 و1963 تدرب فيه على كتابة المحاضر والمراسلات وتثقف في الشئون القانونية والإدارية

-و(اللجنة الثقافية بنادي الاتحاد) والنادي الثقافي للشيخ (عبد السلام خليل) تعلم فيهما المحاورات ومناصرة القضايا الوطنية والإسلامية والاهتمام بالآداب والثقافة

-و(جريدة الليبي) برئاسة الأستاذ (علي الديب) بين سنتي 1958 و1960 تعلم فيها الكتابة الصحفية والسياسية والأدبية

وبهذا التكوين العلمي العصامي الطرابلسي انطلق الشيخ كاتبًا في المجلات والصحف، ومعدًّا ومقدمًا للبرامج الإذاعية ذات الطابع العلمي والقرآني، ومؤلفًا للكتب التعليمية المنهجية، بذلك التحصيل الأصيل، والذوق الرفيع، والأناقة في كل ما يأتي، حتى في لباسه الإفرنجي أيام الشباب، ثم بالجبة الطرابلسية أيام الكهولة، ثم بالجرد الأبيض مع الزبون أيام الشيخوخة.

-يقول عن مدرسة البيت: "وكان مما تشنّفت به أذناي منذ نعومة أظفاري صوت تلاوته (أي الوالد) وهو يدور في وسط البيت، وكان مواظبًا على صلاة الصبح في المسجد مع الجماعة، وكان يجمع أفراد العائلة بعد طلوع الشمس ليقرأ الوظيفة الزّرّوقيّة وهم يردّدون ما يقول".

-ويقول عن مكتب الشيخ مختار حورية: "التحقت وأنا صغير بكتّاب الشيخ مختار حورية القريب من بيتنا، وفيه تعلّمت القراءة والكتابة وأحكام التّلاوة، ولم يقطعني عنه إلَّا قيام الحرب العالمية الثانية"

-ويقول عن المدرسة الابتدائية: "وكان مدرسنا الأستاذ عمر الباروني -رحمه الله- الذي استمر مدرسًا لنا حتى نهاية السنة الخامسة... وقد بذل الأستاذ الباروني جهدا كبيرًا في تعليمنا... يخصنا في بيته بدروس خصوصية مجانًا، وعلمنا الجبر وشيئًا من الهندسة النّظرية"

-ويقول عن دروس الشيخ عمر الجنزوري: "درست عليه النحو الواضح، وقطر الندى، وشذور الذهب، وأقرب المسالك في الفقه المالكي... وكان ما استفدته من علم ولغة وأدب وفقه من مذاكرات الشيخ عمر، ومناقشاتي معه وأسئلتي له أكثر مما استفدته من دراسة الكتب عليه"

-ويقول عن مدرسة المجلس التشريعي: "وكان يؤم لجان المجلس التشريعي وجلساته كبار القانونيين المصريين التابعين لإدارة التشريع والقضايا بنظارة العدل، وكنتُ أسمع وأقرأ آراء هؤلاء القانونيين وردودهم على الأسئلة والاستفسارات، وكنت أقوم بكتابة المحاضر والتقارير والمذكرات، فتكوّن لي بذلك رصيد لا بأس به من الثقافة القانونية والتمرس بصيغ اللوائح والقوانين، وكانت فترة عملي في المجلس التشريعي خصبة ثريّة توفرت لي خلالها الخبرة الإدارية، والقدرة على كتابة الرسائل والتقارير والمذكرات وغيرها"

-ويقول عن مدرسة الأندية الثقافية: " كنت أواصل تعليمي وتثقيفي الذاتي، وكنت أشارك في الندوات واللقاءات الفكرية والمحاضرات التي كانت تنظّم في نادي الاتحاد عندما كانت النوادي الرياضية تهتمّ برياضة الفكر، بجانب اهتمامها برياضة البدن... وقد تعلمنا في برامج اللجنة الثقافية بنادي الاتحاد المداخلات والنّقاش وتبادل الآراء... ولا أنسى دور النادي الثقافي الذي كان يرأسه الشيخ عبد السلام خليل -رحمه الله- ... فقد كان هذا النادي ساحة ثقافية مميزة، وكان رئيسه من الرّوّاد الذين وضعوا اللبنات الأولى لنهضتنا الثقافية الحديثة"

-ويقول عن مدرسة جريدة الليبي: "وكانت هذه الجريدة بالنسبة إليّ مدرسةً عظيمة تعلّمتُ فيها الكثير فاستقام فيها قلمي، وسلِس أسلوبي، واتسعت آفاق تفكيري، ونما فيها رصيدي من المشاعر والأحاسيس والتوعية بالقضايا الوطنية واكتسبت فيها مرانًا وخبرة لم أكتسبها في أي مجال آخر خضته في حياتي، وأنا أدين بهذا الفضل للأستاذ على الديب الذي كان شاعرًا وأديبًا وقانونيًّا، وكان رجلًا شهمًا على قلّة في الرجال ذوي الشهامة"

كان ثمرة هذا التكوين الكتب التي ألفها، والمقالات التي كتبها الأستاذ الشيخ للصحف والمجلات، والبرامج التي قدمها للإذاعة والتلفزيون، ثم درسه الأخير في التفسير في مسجد القرافي، وهو ذروه عطائه في خدمة كتاب الله، لولا أن عاقه عن الاستمرار فيه الحرب على طرابلس سنة 2019 ووباء كورونا وأعباء الشيخوخة.

أما الكتب فأبدأ بآخرها صدورًا:

1-(مثلث الكلام) ما زال مخطوطًا، وهو في طريقه إلى النشر إن شاء الله، وهو كبير، ربما بلغ مطبوعًا 400 صفحة أو زاد، وعنى به مثلث اللفظ مختلف المعنى، وقد أوصلها الشيخ إلى 60 لفظًا، على حين أن مثلثات قطرب 32، وتوسع فيه في بيان المعنى والمادة، وأكثر فيه من الشواهد القديمة، يقول: "قضيت سنوات في ترصد الشواهد واختيارها، وقرأت لذلك عشرات دواوين الشعر وكتب الأدب القديمة والحديثة، ولم يتعبني في تأليف هذا الكتاب شيء كما أتعبني البحث عن الشواهد"، وفي حواشي الكتاب أيضًا فوائد وشروح وتعليقات وزيادات مفيدة مهمة.

2-(الشامل في الفروق اللغوية) وعليه وصف الجزء الأول، فإما أنه كتب بقية له أو أنه كان ينوي ذلك، صدرت له نشرة خاصة سنة 2021، وهو أعلى ما كتب في البحث اللغوي وأنفسه، وهذا الجزء يزيد على 300 صفحة في 6 فصول: الفصل الأول في الفروق في الاستفهام، والفصل الثاني في الفروق في النفي والنهي، والفصل الثالث في الفروق في الشرط، والفصل الرابع في الفروق في الظروف، والفصل الخامس في الفروق في العطف، والفصل السادس في الفروق في حروف الجر.

3-(قطوف من رياض لغتنا) من نشر دار الوليد في طرابلس سنة 2020، يزيد على 300 صفحة أيضًا، وفيه بحوث وشذرات لغوية متفرقة. ومنه بحثه في مناقشة الدكتور محمد وريث في مسائل نحوية نسب فيها التعقيد والشطط والتزيد إلى النحو، وفي ضمنه مناقشة الدكتور شوقي ضيف في مسألة: "أقائم الزيدان؟"، وكنت نشرت في ذلك بحثًا قريبًا من تاريخ بحث الشيخ ولم أطلع عليه يومئذ. وبحث في نفي نيابة حروف الجر بعضها عن بعض. وبحث في مثلث اللغة. وبحث في النسب إلى فعيلة وافق فيه أنستاس الكرملي في مخالفة المشهور من أن النسب إليها مطلقًا بحذف الياء، وبذلك يصح: طبيعي وبديهي.

4-(الحديث ومصطلحه) كتاب تعليمي صدر عن وزارة التعليم سنة 2002، وأظنه كان موجهًا للثانويات التخصصية في العلوم الشرعية.

5-(التدريبات اللغوية) كتاب تعليمي من أربعة أجزاء صدر عن جمعية الدعوة بين سنتي 1998 و2002، وهو من مقرراتها في كليتها.

6-(تصحيحات لغوية) صدر عن الدار العربية للكتاب المشتركة بين ليبيا وتونس سنة 1997، وهو كتاب كبير في الأخطاء الشائعة يزيد على 600 صفحة، ومنهجه التصويب أي إقرار جملة الاستعمالات الشائعة في العصر الحديث وقبولها، وجل ذلك أيضًا كان بالمتابعة لقرارات مجمع اللغة العربية القاهري.

أما مقالاته فصدر منها ثلاث مجموعات:

أحدها بعنوان: (نماذج وصور) صدرت طبعته الأولى عن جمعية الدعوة سنة 1998، وضم 31 مقاله أغلبه مما كتبه لجريدة الليبي بين سنتي 1959 و1960، وصدرت طبعته الثانية عن دار الوليد سنة 2020، وزاد فيه 7 مقالات، فصارت 38، منها مقالة بعنوان: (مُغْتَرّ) من الغرور، حذفها الناشر الأول -وهو جمعية الدعوة- بغير إعلام للمؤلف، على طريقة ذلك الزمن في الحساسية من كل ما كان من هذا القبيل، وهو يقول: إنه لم يكن يقصد إنسانًا بعينه، وقد كتبت سنة 1960.

وأَعجَبُ هذا المجموع إليَّ مقاله بعنوان: (مكتبتي)،كنت قد صففته وقدمت له وأرسلته إلى موقع جيل فنشر في تاريخ 25/11/2008، فسطا عليه بعض السُّرَّاق ونسب مقالة الشيخ إلى نفسه، ونشر ذلك في موقع إسلامي! ثم أعدت نشره في مجلة الرقيم في تاريخ 24/4/2010. وأذكر أني بعد أن اطلعت على الكتاب ومقالاته هاتفت الشيخ وعبرت له عن إعجابي بالأسلوب، وكنت يومئذ مفتونًا بكتابة الأستاذ أحمد حسن الزيات، وقلت للشيخ: إن هذا الأدب الذي في الكتاب لا يقل عن أدب الزيات!

والآخر بعنوان: (من حصاد العمر) نشرته دار الرواد سنة 2017، فيه مما قدم به لكتب غيره، ومقالات لمناسبات، ومقالات أخرى، فهو مما كتب مادته حديثًا، كما كان الأول مما كتب مادته قديمًا. وفيه 22 مقالة، منها رسالتان بتوقيع الشيخ محمود صبحي رحمه الله رئيس جمعية الدعوة يومئذ إلى القذافي ينكر في أحدهما كلامًا كان منه في شأن الربا، وينكر في الآخر استبدال التأريخ بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتاريخ بهجرته.

والثالث بعنوان: (قلمي والصحافة) نشرته مكتبة الرواد سنة ٢٠١٧ ويضم ١٥٠ مقالة مما كتبه في الصحف والمجلات غير ما سلف [نبهني عليه أنس رفيدة ]

وأما برامجه للإذاعة والتلفزيون، فما وصف منها:

-(إلى الأمام) 16 سنة، بين سنتي 1960 و1976 قال: "كان يذاع بعد ظهر كل يوم جمعة، وكان له صداه الواسع ومستمعوه، واستمر ستة عشر عامًا متواصلةً حتى قطعه أحد مديري الإذاعة عام 1976". وقد جمع منه 100 حلقة وهذبها وقدمها للنشر، وهو الآن في دار الوليد بطرابلس، ونرجو أن تكون بين أيدي القراء قريبًا إن شاء الله. يقول في بيان موضوعه وأثره في الناس من مقدمته المخطوطة: "وكان هذا البرنامج محبَّبًا إلى نفسي، لأني كنت أمتطي ظهر موجات أثيره لأتواصل مع الناس، وأطل من نافذته على حياتهم وشئونهم ومشكلاتهم، وأشاركهم من خلاله في أفراحهم وأتراحهم ومناسباتهم، وكان له بفضل الله تجاوب من المستمعين، وكانوا ينتظرون موعده على الساعة الثالثة بعد ظهر يوم الجمعة، وكنت أتلقى تشجيعهم وعواطفهم الدافئة على الهاتف والرسائل والبرقيات والمقابلات الشخصية"، ويقول: "وهذه المجموعة تعطي للقارئ الكريم من الأجيال الجديدة فكرة عامة عما كان يجري في المجتمع الليبي في التواريخ التي أذيعت فيها الحلقات، ويستشف ما كان يحدث من مشكلات وقضايا واهتمامات، قد يكون لبعضها ذيول تجر نفسها حتى الوقت الحاضر، وبعضه كان خاصًّا بفترته وانتهى بانتهائها". وأقول: وأيضًا في الكتاب مقابلة يتبينها القارئ بين عصرين ونظامين تقلب فيهما المجمتع تبعًا لنظام حكمه. وقد أشار إلى طرف من ذلك بقوله في مقدمته: "وقد كانت بداية التحول بالنسبة إلي أني فوجئت خلال النصف الثاني من سنة 1977 بقرار من مدير الإذاعة في ذلك الوقت يقضي بوقف برنامجي (إلى الأمام) ووقف كل برامجي الإذاعية الأخرى، بلا إبداء أي سبب، وبطريقة تعسفية غير مهذبة، وقد استشعرت من هذا القرار الظالم أن حرية القول في الإذاعة قد دخلت ليالي البيات الشتوي الشديدة في حلكة ظلامها، وقسوة بردها، وقد صدَّقت الأيام حدسي". ويقول في بيان طريقته في تأليف ذلك في الكتاب: "ألفت هذا الكتاب متضمنًا مائة حلقة من برنامجي الإذاعي (إلى الأمام) في مختلف الموضوعات والقضايا، بعد أن قمت بتعديلها، وإعادة صياغة بعضها، ودمج ما كان من حلقتين في حلقة، أو جعل ما كان حلقة في حلقتين أو أكثر، مع الاحتفاظ بأصل الموضوع ومضمونه وعناصره وتاريخ إذاعته في الغالب".

-(قصة وآية) تمثيلي كان يذاع في رمضان استمر أكثر من 54 سنة، قال: "وبدأ مسيرته من عام 1958م، ولا يزال مستمرًّا حتى الآن [2010]... ولا أعتقد أن برنامجًا آخر طال نَفَسُه، وامتدّت به الحياة كل هذه المدّة"

-(لغتنا العربية) و(لسان العرب)، استمرَّا أكثر من 20 سنة

-(مع كتاب الله) برنامج صباحي استمر 3 سنوات، قال: "وكان للبرنامج الصباحي (مع كتاب الله) أثر خاصّ في نفسي، وكنت أكتبه بروحٍ وانفعال لا أستطيع تصويرهما بالكلمات، وقد حدثني بعض الأصدقاء أنه كان يحس عند الاستماع إليه بإحساس روحاني يجعله يتمنى ألا تنتهي الحلقة بقولي المعتاد: (وللحديث صلة)، واستمرّ ثلاث سنوات متواصلة إلى أن أمر بوقفه مدير الإذاعة الذي كان قد أُقفِل برنامج (إلى الأمام) على يديه"

-(لغة القرآن الكريم) تلفزيوني

-(مناسك الحج والعمرة) تلفزيوني أيضًا

أما دروسه في التفسير في مسجد القرافي فقد كان أولها في تاريخ 9/11/2013 وآخرها في تاريخ 17/3/2020، بحسب المنشور منها، وهي 178 درسًا كل واحد منها نحو ساعة، بلغ فيها إلى قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها﴾، أي كان ما فسره في هذه الدروس حزبًا ونصف الحزب، أي ثلاثة أرباع الجزء الأول من القرآن الكريم، أنتجتها قناة التناصح، وهي على اليوتيوب الآن بحمد الله، ومن معظمها نسخة مسموعة على موقع أرشيف الإنترنت.

فلا بد إذًا من مشروع لجمع تراث الشيخ المكتوب والمسموع.

أما المكتوب فبجمع المقالات بعضها إلى بعض، في ديوان جامع لكل المقالات مع الترتيب والتصحيح والتعليق والتأريخ قدر الإمكان، بما في مكتبته عند أسرته، وبمراجعة الأصول المنشورة في تلك الصحف والمجلات، وهو عمل كبير لا بد منه.

وأما المسموع فبتحويل ما بقي منه إلى الصيغة الرقمية ونشره على الإنترنت، ثم باصطفاء ما يجوز تحويل بعضه إلى كتاب مطبوع، وكما هو معلوم لا يغني المطبوع عن المسموع، ولا المسموع عن المطبوع، فقد كان للشيخ إلقاء معجِب وصوت محبَّب وطريقة تُحتذى. وهذا دَيْن في عنق الإذاعة الليبية لا يجوز أن تنكُل عنه ولا أن تتكاسل فيه، بترك هذا التراث النفيس عرضة للتلف والضياع، وحرمان طلاب العلم والأدب والدين والتاريخ من هذه الثروة الكبيرة من البرامج الإذاعية الرصينة، والكتابة الأدبية الأنيقة، والأحاديث الاجتماعية النافعة.