ما هو حكم الشيخ الكبير العاجز عن الصوم والمريض المزمن؟

نص الاستشارة :

ما هو حكم الشيخ الكبير العاجز عن الصوم والمريض المزمن؟

الاجابة

أجمع الفقهاء على أن للشيخ الكبير الذي لا يقدر على الصيام لكبر سنه الإفطار ولا قضاء عليه ، ومثله في الحكم المرأة العجوز ، وألحقوا بها من ابتلي بمرض مزمن، وهو الذي لا يرجى برؤه من مرضه والشفاء منه ، وفقاً لسنة الله الجارية على الأسباب والمسببات، وإن كانت القدرة الإلهية لا يعجزها شيء، فهؤلاء لا صوم عليهم بلا خلاف.

والدليل على إباحة الفطر قوله تعالى :[ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ] {الحج:78} . وقال في آية الصيام :[ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ] {البقرة:185}.

ثم إنَّ هؤلاء نوعٌ من المرضى ، فالشيخوخة مرض، وقد جاء في الحديث: «ما أنزل الله داءً إلا أنزل له شفاء إلا الهرم»، والاستثناء متصل والمريض الذي لا يرجى برؤه مريض على كل حال ، إنما فارقا المريض العادي بأنهما لا يستطيعان القضاء ، لأن الشيخ لا يعود شاباً حتى يمكنه أن يقضي ، وكذلك المريض مرضاً مزمناً لن يجد فرصة للقضاء ما دام مرضه ملازماً له على الدوام.

فهل يجب عليهم إذا أفطروا أن يطعموا عن كل يوم مسكيناً إذا كانوا من ذوي جدة؟ في ذلك خلاف بين العلماء:

1 ـ ذهب مالك والشافعي في أحد قوليه إلى أنه لا فدية على الشيخ الكبير ومن في مثله، لأنه ترك الصوم لعجزه فلم تجب عليه فديه.

وذهب جمهور العلماء إلى أن الشيخ الكبير والعجوز ، لهم أن يفطروا ويطعموا عن كل يوم مسكيناً .

واستدلوا بقوله تعالى :[ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ] {البقرة:184} . قال ابن عباس : ليست منسوخة، وهو الشيخ الكبير ، والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما ، فيطعمان عن كل يوم مسكيناً ، رواه البخاري.

وروى عنه عبد الرزاق أنه كان يقرؤها :?وعلى الذين يطوقونه? .أي : يكلفونه ويتجشَّمونه بمشقة ، وقد قرأت بها عائشة رضي الله عنها وغيرها من السلف.

وجاءت عنه روايات أخرى تفيد أن الآية منسوخة ، ولكن حكمها باقٍ بالنسبة للكبير الفاني . ينظر تفسير ابن كثير 1/215.

ومذهب الجمهور أحوط ، وذلك لأنَّ الله سبحانه ذكر حكم المريض والمسافر في الصيام بقوله :[ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ] {البقرة:184} . ثم أردف حكمها بحكم آخر لا يدخل فيه المريض ولا المسافر فقال سبحانه :[ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ] {البقرة:184} . والشيوخ والعجزة ليسوا بمرضى ولا مسافرين ، فثبت بذلك الفدية المذكورة في الآية عليهم.

الفدية: طعامُ مسكين ، مد من طعام عن كل يوم، وهو صاع من تمر أو شعير أو أرز وغير ذلك من أقوات البلد، وبعضهم رأى إطعام المسكين ما يشبعه وهو الأرجح، وهو الذي أفتى به الصحابة وعملوا به مثل أنس ، فقد أطعم بعد ما كبر، عن كل يوم مسكيناً خبراً ولحماً.

وإطعام المسكين من أوسط ما يُطعم الإنسان وأهله ، اهتداء بما ذكره القرآن في كفارة اليمين:[ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ] {المائدة:89} .


التعليقات