تقديم الهدايا في مختلف المناسبات

نص الاستشارة :

انتشرت في بلادنا عادة منذ القديم وهي تقديم الهدايا في مختلف المناسبات باختلاف عادات المجتمع والمناطق فمنهم من يأخذ هدايا في كل مناسبة سواء في زواج او بناء بيت جديد أو قدوم مولود أو أداء فريضة الحج. وسواء كانت هذه الهدية من باب المساعدة للفقير أو من باب الهدية والإكرام للغني . إلا أنه في بعض المناطق في زماننا أصبحت هذه العادة تخرج عن نية الهدية أو المساعدة وأصبحت من باب رد دَينٍ لهدية سابقة أو من باب الحياء من الشخص المقصود. وهذا حال الكثير من الناس في بعض المناطق عندما يأخذون الهدايا في زماننا ولا يخفى عليكم ما يقع فيه بعض الفقراء من مشقة بسبب هذه العادة خاصة ان كانت الهدية لغني فيتكلف الناس بها لتناسب غناه ومقامه .وهذا واقع في بعض المناطق. السؤال : ما حكم هذه الهدايا في هذه المناسبات على هذا الوجه المذكور؟ وهل تعتبر هذه الهدايا من باب الإسراف أو صرف المال في غير وجهه الشرعي؟ وما هي نصيحتكم وتوجيهاتكم بشكل عام للمسلمين في هذا الأمر سواء للحجاج أو للمستقبلين لهم؟ خاصة في هذه الأيام حيث يعود الحجاج لبلادهم والناس تتهيأ وتُجهزُ لاستقبالهم.

الاجابة

الأصل في هدايا المناسبات أنها جائزة ومشروعة بل ربما تكون مندوبة في بعض الحالات من باب «من صنع إليكم معروفا فكافئوه» حديث صحيح

والهدايا من أسباب التواصل الاجتماعي وتحسين العلاقات بين أفراد المجتمع وتنمية التحاب بينهم، قال عليه الصلاة والسلام: «تهادوا تحابوا» حديث صحيح

والتحاب من أسباب دخول الجنة قال عليه الصلاة والسلام: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا» حديث صحيح

فللهدية فاعلية كبيرة في سلوك المجتمع والأمة، فهي وسيلة للتماسك الاجتماعي؛ تجلب المودة، وتزرع المحبة، وتصير البعيد قريباً، والعدو صديقاً، والثقيل خفيفا، وتنزع الضغينة من القلوب.

لكن الذي يجب أن يُعلم هنا أنه لا ينبغي التكلف في هذه الهدايا وإنما يقدم كل إنسان بحسب طاقته وإمكاناته.

والإسراف والتبذير في الهدايا مذموم كثيرا قال تعالى: (ولا تبذر تبذيرا، إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين) الإسراء27.

كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ الهدية البسيطة ويثيب عليها، ويدعو إلى قبولها، ويرغب فيها: قال عليه الصلاة والسلام : «من جاءه من أخيه معروف - من غير إشراف ولا مسألة - فليقْبَلْهُ، ولا يرُدَّه، فإنما هو رزق ساقه الله إليه» حديث صحيح

«كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا مالم يخالطه إسراف أو مخيلة» حديث صحيح

والهدية التي حض النبي صلى الله عليه وسلم على قبولها هي البسيطة اليسيرة، حيث قال: «ولو أهدي إلي ذراع او كراع لقبلت»وقال أيضا: «ثلاث لا ترد: الوسائد، والدهن - الطيب - واللبن))، وروي أيضًا: «من عرض عليه ريحان فلا يرده؛ لأنه خفيف الْمحمل طَيب الريح». فكانت الهدايا التي يقدمها، والتي يتقبلها مما يتوفر دائمًا كالطيب والدهن والثوب، وما شابهها، وهي - كما نلاحظ - أشياء ضرورية ومفيدة.

وليس المطلوب هنا النظر الى حال المُهدى إليه إنما حال المُهدي

والله تعالى يقول:

(لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) البقرة286.

والا فإن التكلف لأجل مجاراة الأغنياء أو الاستدانة لذلك قد يعد نوعا من النفاق الاجتماعي وهذا مما يأباه الاسلام.

ولذلك نوصي مقدم الهدية بالاعتدال والتوسط بحسب حاله

كما نوصي الآخرين بعدم تكليف الآخرين ما لا يطيقون

ولا يجوز العتب على من لم يرد الهدية بمثلها

بل نوصي من رأى فقيرا تكلف لهديته أن يردها تخفيفا عنه 

وندعو لنشر ثقافة الاعتدال والتسامح في هذا الباب والتذكير بأن الجود من الموجود

قال تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) الاعراف31.

والله أعلم

_________

رابطة العلماء السوريين

لجنة الفتوى العليا

السبت ٢٧ ذي الحجة ١٤٤٤ ٍهجرية

١٥ تموز ٢٠٢٣م


الاجابة

الاجابة

الاجابة


التعليقات