سورة الإخلاص ثلث القرآن ثوابا أم أهدافا ومعاني ؟

نص الاستشارة :

 

ما المقصود بالثلث هل في الأجر  والثواب ؟ أم في المعاني والمقاصد والأهداف؟

الاجابة

العلماء الذين قالوا بأنها ثلث الأهداف

 

[ ابن عبد البر + ابن بطال + أبو الحسن بن القابسى + إسحاق بن راهويه+ ابن الأثير + ابن عقيل]

 

في الاستذكار لابن عبد البر – رحمه الله –

 

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَا ذَكَرُوهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ وَثَلَاثَةِ أَثْلَاثٍ أَوْ ثَلَاثَةِ سِهَامٍ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مَعْنَاهُ وَاحِدٌ وَقَدْ وَجَدْنَا فِي خَاتِمَةِ سُورَةِ الْحَشْرِ وَغَيْرِهَا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ أَكْثَرَ مِمَّا فِي (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وَلَمْ يَأْتِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ كَمَا جَاءَ فِي (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وَلَمَّا لَمْ تَعْدِلْ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فِي كَلِمَاتِهَا وَلَا فِي حُرُوفِهَا إِلَّا أَنَّهَا تَعْدِلُ فِي الثَّوَابِ لِمَنْ تَلَاهَا ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَشْهَدُ لَهُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَهُوَ الَّذِي يَفِرُّ مِنْهُ مِنْ خَافَ (وَاقِعَةُ) تَفْضِيلِ الْقُرْآنِ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ وَلَيْسَ فِيمَا يُعْطِي اللَّهُ عَبْدَهُ مِنَ الثَّوَابِ على عمل يعمله ما يدل على فضل ذَلِكَ الْعَمَلِ فِي نَفْسِهِ بَلْ هُوَ فَضْلُهُ (عَزَّ وَجَلَّ) يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ عِبَادَاتِهِ تَفَضُّلًا مِنْهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ (عز وجل) (ما ننسخ من ءاية أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) الْبَقَرَةِ 106وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ أَنَّهَا خَيْرٌ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ التَّالِّينَ لَهَا وَالْعَامِلِينَ بِهَا إِمَّا بِتَخْفِيفٍ عَنْهُمْ وَإِمَّا بِشِفَاءِ صُدُورِهِمْ بِالْقِتَالِ لِعَدُوِّهِمْ لِأَنَّهَا فِي ذَاتِهَا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا فَكَذَلِكَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) خَيْرٌ لَنَا لِأَنَّ اللَّهَ يَتَفَضَّلُ عَلَى تَالِيهَا مِنَ الثَّوَابِ بِمَا شَاءَ وَلَسْنَا نَقُولُ فِي ذَاتِهَا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا لِأَنَّ الْقُرْآنَ عِنْدَنَا كَلَامُ اللَّهِ وَصِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ وَلَا يَدْخُلُ التَّفَاضُلُ فِي صِفَاتِهِ لِدُخُولِ النَّقْصِ فِي الْمَفْضُولِ مِنْهَا هَذَا كُلُّهُ قَدْ قَالَهُ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالرَّأْيِ وَالْحَدِيثِ عَلَى أَنِّي أَقُولُ إِنَّ السُّكُوتَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا كَانَ مِثْلُهَا أَفْضَلُ مِنَ الْكَلَامِ فِيهَا وَأَسْلَمُ "[1]

 

في شرح ابن بطال : قال إسحاق بن منصور: سألت إسحاق بن راهويه عن هذا الحديث فقال لى: معناه: لَمَّا فَضَّلَ كَلَامَهُ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ جَعَلَ لِبَعْضِهِ أَيْضًا فَضْلًا مِنَ الثَّوَابِ لِمَنْ قَرَأَهُ تَحْرِيضًا مِنْهُ عَلَى تَعْلِيمِهِ لِأَنَّ مَنْ قَرَأَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ وَلَوْ قَرَأَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) مِائَتَيْ مَرَّةً.[2]

 

وجه كون الإخلاص تعدل ثلث القرآن الكريم

 

 اختلف العلماء فى معنى قوله: إنها تعدل ثلث القرآن،

 

1-تعقيبا على حديث صحيح أبي داود "أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[3] يُرَدِّدُهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لتعدل ثلث القرآن "قال أبو الحسن بن القابسى: لعل الرجل الذى بات يردد( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) [سورة الإخلاص:] كانت منتهى حفظه، فجاء يقلل عمله، فقال له النبى (صلى الله عليه وسلم) : إنها لتعدل ثلث القرآن ترغيبًا له فى عمل الخير وإن قل، ولله تعالى أن يجازى عبدًا على يسير بأفضل مما يجازى آخر على كثير.

 

قلت : وعلى هذا عبارة " تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ ". يُحتمل أن تكون واقعة عين ،والشأن في وقائع الأعيان أنها تكون خاصة لا عامة .

 

2- أو معنى: إنها تعدل ثلث القرآن أن جعل الله القرآن ثلاثة أجزاء:

 

أ : القصص والعبر والأمثال،

 

ب: الأمر والنهى والثواب والعقاب،

 

ج : التوحيد والإخلاص،

 

وتضمنت هذه السورة صفة توحيده تعالى وتنزيهه عن الصاحبة والوالد والولد، فجُعل قارئها مثل من قرأ ثلث القرآن. في هذا التقسيم "

 

وفي جامع الأصول : إن القرآن لا يعدو ثلاثة أقسام، وهي: الإرشاد إلى

 

(1)                    معرفة ذات الله وتقديسه

 

(2)                    معرفة صفاته وأسمائه

 

(3)                    معرفة أفعاله وسنته مع عباده

 

ولما اشتملت سورة الإخلاص على أحد هذه الأقسام الثلاثة، وهو التقديس، وازنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بثلث القرآن، على هذا المعني والتقسيم}[4][5]

 

ولخصها أحدهم فقال : هي ثلث القرآن باعتبار معانيه لأنه

 

(1)                    أحكام

 

(2)                    وأخبار

 

(3)                    وتوحيد

 

وقد اشتملت هي على الثالث فكانت ثلثًا بهذا الاعتبار واعترض بأنه يلزم منه أن تكون آية الكرسي وآخر الحشر كلٌّ منهما ثلث القرآن ولم يرد ذلك لكن قال أبو العباس القرطبي: إنها اشتملت على اسمين من أسماء الله تعالى متضمنين جميع أوصاف الكمال لم يوجدا في غيرها من السور وهما الأحد الصمد لأنهما يدلان على أحديّة الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصاف الكمال وبيان ذلك أن الأحد يشعر بوجوده الخاص الذي لا يشاركه فيه غيره، والصمد يشعر بجميع أوصاف الكمال لأنه الذي انتهى سؤدده فكان يرجع الطلب منه وإليه ولا يتم ذلك على وجه التحقيق إلا لمن حاز جميع فضائل الكمال، وذلك لا يصلح إلاّ لله تعالى، فلما اشتملت هذه السورة على معرفة الذات المقدسة كانت بالنسبة إلى تمام المعرفة بصفات الذات وصفات الفعل ثلثًا."[6] اهـ

 

وفيه أيضا : قَالَ قَوْمٌ: مَعْنَاهُ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي الثَّوَابِ ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ عُقَيْلٍ فقال: لا يجوز أن يكون المعنى فله أجْر ثلث القرآن، واحتج بما ورد في الصحيح: " مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ , فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ , وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا , لَا أَقُولُ: {الم} حَرْفٌ , وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ , وَلَامٌ حَرْفٌ , وَمِيمٌ حَرْفٌ "[7] ، واستدل ابن عبد البر لذلك بقول إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ: لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ جَمِيعَهُ هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ وَلَوْ قَرَأَهَا مِائَتَيْ مَرَّةٍ"

 

ما أُجْمل فيها في قضية التنزيه والتجريد لله تعالى عن الولد تم تفصيله في أربعين موضعا من كتاب الله في إحدى وعشرين سورة منها المكي ومنها المدني.

 

 

[1] شرح صحيح البخارى لابن بطال (10/ 252)

[2] شرح صحيح البخارى لابن بطال (10/ 252)

[3] [الإخلاص: 1]

[4] [الأنعام: 59]

[5] جامع الأصول (8/ 486)

[6] شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (7/ 463)

[7] صَحِيح الْجَامِع: 6469 , الصَّحِيحَة: 3327


التعليقات