امرأة غاب عنها زوجها‎

نص الاستشارة :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد

زوجي مفقود منذ عامين وشهرين، ذهب للعمل إلى لبنان وفقد بالطريق ولم نسمع أي خبر عنه أبدا، ومع العلم أنه قبل غيابه بعام ونصف قطعت العلاقة معه أبدا؛ بسبب غياب نفقته عني وعن أولادي، أما الآن الخطاب يتقدمون إلي وأنا أرغب في الزواج لأني بحاجة عاطفية وحاجة مادية، ﻻ يوجد لي معيل، فوالدي كبير في السن، ولا يعمل انا أعمل كي أنفق عليه وعلى أوﻻدي، ومنذ فترة وأنا أسأل عن هذا الموضوع ولكن الآراء كانت كالتالي:

منهم من قال لي غياب النفقة ستة أشهر يحق لك أن تطلبي فسخ العقد من القاضي، ومنهم من قال بعد عام، ومنهم من قال بعد أربع سنوات عليك أن تعتدي عدة وفاة وبعدها تكون جاهزة للزواج.

وبفتوى أخرى قالوا إنك الآن لست في عدة ولا على نكاح يجوز لك الزواج.

وبعضهم قال: اذهبي إلى سوريا وإلى المحاكم الشرعية هناك وارفعي أمرك للقاضي وهذا الأمر صعب جدا علي ﻻ أستطيع ..

أنا الآن اقيم في تركيا، أريد فتوى كاملة وإذا كان الأمر يحتاج الى انتظار كما قالوا لي يجب أن أعرف من يتكفل نفقتي ونفقة أوﻻدي، وإذا كان يحق لي طلب الفسخ لرفع الضرر عني من الناحية المادية وخوف الزنا ،

قولوا لي أين أتجه وكيف أحل هذا الأمر؟ وكيف لي أن أحصن نفسي وأنا أضطر للعمل مع الرجال كي أنفق على أوﻻدي، أريد حلا، وجزاكم الله خيرا

 

الاجابة

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وبعد: فإذا غاب الزوج عن الزوجة وانقطعت أخباره، فلها أن ترفع أمرها للقاضي أو من يقوم مقام القاضي حال عدمه، أو توكل من يقوم عنها بذلك، وللمالكية في هذه المسألة تفصيل يناسب واقع كثير من النسوة في زماننا، وعندئذ ينظر القاضي في حال الزوجة إذ لا يخلو حالها من صورة من الصور الآتية:

* الأولى: إذا لم يكن قد ترك لها نفقة من ماله، ولا غَلةً له من تجارة تنفق منها، ولا مالَ له تنفق منه، وليس بموسر، أو هو موسر ولا مال لها لتنفق منه بالتبعة عليه، ولا تصبر على ذلك، فحكم هذه أن يطلق القاضي عليه بعد العجز عن معرفة خبره، وتعتد فور تطليق القاضي لها عدةَ المطلقة، وهي عند المالكية ثلاثة أطهار، والعدة تبدأ من وقت حكم القاضي بالتطليق لا من وقت ابتداء الغياب أو انقطاع الخبر.

* الثانية: أن تخشى على نفسها العنت، أي ارتكاب المحرمات أو الوقوع في الزنا مع غياب الزوج، فهذه يجوز لها أن ترفع أمرها للقاضي أو من يقوم مقامه عند عدمه وتطلب الطلاق، سواء ترك لها الزوج نفقة أم لم يترك، إذ المقصود من الزواج إعفاف النفس، وبغياب الزوج قد يفوت هذا المقصود ويلحق الضرر بالزوجة (ولا ضرر ولا ضرار)، فيطلق القاضي على الزوج، وتعتد من وقت صدور حكم القاضي بالتطليق.

* الثالثة: أن يترك المفقود لها نفقة من مال أو غلةً أو نحو ذلك، فلا يصح لها طلبُ الطلاق لذلك، بل يجب عليها الانتظار (إلا إذا خشيت العنت كما قدمنا قبل أسطر)، والمفتى به في المذهب: الانتظار مدة أربع سنين من وقت انقطاع البحث بالعجز عن الوصول إلى خبر عنه، مادامت النفقة باقية، فتعتد في هذه الصورة عند انقضاء السنين الأربع عدة المتوفى عنها زوجها، ولها بعد ذلك أن تتزوج، ولا تحتاج للدخول في العدة إلى قضاء جديد، فضرب الأجل يكفي، وانقضاء الأجل مع عدم ظهور الزوج إذن بالدخول في العدة.

حالة هذه المرأة أن زوجها انقطع ولم يترك لها نفقة فلها الرفع للقاضي تطلب الطلاق لعدم الإنفاق، فلا تحتاج إلى إجراء أحكام المفقود، وهي الصورة الأولى المذكورة آنفا

هذا والله أعلم.



لجنة الفتوى - رابطة العلماء السوريين

10- شعبان - 1436هـ

 


التعليقات