هل يجوز تعذيب الأسير لأخذ بعض الاعترافات او المعلومات منه وما ضوابط هذا التعذيب؟

نص الاستشارة :

هل يجوز تعذيب الأسير لأخذ بعض الاعترافات او المعلومات منه وما ضوابط هذا التعذيب؟

الاجابة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين …

وبعد:

إن دين الإسلام يدعو إلى الرفق بالأسرى، قال الله تعالى:{ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا }[سورة الإنسان : 8] .

وفي الحديث الشريف ” لا تجمعوا عليهم حر الشمس، وحر السلاح، قيلوهم حتى يبردوا “وهذا الكلام في أسارى بني قريظة ، حينما كانوا في الشمس .

وقد جاء من الأخبار ما يدل على جواز تعذيب الأسير إذا رجي منه أن يخبر عن معلومات تفيد المسلمين في حربهم منها:

ما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم : “ أنه أمر الزبير بن العوام بتعذيب من كتم خبر المال ، الذي كان صلى الله عليه وسلم قد عاهدهم عليه ، وقال له : أين كنز حيي بن أخطب ؟ فقال : يا محمد ، أنفذته النفقات والحروب ، فقال : المال كثير والمسألة أقرب ، وقال للزبير : دونك هذا . فمسه الزبير بشيء من العذاب ، فدلهم على المال ” .

ومنها : ما كان في معركة بدر قبل أن يلتقي الجيشان – أن بعض المسلمين ممن كانوا يقومون بمهمة الاستطلاع لتعرف أخبار قريش – عثروا على غلامين من غلمان المشركين كانا يستقيان الماء للجيش، فأسروهما، وقدموا بهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، وسئل الأسيران عن أخبار المشركين، فاخبرا بما يعلمان، ولما كره الصحابة ما أخبرا به، وظنوا أنهما يكذبان، لتضليل المسلمين، والتستر على المشركين- أقبلوا عليهما بالضرب لحملهما على الاعتراف بحقيقة الأمر… وتحت الضرب أدلى الأسيران بمعلومات ترضي السائلين، وكان ذلك في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو لا يزال في الصلاة..

ومنها ما ورد في سيرة ابن هشام: (وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد سجدتيه ثم سلم، وقال: إذا صدقاكم ضربتموهما، وإذا كذباكم تركتموهما !صدقا والله ! إنهما لقريش، أخبراني عن قريش قالا: هم والله، وراء هذا الكثيب) .

وقد ورد مفاد هذا الخبر في صحيح مسلم وترجم له أبوداود بقوله: (باب: في الأسير، ينال منه، ويضرب، ويقرر).

وقال الخطابي في الكلام عن هذا الحديث: (وفيه جواز ضرب الأسير الكافر إذا كان في ضربه طائل) أي فائدة.

ويقول الإمام النووي، في فقه هذا الحديث  أيضاً : (وفيه جواز ضرب الكافر الذي لا عهد له وإن كان أسيراً) .

وهذه النصوص دلت على جواز التعذيب مطلقاً حتى يقرر الأسير بما عنده من المعلومات ولكن إذا أقر بما لديه ولم يرتجى منه أكثر من ذلك فهاهنا لا يجوز لنا أن نعذبه وينبغي أن نعود إلى الأحكام الأصلية في عدم جواز تعذيب الأسرى هكذا جزافاً أو بقصد النكاية بهم .

والله تعالى أعلم …


التعليقات