آثار المعاصي

نص الاستشارة :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب في مقتبل العشرين من عمري، حدث لي عندما كنت صغيراً تحرُّش جنسي من أحد الناس ... وبعدها أصبت ببعض الأمراض وانتكست فطرتي، ثم ابتلاني الله ببعض المعاصي، وغرني ستر الله حتى فُضحت بين أصحابي بسبب إحدى جرائمي، المهم كنت في كل مرة أتوب وأستغفر الله وأندم ومن ثم كنت أرجع، الآن الحمد لله تبتُ إلى الله منذ أن فُضحتُ ومر علي سنة وأكثر..

وأنا حاليا أسعى للزواج المهم أن الله من علي بفهم قوي وبحفظ جيد، فأحببت أن أستغله في تعلم العلوم الشرعية وخاصةً عندي رغبة وحب شديد طلب العلم والتميز فيه ولكن المأساة هي أنني لا أُوفّق، أبدأ تارةً وأنقطع كثيراً ومن ثم أعود ثم أنقطع وهذا الأمر أتعبني كثيراً، حتى ظننت أن الله لا يريدني أن أتعلم هذا العلم بسبب ماضي الأسود ...

ثم إن أعداء الإسلام يتربصون بالإسلام وبالمسلمين خاصة الملتزمين منهم والعلماء، فأقول في نفسي لو تعلمت علوم الشريعة وتخصصت فيها سأكون ثغرة مكشوفة أمام أعداء الإسلام كي يقدحوا بالعلماء وبالدين الحنيف.. فهل تنصحونني أن أترك العلم الشرعي وأن أتفرغ لمجالات الحياة الأخرى - خاصة وعندي كل مجالات الحياة تقريباً مفتوحة

أشيروا علي بارك الله فيكم وأحسن الله إليكم..

الاجابة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

نحمد الله تعالى أن وفقك للتوبة، فالموفق من تاب فتاب الله عليه، ومن هداه الله وأصلح حاله، ومنّ عليه بالإقلاع عن الذنوب والمعاصي، ونحمده أن رزقك قوّة الحافظة وشدّة الملاحظة، فأدم شكر الله تعالى، ولاحظ في نفسك نعمه عليك

ولا شكّ أنّ عاقبة الإسراف على النفس بالمعصية قبيحة في الدنيا والآخرة، والتوبة تجبّ الذنوب لكنّها لا تلغي ذاكرة الناس ولا تذهب آثار الأعمال الدنيوية.

والتوبة تجبّ ما قبلها من السيئات ويبدّل الله سيّئات التائبين حسنات، فلا ترهق نفسك بالطاعات والإكثار من الحسنات بغية تعويض ما فات، بل التوبة الصادقة النصوح يغيّر الله بها السجلات، فالواجب عليك أن تفعل ما يجب عليك من الواجبات المعروفة كالصلاة والصيام.

وليس من الواجب أن ينقلب المرء من المعاصي إلى أن يصبح عالمًا بأحكام الشريعة، أو داعية شرعيًّا، بل يترك الإنسان المعصية ويكون داعية إلى الله تعالى بحاله ومقاله في مجال عمله أيًّا كان، ولا يلزم أن يتزّيى بزيّ العلماء ليقال عنه إنّه داعية إلى الله تعالى، ولا أن يسلك سبيل طلب العلم الشرعي، فهذا سبيل طويل، ينبغي أن يفرّغ الإنسان له نفسه سنين طوالا حتى يستطيع أن يشتغل بعد ذلك بالنصح للأمة في مجال الأحكام الشرعية

فعليك أن تلتزم بطاعة الله تعالى، وأن تنصح للأمة من موقعك مهما كان، وأيًّا كانت وظيفتك ودراستك وبيئتك، فكلّ ذلك باب من أبواب الدعوة إلى الله تعالى.

فاتّق الله في نفسك ولا ترهقها وتعلم من أحكام الشريعة ما يعينك على طاعة الله، وادع إلى سبيل ربّك بما تقدر عليه حيثما كنت في أيّ موقع

والله أعلم


التعليقات