هبة الجد للأحفاد ثم الوصية لبعض الورثة

نص الاستشارة :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . نحن عائلة مكونة من 6 أولاد (أحفاد) و 4 بنات (حفيدات) ، ونمتلك أراضي واسعة في منطقتنا ، بالإضافة إلى منزلين أحدهما يسمى (المنزل القديم ) والأخر يسمى (المنزل الجديد) ، (كانت كلها لجدنا)

وقبل وفاة (الجد) بعدة سنوات قام بتوزيع 75% من الأراضي كهبة إلى الأولاد الذكور بالتساوي حرصاً منه على سلامة القلوب بينهم ، فأصبح كل واحد من الأولاد يمتلك أرضا بإجمالي مساحة 6000 م2 تقريباً ، وتم توثيق ذلك من المحكمة الشرعية ونٌقِلَت ملكية الأراضي إلى الأبناء .

وكان قد ذكر (الجد) بأن البيت القديم وما حوله من أراضي تقدر مساحتها بحوالي 3000 م2 " لعمتي" أخت الوالد ، أما البيت الجديد وتقريباً بنفس المساحة فقال : إنه لأخواتي البنات (الأربع) ،

و قد توفى جدي وليس لديه إلا ابن وبنت فقط يرثانه ، فالابن هو (والدنا) والبنت هي (عمتنا) . وبعد وفاة الجد عام 1428هـ لم يقم الوالد بإعطاء (أخته) حقها من الميراث !!! ومكث 12 سنة لم يعطها شيئاً !! وهي أيضاً لم تطالبه بذلك 

وفي عيد الأضحى من العام الماضي 1440هـ اجتمعت مع إخواني الأولاد وذكرت لهم أن من بر الوالدين ضرورة إقناع الأب وتوجيهه إلى ابراء ذمته بإعطاء الآخرين حقوقهم بما في ذلك ميراث (أخته) .  فاجتمع بنا (الوالد) وقام بإعطاء (اخته) حقها من ميراث الجد .

أما بقية الممتلكات المتعارف عليها بيننا بما فيهم الوالد أنها حق للبنات (الأربع) فقد قام بقسمتها قسمين (نصف أعطاه للبنات) والآخر قام بتوزيعه مرة أخرى بين الأولاد الذكور، ولم تكن قسمته عادلة بين الأولاد !! مما سبّب شحناء وبغضاء في النفوس بين الأخوان والأخوات .  ولكن ثلاثة من الأخوان من الذين كانت القسمة في صالحهم أصرّوا على صواب تصرّف الوالد ، وقالوا بأن ( القانون) في صفهم ، فهذا مُلك الوالد من ميراث الجد يتصرّف فيه كيف يشاء !

أما بقية الأولاد فقد اعترضوا على ذلك بحجة أن هذا التصرّف مخالف للشرع والوصية التي كانت من الجد !!  . والسؤال هو : هل ما قام به الأب من تقسيم لهذه الممتلكات (جائز شرعاً) ؟ وهل إذا أخذ الأولاد هذه الزيادة على (هبة الجد) حلال أم حرام ؟ وفقكم الله ، وجعل ما تقومون به في موازين حسناتكم .

الاجابة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

في هذه المسائل يجب الرجوع الى أهل العلم مباشرة حتى لا تضيع الحقوق ، و على كل حال سنفتي بما فهمنا من سؤالكم : 

الأراضي التي وهبها جدك لأحفاده في حال حياته وصحته أصبحت ملكا لمن وهبها لهم، ولم تعد من الميراث، وكان ينبغي أن يعدل بين أحفاده و حفيداته وعلى كل حال فقد أصبحت حقا لهم بتمليك الجد لمن وهبهم وهو في حال صحته. وخصوصا أنها سجلت باسمهم في حال حياته.

أما البيت الجديد الذي جعله للحفيدات الأربع والبيت القديم الذي جعله  للعمة ولم يسجل في حال حياته و لم تنقل ملكيته في حينه فهو في حكم الوصية الى ما بعد الموت، و الحكم الشرعي يقدم الوصية في حدود الثلث على الميراث ، و القاعدة الشرعية المأخوذة من حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم "لا وصية لوارث" فلا يعمل بها الا اذا أجازها الورثة ، و الورثة هنا هما والدك و عمتك، وأما أخواتك (الحفيدات) فلسن وارثات لأنهن محجوبات بأبيهن فتنفذ وصية الجد لهن في المنزل الجديد إن لم تزد قيمته عن ثلث التركة ، أو أن يجيزها الورثة (والدك و عمتك) إن زادت، و ما يبقى بعد تنفيذ الوصية يكون هو البقية الباقية من أملاك جدك ، فيقسم بين أبيك و عمتك على قاعدة التعصيب أي للذكر مثل حظ الانثيين ، و الجيد أن والدك انصاع أخيرا لحكم الشرع و أعطى عمتك حقها من الميراث (وينبغي التأكد هنا هل أخذت حقها فعلا؟)، فيكون ما بقي ميراثا له ، و ليس للأحفاد و لا الحفيدات معه شيء من الميراث لأنهم محجوبون بوجود أبيهم ، و بالتالي فقد صارت البقية ملكا له و له حرية التصرف بها شرعا في حدود المباح، 

وعليه يكون تصرف والدك فيما بقي له من الميراث وإعطاؤه لإخوتك جميعاً هو من قبيل الهبة والهدية، لأن هذا المال ماله، وله أن يعطي أبناءه و بناته بغض النظر عما أخذ الأبناء من جدهم بطريق الهبة، وبغض النظر عما أخذت البنات من طريق الوصية، لكن كان يجب على أبيك أن يعدل بين أولاده في الهدية ولا يفرق بين ذكر وأنثى في ذلك، لما ثبت في الصحيحين واللفظ لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلاً وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك فقال له: "يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا. قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تشهدني إذا ، فإنى لا أشهد على جور، وفي رواية لهما قال له أيضا: "فأرجعه". وعلى كل حال إذا تم التمليك فلكم أن تأخذوا ما أعطاكم ، و إن أردتم البر بأبيكم فاجمعوا ما أعطاكم و أعيدوا توزيعه بالتساوي بين الذكور و الإناث لأن هذه عطية ناجزة و ليست ميراثا، و الله أعلم 


التعليقات