توكيل الصراف بالتجارة بالعملات

نص الاستشارة :

تاجر يدخر أموالا بقيمة مليون ليرة عند مكتب صرافة، ويتصل أحيانا بهذا المكتب فيقول له: أضف على نقودي خمسمائة ألف واشتر لي بقيمة مليون وخمسمائة ألف دولاراً، ثم بعد فترة يقول له بع لي هذه الدولارات فيكون التاجر أرجع نقوده ونقود الصرّاف وربح من فرق صرف العملات. وأحيانا يطلب من الصراف أن يحول إلى عملات مختلفة من الليرة إلى الدولار إلى اليورو. كل هذا يفعله الصراف بنفسه، والتاجر فقط يعطي الأمر. فهل في هذه الصور محظور شرعي؟

الاجابة

يجب أن نعرف ما هي طبيعة العلاقة بين الصراف و صاحب المال ، لأن هناك تفصيلات كثيرة و محاذير و محظورات يقع بها من يعملون هذا العمل ، و لكن لو فرضنا أن صاحب المال وضع المال أمانة عند الصراف فيكون الصراف بمثابة وكيل مؤتمن يلتزم بما يأمره به الموكل و يجب أن يكون التصرف صحيحا ، و عليه تصح الوكالة بالمبلغ الحاضر و لا تصح بالقرض لأنه سينقلب الى صرف باطل ، لأن الشرط الرئيسي لصحة عقد الصرف هو التسليم و الاستلام ، فإذا تحقق هذا الشرط عند كل عملية فهذا يعني أنه يجب أن يكون الصراف مالكا للعملة الأخرى عند التحويل حتى يتحقق التسليم و الاستلام ، وهذا الحكم بالنسبة لعملية الصرف المنفردة ، و لكن لي رأيا في عمليات الصرف المتكررة قد لا يوافقني عليه آخرون من الفقهاء ، و الذي أراه أن عقد الصرافة هو عقد خدمة يقوم به الصراف و يستفيد ربحه من فروقات أسعار الصرف و هي بسيطة بالنسبة للعملية الواحدة و لولا كثرة العمليات لما استفاد الصراف فائدة معقولة ، و باعتبار أن الصراف يؤدي خدمة حقيقية لآخرين أجزنا له هذا العمل ، و لكن إذا أتينا الى الأفراد فيجب أن يكون معلوما أن العملة ثمن  وليست سلعة ، و الثمن لا ينبغي أن يكون محلا للمضاربة لأنه مقياس للقيم و إذا صار محلا للمضاربة اضطرب كل شيء ، و هذا المعنى فطن له الامام الغزالي و نبه اليه من القرن الخامس الهجري ، وإذا أضفنا الى ذلك أن الأفراد إذا أرادوا الربح من عمليات الصرافة فيجب أن يدخلوا في عمليات كثيرة أو في مبلغ كبير و هذا يجعل العملية مقامرة ويدخلها في دائرة الغرر الكبير ، و قد نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن الغرر ، و الذي يغتفر عند الفقهاء إنما هو الغرر اليسير لا الكبير ، و أخيرا أؤكد أن الاسلام يحض على النشاط الاقتصادي الحقيقي القائم على عمل حقيقي من تجارة و زراعة و صناعة أو خدمات و نحو ذلك ، و لا يشجع على هذا النشاط الذي يحصر المال بين الأغنياء ، و الله تعالى يقول (كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) ، و الله أعلم 


التعليقات