ما حكم قراءة القرآن بدون تجويد ؟

نص الاستشارة :

لم أتعلم أحكام قراءة القرآن، فأنا أقرأ مع مراعاة ضبط الحروف كما هي في المصحف، ولكني لا أعرف القواعد الأخرى لقراءته فما حكم ذلك؟

الاجابة

 

قال علماء التجويد: تجويد القرآن الكريم واجب وجوباً شرعياً يثاب القارئ على فعله ويعاقب على تركه، وهو فرض عين على من يُريد قراءة القرآن؛ لأنَّه نزل على نبينا صلى الله عليه وسلم مجوَّداً، ووصل إلينا كذلك بالتواتر، وقد أخرج ابن خزيمة في صحيحه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الله يحبُّ أن يُقرأ القرآنُ كما أُنزل).

قال تعالى: [أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ القُرْآَنَ تَرْتِيلًا] {المزمل:4}. وقال سبحانه: [وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا] {الفرقان:32} والترتيل مأخوذ من قولهم: رتَّل فلانٌ كلامه إذا أتبع بعضه بعضاً على مكث وتفهم من غير عجلة، وقد سُئل الإمام علي رضي الله عنه عن معنى الترتيل فقال: هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف. وقال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية الأولى: معنى (رتِّل القرآن) بيِّنه، وقال مجاهد: تأنَّ فيه. وقال الضحاك: أنبذه حرفاً حرفاً وتلبَّث في قراءته وتمهَّل فيها، وافصل الحرف من الحرف الذي بعده.

وقال الإمام الغزالي في كتابه (الإحياء): تلاوة القرآن حقَّ تلاوته هو أن يشترك فيه اللسان والعقل والقلب، فحظ اللسان تصحيح الحروف بالترتيل، وحظ العقل تفسير المعاني، وحظ القلب الاتعاظ والتأثر.

وقال ابن الجزري رحمه الله تعالى:

والأخذ بالتجويد حتم لازم=من لم يجود القرآن آثم

لأنه به الإلهُ أنزلا = وهكذا منه إليه وصلا

قال صاحب النشر في تفسير ما قاله الإمام علي رضي الله عنه في معنى الترتيل: التجويد هو حلية القراءة، ويكون بإعطاء كل حرف من حروف الهجاء حقَّه ومُستحقَّه، أي أنه يجب أن تكون حروفه مرتبة، ويردَّ كل حرف إلى مخرجه وأصله، وبلطف النطق على كمال هيئته من غير إسراف ولا تعسف، ولا إفراط ولا تكلف، والوقف هو قطع الصوت على آخر كلمة زمناً يتنفَّس فيه القارئ. اهـ.

وهذا التجويد يتنافى مع اللحن، الذي هو الميل عن الصواب، وهو قسمان: لحن جلي واضح إذا كان فيه إبدال حرف بحرف، أو حركة بحركة بحيث يكون هناك إخلال بالمعنى، كالذي ينطق التاء في (يقنت) طاء (يقنط)، وكالذي يضم تاء (أنعمت عليهم).

والتجويد وبخاصة ما يُراعى فيه إعطاء المدود والغنات حقها وما يماثل القراءة، وهو يخلُّ بالأداء ولا يخلُّ بالمعنى، كقصر المدود وإظهار المدغم وتفخيم المرقق وهكذا.

والتجويد الذي يحفظ من هذا اللحن الخفي مُستحب، ولا يأثم تاركه، وقيل: يأثم عند تعمُّد هذا اللحن.

والتجويد وبخاصة ما يراعى فيه إعطاء المدود والغنات حقها وما يماثل ذلك يصعب أو يتعذَّر الاستقلال بمعرفته من الكتب، بل لابدَّ له من التلقِّي والمشافهة عن العَارفين به.

وصلى الله على سيدنا محمد واله وصحبه وسلم.

المصدر: مجلة الوعي الإسلامي، السنة الثانية عشرة، رمضان 1396 - العدد 141


التعليقات