كيف نستثمر الصيام

نص الاستشارة :

ما الحكمة من فرض الصوم على المسلمين وكيف نستثمر فوائده؟

الاجابة

  حكمة مشروعية الصوم يرمز إليها قوله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] {البقرة:183}. والتقوى هي اتخاذ الوقاية من أي شيء مكروه، وأشد هذه المكروهات هي غضب الله ودخول النار.

إن الصوم جهاد للنفس والشيطان، والانتصار عليهما يربي قوة الإرادة ومضاء العزيمة والكف عن المحرمات والإقبال على الطاعات، وفي الصوم صِحَّة بدنيَّة وصحة نفسية وتعود على النظام، والترفع عن الدنايا، وتقوية للشخصية الإيمانية.

في الصوم تقديم رضاء الله تعالى على رضاء النفس، وتضحية بالوجود الشخصي بالامتناع عن الطعام والشراب، وبالوجود النوعي بالإمساك عن الشهوة الجنسية، وذلك ابتغاء وجه الله وحده الذي لا يتقرَّب لغيره من الناس بمثل هذا الأسلوب من القربات، يشير إلى فضل ذلك ما جاء في الحديث (يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) كما رواه البخاري ومسلم.

في الصوم إحساس بمقدار نعمة الطعام والشراب والمتعة الجنسية عندما يحرم منها ونفسه تائقة إليها، فيكون شكره عليها بالإطعام المتمثل في كثرة الصدقات في فترة الصيام.

في توقيت الصيام بشهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن تذكير للإنسان بنعمة الرسالة المحمدية ونعمة الهداية القرآنية التي يكون الشكر عليها بالاستمساك بها.

في الصيام حكم كثيرة لا يتسع المقال لذكرها ويكفي ما تقدم منها، ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى كتابنا عن الفتاوى (المجلد السابع ص 54) ليتضح له الأسلوب الذي نستثمر به هذه الفوائد في علاقاتنا الاجتماعية إلى جانب تكريم الشخصية الإنسانية، وبخاصة إذا أُدِّي على الوجه الأكمل بالامتناع عن كل المحرمات كالكذب والغيبة والزور قولاً وعملاً كما يشير إليه الحديث الذي رواه البخاري: (من لم يدعْ قولَ الزور والعملَ به فليس لله حاجةٌ في أن يدعَ طعامَه وشرابه).

وحفاظ الصائم على قيام رمضان بالقرآن والتراويح والدعاء، حتى يستحقَّ جائزة التكريم للنجاح في المعركة ويتسلمها يوم عيد الفطر كما جاء في الحديث.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

المصدر: مجلة منبر الاسلام، السنة الخامسة والخمسون، رمضان 1417 - العدد 9


التعليقات