حركة القرآنيين في ميزان القرآن الكريم (1)

الكنيسة على مرِّ العصور والدُّهور حاربت الرَّسول صلى الله عليه وسلم بكلِّ ما أُوتِيَتْ مِن قوَّةٍ وخُبثٍ، ولفَّقتْ في سبيل ذلك كلَّ الأكاذيب والأباطيل ثمَّ أظهرتها بلبوس الحقِّ، وقامتْ بعدَ ذلك بتدريس هذه الأباطيل التي لفقتها حول رسول الله صلى الله عليه وسلم في مدارسها وأسندتْ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم المرض والكذب، وكلَّ شَيْنٍ يَشينُه.

الاستشراق استقى فكره ومنهجه مِن هذه الأباطيل؛ لأجل هذا قال المستشرق المشهور "مونتجمري وات": "لم يُقبَّح رجلٌ مِن العظماء كما قُبِّح محمدٌ في الغرب".

مَن نَشَأَ في مدارس الكنيسة على هذه الأكاذيب إنْ يمرَّ بأيِّ بلدٍ مِن بلاد المسلمين يرَ الحقيقة الأخبار المشوَّهة، وتُكْشَفْ أمام عينيه زُيوفُ الكنيسة، ويرمِ كلَّ ما أخذه مِن الكنيسة في مزبلة التَّاريخ ويدخلْ في الإسلام، وفي المقابل لم يُسجلْ لنا التَّاريخ أنَّ أحدًا مِن المسلمين تنصَّر بتبشير المبشرين إلَّا القليل القليل بل على العكس إنَّ أهل مصر وشمال إفريقيا وأهل الشَّام والأناضول دخلوا في الإسلام، وتركوا النَّصرانيَّة وخرافاتها بعد فتح المسلمين لها.

حركة القرآنيين

عَبْرَ كلِّ هذه العصور لم تتوقَّفِ الكنيسة عن المكر والخِداع في سبيل إيقاف الإسلام، وفي كلِّ مرَّةٍ يَفشل فَخُّها الذي تَنصِبُه للمسلمين، تُوجِدُ فخًّا جديدًا تحاول مِن خِلَالِه هزيمتهم، وفي تاريخنا الحديث أَوْجَدَتْ الكنيسة "حركة القرآنيين"؛ لتُحارب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنكرتِ السُّنة، ولكن ليس بلسانها بل بلسان بعض المغترِّين بها والمستغربين.

نشأت هذه الحركة في شبه القارة الهنديَّة التي كانت في ذلك الوقت تحتَ سيطرة الإنجليز، أنكر مؤسِّس هذه الحركة وهو "عبد الله جكرالوي" دَوْرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في فهم القرآن الكريم.

فرِّق تَسد

احتلَّ الإنجليز الهند في تاريخ 1857 مـ وقتلوا الآلاف مِن المسلمين، ودسُّوا رجالَ الكنسية بين المسلمين، ونَشَروا الخلاف بينهم، وأشعلوا نار الفتن فيهم، وروَّجوا آراءَ الفِرَقِ الضَّالة على أنَّها أفكارٌ جديدةٌ أو عقيدةٌ إسلاميَّةٌ، وفي هذا الجوِّ ساعدوا القرآنيِّين، فأصبح القرآنيُّون خدمًا لهم، حتَّى أنهم عملوا بسياستهم الخبيثة ألا وهي "فرِّق تَسد".

أخذ الصَّحابة رضي الله عنهم والسَّلف الصَّالح الأحكام الإسلاميَّة مِن القرآن والسُّنة، وقَبِلُوا السُّنة مصدرًا ثانيًا للإسلام، وتعلَّموا منها تفسيرَ وتفصيلَ القرآنِ، كعدد ركعات الصَّلوات ونِصاب الزكاة، وكيف يؤدَّى الحجُّ؟ وكثيرًا مِن الأحكام أخذوها مِن السُّنة المطهَّرة.

ولو لم تكنِ السُّنة المطهَّرة موجودةً لا يَستطيع المسلمون فَهْمَ أغلب القرآن الكريم، ولا يَستطيعون أن يؤدُّوا الصَّلواتِ والزكاةَ والحجَّ، ويكون الإسلام دينًا غير مفهومٍ؛ لأجل هذا قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِم﴾ [النحل:44].

- آراء القرآنيين وأجوبتها:

أولا: ادعاؤهم أنَّ القرآن يكفينا

هم يدَّعون أنَّ كلَّ شيءٍ موجودٌ في القرآن، وهو يكفينا، والمسلمون لا يحتاجون للسُّنة المطهَّرة، يقول عبد الله جكرالوي: "إنَّ الكتاب المجيدَ ذَكَرَ كلَّ شيءٍ يُحتاج إليه في الدِّين مفصَّلًا ومشروحًا مِن كلِّ وجهٍ، فما الدَّاعي إلى الوحي الخفيِّ، وما الحاجة إلى السُّنة" [انظر: القرآنيون وشبههم حول السُّنة لخادم حسين إلهي بخش:210 ومجلة إشاعة القرآن ص:49 العدد الثالث عام 1902].

الجواب

القرآن الكريم أصلٌ والسُّنة أساسٌ، القرآن الكريم يتحدَّث عن الأُسُسِ الإسلاميَّة إمَّا إجمالًا وإمَّا تفصيلًا، مَن يدَّعِ أنَّه يحتوي على كلِّ المسائل فهو إمَّا لم يَقرأ القرآن، وإمَّا لم يفهمه أصلًا مع قراءته.

إنْ صحَّ ادِّعاء عبد الله جكرالوي في عدم الاحتياج إلى السُّنة المطهَّرة فليذكر أتباعه لنا إلى أيِّ شيءٍ الأمَّة تَرجعُ لتأدية الصَّلوات الخمس؟ فكيف لنا أن نعرف عدد ركعات صلاة الفجر والظُّهر والعصر والمغرب والعشاء؟ وماذا يقرأ المصلي في القيام والركوع والسُّجود والقعود؟ وما هو نصاب زكاة الإبل والبقر والغنم؟ وكيف يَطوف الجاحُّ حول الكعبة؟ ولماذا يَطوف سبعة أشواطٍ؟ فليقل لنا أتباعه مِن أيِّ آيةٍ نأخذ هذه الأحكام؟

القرآن الكريم على الأعمِّ الأغلب يُجمل الأحكام ويترك تفصيلها للسُّنة المطهَّرة، وفي بعض الأحكام كالميراث يفصِّلها ويبيِّنها تبيانًا شافيًا؛ لأجل هذا قال الله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الحشر:7].

ثانيًا: ادعاؤهم بأنَّ السُّنة ليست وحيًا

القرآنيون يدَّعون أنَّ السُّنة المطهَّرة ليستْ وحيًا بل أقوالٌ وأفعالٌ تُسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال عبد الله جكرالوي: "إنَّا لم نؤمر إلَّا باتِّباع ما أنزله الله تبارك وتعالى بالوحي ولو فرضنا جدلًا صحَّة نسبة بعض الأحاديث بطريقٍ قطعيٍّ إلى النَّبيِّ، فإنَّها مع صحَّة نسبتها لا تكون واجبةَ الاتباع لأنَّها ليست بوحيٍ منزَّل مِن الله عزَّ وجلَّ" [انظر: القرآنيون وشبههم حول السُّنة لخادم حسين إلهي بخش: 214 و نقلا عن إشاعة السنة 19/219 سنة 1902].

الجواب:

الرسول صلى الله عليه وسلم لم يَنطق عن الهوى وبلَّغ القرآن الكريم للنَّاس وبيَّنه وطبَّق أحكامه كما أمره ربُّه، ولنفرض جدلًا أنَّه لم يُراعِ هذا الأمر على أكمل وجهٍ يقول الله تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ [الحاقة:44 – 45- 46].

إن لم تُوجد له سلطة التَّحليل والتَّحريم لأخذه الله، فهل أخذه الله؟ لا، هل حرَّم وأحلَّ؟ نعم، إذن بيَّن وفسَّر وأحلَّ وحرَّم بالوحي، ويظهر مِن الآية السَّابقة أنَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم قال وفعل موافقًا بمراد الله عزَّ وجلَّ، إن لم تكنِ السُّنة المطهَّرة وحيًا فكيف تكون موافقةً بمراد الله؟ وهذا ليس ممكنٌ إلَّا بالوحي، فإنْ لم تكنِ السُّنة المطهَّرة وحيًا لا يمدح الله سبحانه وتعالى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب اقتدائهم به: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ [الفتح:18].

القرآنيون الذين يدَّعون أنَّ السُّنة المطهَّرة ليست بوحيٍ فليجيبونا على هذين الدَّليلين:

-الدَّليل الأول:

قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ﴾ [الحشر:5]، أمرَ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم بقَطْعِ نخل بني النَّضير لأمرٍ استراتيجيٍّ ثمَّ قال اليهود: أفسد محمدٌ أرضنا وقطع نخلنا، ثمَّ أخبر الله عزَّ وجلَّ أنَّ الرَّسول قطعها أو أبقاها فكلُّ ذلك بإذن الله جلَّا وعلا.

أين إذن الله عزَّ وجلَّ في القرآن الكريم؟ الله عزَّ وجلَّ أخبر رسوله عن الإذن بالوحي، فأين هذا الوحي؟ الجواب أنَّ الله تبارك وتعالى أوحى إلى نبيه بطريقين بطريق الوحي المتلو وغير المتلو فثبت الإخبار عن الحادثة بالوحي المتلو وإذن قطع النَّخل ثبت بالوحي غير المتلو.

- الدَّليل الثَّاني:

صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة متوجِّهًا إلى بيت المقدس ستةَ عشرَ شهرًا ونفسه مشتاقةٌ أن تتوجَّه إلى الكعبة، ولكن مع حرصه هذا لم يتوجَّه إليها، قال الله تعالى: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة:144]، فمع حبِّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الشَّديد في التَّوجه إلى البيت الحرم لم يتوجَّه إليه حتَّى جاءه الوحي يبلِّغه في التَّوجه إلى المسجد الحرام، فأين الوحي يا أيُّها القرآنيُّون الذي أمر النَّبيَّ أن يتوجَّه به إلى بيت المقدس أوَّلًا، وهذا هو القرآن لا تُوجد فيه آيةٌ واحدةٌ تُثبتُ أنَّ الأمر أوَّلًا جاء في التَّوجه إلى البيت المقدس، إذن ثبت أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى صلاته ستَّةَ عشرَ شهرًا بالمدينة متوجِّهًا إلى بيت المقدس بالوحي غير المتلو.

ثالثًا: ادعاؤهم أنَّ السُّنة لا تحلل ولا تحرم:

ادَّعى القرآنيُّون أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحلِّل ولا يحرِّم، وإضافةً إلى هذا يقولون أيضًا: إنَّ مَن ادَّعى ذلك فقد أشرك.

الجواب:

القرآنيُّون بقولهم هذا لا يخرجون عن كونهم إحدى هذه الاحتمالات الثَّلاثة:

الأوَّل: إمَّام أنَّهم لا يقرأون القرآن.

الثَّاني: أو يقرأون ولا يفهمون.

الثَّالث: أو يقرأون ويفهمون ولكن يحرِّفون.

كيف يدَّعي مَن يَقرأ القرآن أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحرِّم ولا يحلِّل مع قوله تعالى: ﴿يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ [الأعراف:157]، قال الله عزَّ وجلَّ في هذه الآية ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ أليس المعنى صريحٌ في التَّحليل والتَّحريم، فكيف يدَّعي المؤمن مع هذه الآية أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحلِّل ولا يحرِّم.

وقال الله عزَّ وجلَّ: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾ [التوبة:29]، إنَّ القول بأنَّ تحريم الرَّسول صلى الله عليه وسلم هو نفسُ تحريم ربِّنا تبارك وتعالى كلامٌ لا يَستقيم؛ لأنَّ الله تعالى عطف بينه وبين رسوله صلى الله عليه وسلم بـ (الواو)، و(الواو) في اللُّغة تُفيد المغايرة، فكلام الله تبارك وتعالى إذن صريحٌ بأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يحرِّم ويحلِّل، ومِن ثَمَّ ألم يُعلنِ القرآن الكريم الحرب على مَن لم يَقبل تحريم الله ورسوله؟ فكيف يَستقيم مَن يدَّعي أنَّه مسلمٌ أن ينكر سلطة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التَّحليل والتَّحريم.

رابعًا: ادعاؤهم بأنَّ وصف السُّنة بالوحي يرفعها إلى مستوى القرآن وينزل القرآن إلى درجه السُّنة:

إنَّ القرآنيين يدَّعون أنَّ قَبولَ السُّنة مِن الوحي يرفعها إلى مستوى القرآن، وينزل القرآن إلى درجة السُّنة!

الجواب

القرآن الكريم ليس سنَّةً والسُّنة المطهَّرة ليست قرآنًا، إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم اهتمَّ اهتمامًا كبيرًا في التَّفريق بين القرآن الكريم والسُّنة المطهَّرة طوال تاريخ البعثة، ولم يأذن بكتابة أحاديثه على هامش صحائف الآيات؛ لئلَّا يختلط القرآن بالسُّنة، ثمَّ أَذِنَ صلى الله عليه وسلم بكتابة أحاديثه حينما تكوَّنت في أصحابه ملكة القرآن، وفي أثناء ذلك كَتَبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم الرَّسائل إلى الملوك وأمر أصحابه أن يكتبوا لأبي شاه، ولـمَّا منعت قريش عبد الله بن عمرو بن العاص عن كتابة الأحاديث، ذهب عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرض الأمر، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدُ حِفْظَهُ، فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ، فَقَالُوا: إِنَّكَ تَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا، فَأَمْسَكْتُ عَنِ الْكِتَابِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: " اكْتُبْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا خَرَجَ مِنِّي إِلَّا حَقٌّ " [مسند الإمام أحمد برقم:6510]، ثم جمع الأصحاب بعض أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وخلاصة القول أنَّ كتابة أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم كتابتها كان في بداية الأمر لخوف النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مِن اختلاط السُّنة بالقرآن، ولهذا قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَكْتُبُوا عَنِّي، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ» [مسلم برقم: 3004]، ثمَّ درس أصحابه رضي الله عنهم في مدرسته وبلغوا إلى درجةٍ عاليةٍ في العلم فأصبحوا قادرين على تمييز القرآن من غير القرآن وبعد ذلك أذن الرسول صلى الله عليه وسلم بالكتابة، ثمَّ فرَّق علماء هذه الأمَّة المحمديَّة بين القرآن الكريم والسُّنة المطهَّرة فقالوا:

1- القرآن الكريم معجزٌ نظمًا ومعنًى، أمَّا السُّنة المطهَّرة ليست كذلك.

2- القرآن الكريم متعبَّدٌ بتلاوته، أمَّا السُّنة المطهَّرة فلا يُتعبَّد بتلاوتها.

3- يجوز رواية السُّنة المطهَّرة بالمعنى، وأمَّا القرآن الكريم فلا تجوز روايته بالمعنى.

4- لا يجوز مسُّ المصحف الشَّريف مِن دون وضوءٍ، أمَّا السُّنة المطهَّرة فيجوز مسُّها بدون وضوءٍ.

5- إنَّ نظم القرآن الكريم ومعناه مِن الله، وأمَّا السُّنة المطهَّرة فمعناها مِن الله تبارك وتعالى ولفظها مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يتبع...

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين