ضحايا الاستبداد والمنفذون والمتنفذون: مَن يحاسب مَن؟ ومَن يرعى مَن؟

ضحايا الاستبداد: يحاسبون مَن؟ المنفذين أم المتنفذين، أم الدول، التي تسلّط هؤلاء وأولئك، على الناس؟

قد ينكر المتنفذون مايجري على الضحايا، أو ينكر بعضهم.. فكيف يحاسَبون؟

وقد ينكر بعض المنفذين مافعلوه بالضحايا، فكيف يثبت الضحايا أنهم تعرّضوا للتعذيب على أيدي هؤلاء ؛ لاسيّما إذا ادّعى بعض المنفذين، أنَّ الفاعلين هم غيرهم، من زملائهم، وأنهم هم أبرياء، من الأفعال المُدّعى عليهم بها؟

وقد يموت بعض المتنفذين، الذين أمَروا بالأفعال الإجراميَّة ضدّ الضحايا.. فكيف يحاسب الأموات؟

وقد يموت بعض المنفِّذين، فمَن يحاسبهم مِن الضحايا، بعد الموت؟

وقد يكون بعض المنفذين عساكر مجندين، انتهت خدمتهم في الجيش، أو في دوائر الأمن التي فُرزوا إليها.. فكيف يُساءلون أو يحاسَبون؟

وقد تُغلق السجون التي عذب فيها الضحايا، ويوزّع موظفوها على سجون كثيرة، متباعدة في الدولة.. فكيف يتابع المظلومون معذبيهم، وهم لايعرفون مَن عذبوهم إلى أين انتقلوا؟

وقد يتغيّر بعض ضباط السجن، ويأتي آخرون بدلاً منهم، لم يقترفوا جرائم بحقّ الضحايا، فكيف يفعل الضحايا أصحاب الحقوق؟

وقد تَمرّ على مآسي الضحايا سنوات طويلة، يتغيّر فيها نظام الحكم، كله، بما فيه من ضبّاط وحلاّدين.. فكيف يتابع أصحاب الحقوق، حقوقهم عند ظالميهم؟

وقد يعترف بعض المنفذين، بما فعلوه من جرائم، ويحتجّون بأنهم كانوا ينفذون أوامر، تصدر إليهم من جهات عليا.. ثمّ يحتجّ المتنفذون الذين يصدرون الأوامر، بأنهم كانوا ينفذون أوامر، صدرت إليهم من جهات أعلى منهم.. فكيف يحاسِب الضحايا أولئك المنفذين والمتنفذين؟

في الدول الراقية، التي تحترم مواطنيها وترعاهم، تتحمّل الدولة كلّ خطأ، يرتكبه موظف من موظفيها، بحقّ أيّ مواطن.. وتعوّض المتضرّر تعويضاً مالياً، قد يكون كبيراً جدّاً.. أو تأمر بحبس مرتكب الجريمة، بحقّ المواطن!

فهل يصل عالمنا المتخلف، إلى هذا المستوى من الأداء؟ نرجو أن يحصل ذلك، يوماً ما، وعسى أن يكون قريباً!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين