القومية ودورها في تفكيك وَحدة الأمة الإسلامية(3)

تعاقب الأعراق على الحكم في الأمة الإسلامية

لحكمة إلهية لم ينفرد بحكم العالم الإسلامي عرق معين، بل تداولته الشعوب الإسلامية من عرب وترك وصقالبة وكرد وبربر وفرس، حتى وصلنا إلى العصور الحديثة بفتح القسطنطينية عاصمة البيزنطيين عام 1453م على يد الشاب المسلم محمد الفاتح ولـمَّا يبلغ عمره حينذاك خمسة وعشرين عامًا، وبمراجعة الثقافة العثمانية مثلًا نجد أنها لم تستند إلى العرق أو روابط الدم، بل كان الإسلام سر وجودها وحياتها، ولم يكن العثمانيون في أي وقت يصفون أنفسهم «بالأتراك»، بل يعدون ذلك ضربًا من ضروب التخلف الاجتماعي، أي إن التداول الحضاري والسياسي في الإسلام لم يستند إلى العرق بل استند بشكل أساس إلى رسالة الإسلام، وأعرض هنا بشكل موجز أهم الحكومات التي تداولت حكم العالم الاسلامي وهي من أعراق مختلفة، وحافظت على مقدسات الأمة ونشر تعاليم دينها وإقامة العدل بين الناس.

الخلافة الراشدة (11 - 40هـ / 632 – 661م)

تُسمى أيضا دولةَ الخلفاء الراشدين، وهي أولى دُول الخِلافة الإسلاميَّة التي قامت عقِب وفاة الرسول مُحمَّد صلى الله عليه وسلم سنة 11هـ، (7 تموز سنة 632م)، وكانت المدينة المنورة عاصمتها، وهي دولةُ الخِلافة الوحيدة في التاريخ الإسلامي التي لم يكن الحكم فيها وراثيًّا بل كان قائمًا على الشورى، وكان الخلفاء عربًا(1).

الدولة الأموية (41 - 132هـ / 662 - 750م)

هي دولة بني أمية، وهي ثاني خلافة وأكبر دولة في تاريخ الإسلام، كان بنو أمية أولى الأسر المسلمة الحاكمة، إذ حكموا من سنة 41 هـ (662م) إلى 132هـ (750م)، وكانت عاصمة الدولة في مدينة دمشق، وبلغت الدولة الأموية ذروة اتساعها في عهد الخليفة العاشر هشام بن عبد الملك، فامتدت حدودها من أطراف الصين شرقًا حتى جنوب فرنسا غربًا(2).

الدولة العباسية (132- 656هـ / 750 – 1517م)

الدولة العباسية أو الخلافة العباسية أو العباسيون هو الاسم الذي يُطلق على ثالث خلافة إسلامية في التاريخ، وثاني السلالات الحاكمة الإسلامية(3).

الدولة الفاطمية (297 - 567هـ / 909 – 1171م)

هي إحدى الدول التي نشأت في عصر الخلافة العباسية، وتسمى أيضا بالدوْلَة العُبَيدِيَّة، وهي الوحيدةُ بين دُولِ الخلافةِ التي اتخذت من المذهب الشيعي الإسماعيلي مذهبًا رسميًّا لها، شملت الدولة الفاطميَّة مناطق واسعة من المغرب إلى مصر، ثُمَّ توسَّع الفاطميّون أكثر فضمّوا إلى مُمتلكاتهم جزيرة صقلية والشَّام والحجاز، فأضحت دولتهم أكبر دولةٍ استقلَّت عن الدولة العبَّاسيَّة(4).

وبين مؤرخي المسلمين خلاف كبير حول أصل أئمة هذه الدولة وحكامها: هل هم من آل بيت النبوة أم من اليهود؟

الدولة الأيوبية (569 - 661هـ / 1174 - 1263م)

الأيوبيون أو بنو أيوب هي أسرة مسلمة حكمت أجزاء واسعة من المشرق العربي خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلادي، تأسست الدولة الأيوبية على يد السلطان صلاح الدين الأيوبي في مصر ثم امتد حكمها إلى الشام والحجاز وشمال العراق وديار بكر جنوب تركيا، وإلى شرق ووسط وجنوب اليمن في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين(5).

الدولة المملوكية (648 - 923هـ / 1250 – 1517م)

المماليك هم سلالة من الجنود المسلمين أتراك الأصل، حكموا مصر والشام والعراق وأجزاءً من الجزيرة العربية أكثر من قرنين ونصف من 1250 إلى 1517م، تعود أصولهم إلى آسيا الوسطى قبل أن يستقروا بمصر، من أبرز سلاطينها عز الدين أيبك وقطز والظاهر بيبرس والمنصور قلاوون والناصر محمد بن قلاوون والأشرف صلاح الدين خليل الذي استعاد عكا وآخر معاقل الصليبيين في بلاد الشام، ثم السلطان الشركسي برقوق الذي تصدى فيما بعد لتيمورلنك واستعاد مناطق احتلها التتار في بلاد الشام والعراق ومنها بغداد، والأشرف سيف الدين برسباي فاتح قبرص(6).

الدولة العثمانية (698 - 1342هـ / 1299 – 1923م)

الخِلَافَةُ العُثمَانِيَّة، وتسمى أيضا بالدَّولَة العَلِيَّة العُثمانيَّة، هي إمبراطورية إسلامية أسسها عثمان الأول بن أرطغرل، واستمرت قائمة نحو 600 سنة، نشأت الدولة العُثمانيَّة بدايةً بصفتها إمارة حُدودية تعمل في خدمة سلطنة سلاجقة الروم وترد الغارات البيزنطيَّة عن ديار الإسلام، وبانهيار حكمها انهارت دولة الإسلام الواحدة(7).

مجلة مقاربات، العدد السادس، المجلس الإسلامي السوري

الحلقة الثانية هنا

(1) محمد سهيل طقوش، التاريخ الإسلامي الوجيز، دار النفائس، بيروت - لبنان، 2001، ص (67) وما بعدها.

(2) المرجع السابق، ص (111) وما بعدها.

(3) المرجع نفسه، ص (147) وما بعدها.

(4) المرجع السابق، ص (267) وما بعدها.

(5) محمد سهيل طقوش، تاريخ الأيوبيين في مصر والشام وإقليم الجزيرة، ط 2، دار النفائس، بيروت - لبنان،2008، ص (7) وما بعدها.

(6) أصل المماليك، أطلس التاريخ الحديث، الجزء الثالث، ص (311) وما بعدها.

(7) محمد سهيل طقوش، التاريخ الإسلامي الوجيز، دار النفائس، بيروت - لبنان،2001، ص (339).

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين