حوار مع اللاقرآنيين ( 1-8)

هذا بحث نافع كتبه الأستاذ البحاثة بلال فيصل البحر في الرد على القرآنيين،  ونشره باسم :" الفَنْقَلةُ مع اللاقرآنيين".  والفنقلة – كما هو معلوم - محاورة الخصم بأسلوب فإن قالوا قلنا. وقد استحسنا نشره على موقعنا في حلقات متتابعات.

الحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى. وبعد:

فقد قرأتُ لبعض الدكاترة من (اللاقرآنيين) زعم أنه يأخذ بالقرآن دون السنة، فيقال له ولأترابه اللاقرآنيين على عُجالة من جهة المباحثة:

أخبرونا عن السنة ما هي.؟

فإن قالوا: ليس كما تقولون: إنـها: (فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقوله وتقريره وصفته) فقد ناقضوا الإجماع المستقر وما جرى عليه عمل الأمَّة (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيَّن له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين) الآية.!

فإن قالوا إنـها: فهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم للقرآن.

 قيل لهم: فالمسألة خلافية بينكم وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أفندع فهم من أُنزل عليه القرآن، ونتَّكل على أفهامكم.!؟

فإن قالوا: الشأن في ثبوت السنن وفهم ظواهرها وتفسيرها.

 قيل لهم: هذا مشترك بينكم وبين النُّظّار والباحثين، والحاكم: اللغة والأصول وقواعد النقاد.

فإن قالوا: لا تلزمنا قواعدهم وأصولهم.

 قيل لهم: هذه مكابرة ظاهرة لأن الأصول والقواعد، أساليب مشتركة بين العقلاء، ومن خرج عن حدودها وضوابطها كان تصرفه من جنس العبث الذي يرفع الخطاب معه، فيستوي مع العوام.

فإن قالوا: لنا قواعدنا وأصولنا، طولبوا بإظهارها ودونـهم خرط القتاد، فلم يبق إلا أنـهم يفهمون ظواهر النصوص بأهوائهم دون أصول، فهو من جنس اللعب.

فإن قالوا: الفعل النبوي ليس من سنته التشريعية.

 قيل لهم: خبّرونا عن فعله: هل يخالف القرآن أو يوافقه؟

فإن قالوا: يخالفه، فقد كفروا بالنص والإجماع.

 وإن قالوا: يوافقه، فقد أقروا ببطلان قولهم، وقد قالت السيدة عائشة (كان خُلقه القرآن).

فإن قالوا: فعله غير ملزم الاتباع.

 قيل لهم: أجمعنا على أن فعله تفسير عملي للقرآن ولسنته القولية، فأيهما أولى بالاتباع، تفسيره العملي للقران أم تفسيركم أنتم.؟

فإن قالوا: تفسيرنا كفروا بالنص والإجماع، وإن قالوا: تفسيره عليه الصلاة والسلام، سقط قولهم، على أن من لم يسعه فعلُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلا وسّع الله عليه.!

فإن قالوا: تغيُّر أحوال العصر يقتضي تركَ فعله الذي خرج على مقتضى واقع عصره.

 قيل: لا يخلو فعله أن يكون لعلة في زمانـه أو مطلقاً عن العلة، فالأول يمكن أن يُترك لزوال علة زمانه، والثاني: لا، لما تقرَّر أن الفعل النبوي إذا كان مطلقاً فهو يستوعب الزمان والمكان، فإذا تغيّر واقعُ العصر، لم يلزم منه ترك مطلق الفعل النبوي، وإنما يقتضي تغيّر دلالته على المطلوب بحسب تغيّر الواقع، كالقول سواء.

فإن قالوا: المراد أنه لا يجب به شرع.

 قلنا: تعيين دلالة الوجوب من عدمها مشترك في البحث بين النُّظّار، وقد قال العلامة السَّفَّاريني في موضع من (شرح العمدة): (الفعل النبوي إذا كان في مقام التأسِّي فهو أبلغ من القول).

فإن مثّلوا بنحو واقعة تلقيح النخل، قيل: هذا خارج عن محل البحث لأنه من أفعال الجِبلّة، فلا موقع للتمثيل به هنا، وإن مثّلوا بنحو الرؤية في الصوم، قيل لهم: هذا من باب الوسائل، والكلام إنما هو في المقاصد.!

فإن قالوا: سنته ليست وحياً.

 قيل لهم: ظاهر القران الذي تزعمون اتِّباعه يناقض دعواكم، وكذا الإجماع الذي نقله الحافظ أبو محمد بن حزم، والإمام أبو المظفر السمعاني وغيرهما من أهل الأصول، وعلى التنزل أنـها ليست منه، فقد أجمعنا على أنـها تفسيره للوحي، فعاد البحث السابق: أيهما أولى بالاتباع، تفسير النبي صلى الله عليه وآله وسلم للوحي بفعله وقوله، أو تفسيركم.؟!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين