هل عداب الحمش من العلماء المظلومين الذين ذنبهم حب آل البيت؟

لا زال بعض الناس يدافع عن عداب الحمش، ويعدّه مظلوماً مفترىً عليه، وأن تشيعه هو مجرد حب آل البيت، بالرغم من أن الرجل باح بما يعتقده مما يصادم ذلك الظن أشد المصادمة، فحق أن نتمثل بقول القائل:

نزلوا بمكة في قبائل هاشم=ونزلت بالبيداء أبعد منزل

ولنفكك قضية عداب بإنصاف ودون اعتساف.

*اما كونه عالماً متبحراً، جلداً في البحث، قلَّ أن تجد له نظيرا، فهذا لا نناقش فيه، تشهد على ذلك كتبه ورسائله.

*اما كونه منصفاً متوخياً العدل في كلامه، فمنكر من القول وزور، فهو صاحب هوى وقد يتناقض في سبيل هواه.

فالرجل صرح بلسانه أنه ذكر بعض الروايات بحق الصحابة (لأنها ثقافة أهل السنة ومذكورة في كتبهم) لا لأنه رآها مسندة صحيحة، كما قال عن رواية (دعابة علي)، وهذا منتهى التدليس والتطفيف في الميزان.

فإن القارئ لعداب (المحدِّث الناقد) ينتظر منه أن لا يحتج إلا برواية يراها هو ثابتة صحيحة، ولا ينتظر منه مثل تلك المخارج العرجاء. 

ثم هو قد قلد الحنفية في الزعم بأن عمر رضي الله عنه شرب النبيذ المسكر.

هذا بالرغم أنه لا يبيح التقليد لمجتهد كما يرى نفسه، وقد رددت عليه في ذلك فلجأ إلى القول بأنه يقوّي الروايات الواردة بذلك بمجموعها، بالرغم أنه صرَّح في غير موضع أنه لا يقوي بالشواهد، ويسمي التقوية بالشواهد ترقيعا. 

*اما كون الرجل صاحب تشيع خفيف، أو أنه لا ينال إلا ممن قاتل علياً رضي الله عنه، كمعاوية وعمرو رضي الله عنهما، فكذب بيّن، فالرجل قد ترقَّى إلى أبي بكر وعمر، وصرح بكل جلاء (أن ما نحن فيه اليوم نتيجة بيعة الفلتة) وأن عمر مثل غيره من الصحابة الكرام هو (ابن البيئة الأعرابية الجلفة الصلفة) لذلك فهو ليس محطّ الأسوة والقدوة.

*أما كون الرجل لا يعتقد كل عقائد الرافضة، فحق وصدق، لكنه لم ينجُ من بعض أخطر مواقف الرافضة من الصحابة الكرام، كقوله: إن فتوحات الصحابة كانت إبادة جماعية، وأن أبا بكر أخطأ في حروب الردَّة، وأن عمر لم يكن عادلاً في حكمه. 

*أما كونه ضعّف بعض فضائل الصحابة ولا شيء عليه في ذلك!

فنحن إن سلمنا له ذلك تضعيف بعض المرويات لكننا لا نسلم له توظيف ذلك التضعيف لصالح هواه. 

فمثلا : نيله من شجاعة عمر رضي الله عنه، وتضعيف مرويَّات قوته وحصول العزة بإسلامه أراد به ليقلل من شأن عمر ومكانته، بالرغم من علمه الأكيد أنه لو صحَّ ذلك (ولم يصح) فما كل من فُضِّل فُضِّل بشجاعته، بل كل صحابي فُضِّل من زوايا أخرى معينة خصَّه الله بها، قد تكون قوة رأيه، أو حسن فقهه، أو شدة غيرته على الدين ، إلى غير ذلك من أوصاف، وعمر رضي الله عنه حاز قصب السبق في كثير منها. 

وفي النهاية، انا أرى أنَّ عداباً مع ذلك كله له حق الإسلام وحق العلم ، وإذا كنت أدعو للتآخي مع الرافضة فكيف بأمثال عداب؟ فليقصر الذين يردون عليه بالسباب والشتائم، إذا لم يستطيعوا الرد عليه بالبرهان، وليعلموا أنه رجل ابتلاه الله بفهمه، فلا يكونوا عوناً للشيطان على أخيهم. 

تنظر مقالة الورع البارد هنا 

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين