هكذا وُفِّقتْ في صرفه عن الزواج 

أخبرها زوجُها صراحة أنه يريد الزواج 

سألته زوجتٌه بهدوءٍ أجبرت نفسها عليه : هل قصّرتُ نحوك في شيء ؟

قال : لا . لم تقصري في شيء

قالت : هل تشتكي فيّ خلقاً ؟!

قال : أنتِ نِعْمَ الزوجة !

قالت : زوجة لا تشتكي فيها شيئاً ، وتصفها بأنها نِعْمَ الزوجة .. هل تستحق منك هذا العقاب ؟!

قال مستنكراً : عقاب ؟! مَنْ قال إنه عقاب 

قالت : زواجك عليَّ يحزنني ويؤلمني أكثر من أيِّ عقاب آخر 

قال : ما ينبغي لك أن تحزني وتتألمي من أمر أباحه الله لي. 

قالت : أباحه الله لك صحيح . لكنه سبحانه لم يأمرك به .. لم يفرضه عليك. 

قال : هو على أيّ حال سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم. 

قالت : هل فعلت السنن كلها فلم يبق إلا سنةُ الزواج من ثانية ؟! ثم إنَّ سنة الزواج تتحقق بزواج الرجل من امرأة واحدة . . وأنت قمت بهذه السُّنة وحققتها بزواجك مني ، وهذا كلام العلماء وليس كلامي .

قال متأففاً : الحق عليَّ أنني أخبرتك بذلك . كان عليَّ أن أتزوج دون مشاورتك.

قالت : أنت تستشيرني في كل عمل تريد القيام به ، حتى في شرائك حاجاتك . الهاتف الجديد الذي اشتريته أمس أما أجّلت شراءه حتى تأخذ رأيي فيه ؟ ثم تأتي اليوم لتقول إنك تريد أن تخفي عني زواجَك عليَّ ؟

قال : يا حبيبتي والله حيرتيني ! أخبرك فلا ترضين وأخفي عنك فلا ترضين !

قالت : تقول لي حبيبتي ؟ أنا حبيبتك ؟ هل يفعل الإنسان ما يؤذي به من يحبه ؟

قال : متسائلاً : أنا أؤذيك بزواجي ؟ 

قالت : متأثرة : كيف لا تؤذيني بزواجك عليَّ بعد عشرين سنة عشناها معاً في سعادة ووفاق ؟ هل هذا ما تكافئ به من أخلصت لك ، وأفنت حياتها في رعايتك وتربية أولادك ؟!

قال : أنت تعلمين أنني ما كنت لأستطيع الزواج من قبل بسبب نفقات الأولاد وبناءِ البيت وسدادِ الأقساط، أما الآن وقد اكتمل بناء البيت وسددنا جميع الأقساط وكبر الأولاد ...

قاطعته زوجته -وهي تكمل حديثه- بحسرة وألم : وفاض المال بين يديك ولم تعد تجد ما تصرفه عليه صرت تبحث عن امرأة ثانية لتتزوجها وتصرفَ عليها ؟

قال : يا سبحان الله ! هل إنفاقي على زواجي من امرأة ثانية أمر حرام ؟!

قالت : أريد أن أسألك عن شيء. 

قال : اسأليني عمَّا شئت. 

قالت : أتذكر الألم الذي أحسستَ به في معدتك الشهر الماضي ؟

قال : كيف أنساه وقد حرمني النوم ونغّص حياتي !

قالت : وتذكر ما قاله لك الطيب بعد أن فحصك وسألك عن طعامك ؟

قال : طبعاً . أذكر هذا جيداً. 

قالت : ماذا قال لك الطبيب ؟

قال : ذكر لي أن التخمة هي وراء ما أعانيه من آلام في معدتي ، وأوصاني بالحمية ، وكتب لي قائمة ببعض الأطعمة التي يجب أن أتجنبها. 

قالت : وهل فعلت ما أوصاك به الطبيب ؟

قال : طبعاً. 

قالت : وهل شفيت معدتك ؟

قال : نعم والحمد لله ، واختفت الآلام التي حرمتني النوم ونغصت علي عيشتي. 

قالت : زواجك عليَّ سيؤلمني كما آلم معدتَك ملؤها بالطعام . زواجك سيحرمني النوم كما حرمتك النومَ آلام معدتك . أليس الطعام الزائد الذي كنت تأكله حلالاً ومع هذا تركتَه واستغنيتَ عنه حين علمتَ أنه يسبِّب لك آلاماً في معدتك ..كذلك زواجُك الثاني حلال ، نعم ، لكنه سيؤلمني ويحزنني وينغّص عيشي .. فهل معدتك أغلى عندك مني . إذا كنت تحبني حقاً فأرجوك ألا تتزوج ...

وهنا سالت الدموع غزيرة على خدَّيْ الزوجة وخنقتها العبرات وما عادت تستطيع مواصلة كلامها ، ولم يجد الزوج نفسه إلا وقد قام إلى زوجته يمسح دموعها ويكفكف عبراتها وهو يقول لها : أقسم لك يا حبيبتي أنني لن أتزوَّج عليك أبدا...

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين