ضبطُ السياسة ، بالدين ، واجب.. وتوظيفُ الدين لخدمتِها ، منكَر!

راجت مقولة شيطانية ، من سنوات ، عدّة ، هي : لا سياسة في الدين ، ولا دين في السياسة !

وترجمتها ، إلى الواقع ، تعني - بكلّ بساطة - أنّ المتدّين ، لايجوز، أن يعمل في السياسة..وأنّ السياسي ، يجب أن يبتعد، عن الدين، وعن سائر مايَمتّ إليه، بصلة ، حين يمارس العمل السياسي !

وبمعنى أشدّ وضوحاً: كلّ سلوك سياسي نظيف، مرتبط بالدين، أو بالخُلق الكريم، مرفوض ، لدى مروّجي هذه المقولة الخبيثة ! وبالتالي : كلّ تفكير نظيف ، يوصِل ، إلى السلوك السياسي النظيف ، مرفوض ؛ بلْ محّرم ، بلْ مجرّم ، لدى أصحاب هذه الفلسفة البائسة !

والنتيجة : أن تصبح السياسة ، مستنقعاً قذراً ، لا مكان فيه ، لأيّ عنصر نظيف، ذي خلق كريم ! وبالتالي : هو مقصور، على الحشرات ، الصغيرة والكبيرة .. وعلى المخلوقات ، التي تستطيع العيش ، في المستنقعات ! ومَن أراد العيش فيه، عليه أن يكون حشرة ، أو تمساحاً ، أو نحو ذلك !

لاندري ، من أين جاء أصحاب هذه الفلسفة ، بها ! فسيّدُهم ، الذي علّمهم القاعدة، التي يتعاملون بها : الغاية تبرّر الوسيلة .. هو، ذاتُه ، يَنصح أميرَه ، بأن يتعامل، مع شعبه ، تعاملاً طيّباً ، وأن يمارس الأعمال النبيلة ، التي تُكسبه حبّ شعبه ورضاه ، إلاّ في حال تهديد الحكم ، من قِبل جهة معيّنة ؛ فيحب التعامل معها، بلا رحمة ! وبَعد أن يبطش بها ، يعود ، إلى الأخلاق الكريمة ، في التعامل ، مع شعبه ، وتأمين سائر وسائل الراحة ، لهذا الشعب .. وتوظيف كلّ وسيلة ، تحقّق أهدافه ، في حماية كرسيّ حكمه ، من ناحية .. والمحافظة ، على رضى شعبه، من ناحية ثانية !

فهل سَبق أصحابُ هذه الماكيافيلّية ، أستاذَهم ، وانتقلوا ، إلى مرحلةِ ما بعدَ الماكيافيلّية ، وهي المرحلة ، التي ليس فيها ، أيّة قيمة خُلقية ، ممّا تعارفَ عليه البشر الأسوياء ؛ بله القادة ، المسؤولين، عن قيادة شعوبهم ، بالعدل والإنصاف والرحمة !

ولن نتحدّث ، هنا ، عن التديّن المزيّف ، الذي يمارسه كثير، من الحكّام والساسة، على أنه وسيلة ، لخداع الشعوب ، ويوظّفونه ، عبر ممارساتهم الخاصّة ، وعبر الاتّكاء ، على علماء السلطة ، الذين يبيعون دينَهم ، بعَرَض من الدنيا ، زهيد .. أو أولئل ، الذين يَبيعون دينَهم ، بدنيا غيرهم !

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين