التعليم في المناطق المحررة آلامٌ . . وآمال(2)

في منتصف عام /2014/ شُكّلت وزارة التربية في الحكومة السوريّة المؤقّتة، وبدأ عملها بتاريخ: 4/6/2014، وتسلّم الوزارة الدكتور محي الدين بنانة، بدأت الوزارة بتأسيس مديريات مركزيّة للتربية في المحافظات، بلغ عددها /9/ مديريات، في: حلب، إدلب، حماة، اللاذقيّة، دمشق، ريف دمشق، حمص، درعا، القنيطرة، يتبع لها /35/ مجمّعًا تربويًّا.

وبدأ العمل على ضبط سير التعليم واعتماد التخطيط المركزيّ ممّا ساهم في تعزيز العمليّة التعليميّة، وساهم في بناء شراكاتٍ مع الجهات الداعمة، وتوجيه الدعم لِـمَواطن الحاجة، والرقابة على جَودَةِ التعليم ومؤسساته وانضباطه بالقيم التربويّة والعمليّة.

وتشير إحصاءات وزارة التربية إلى أنّ أعداد الطلاب الذين تُشرِفُ عليهم في الداخل السوري المحرّر /700/ ألفِ طالبٍ وطالبةٍ في /2280/ مدرسةً، حيث بلغ عدد الطلاب المتقدّمين لامتحانات الشهادة الثانويّة دورة عام /2017م/: /13600/ طالبٍ وطالبةٍ, ولشهادة التعليم الأساسيّ: / 13700/.

وبحسب إحصائيات الوزارة فإنّ عدد الذين حصلوا على شهادة التعليم الثانويّ في الدورات الامتحانيّة السابقة /45000/ طالبٍ، و /96000/ طالبٍ حصلوا على شهادة التعليم الأساسيّ... وعلى الرغم من كلّ الجهود التي تُبذَل إلا أنّ حوالي 55 % من طلاب وطالبات المناطق المحررة من مختلف المراحل الدراسيّة لا يزالون منقطعين عن تعليمهم، ولذلك فإنّ هناك حاجة ملحّة لتضافر الجهود الدوليّة، ولا سيما العربيّة والإسلاميّة منها لمنع المزيد من التدهور في قطاع التعليم، والعمل على تعافيه والنهوض به؛ باعتماد الدعم المستدام.

وبخصوص الاعتراف الدوليّ بالشهادات الممنوحة للطالب السوريّ تعمل وزارة التربية على توفير الغطاء الشرعيّ للاعتراف بالشهادات الصادرة عنها وإعطائها مصداقيّة دوليّة من خلال إخضاع العمليّات الامتحانيّة للمعايير الدوليّة، وذلك لضمان مستقبل الطالب الذي حصل على الشهادة الثانويّة، فبحسب وزارة التربية أمام الطالب فرصٌ عديدةٌ لإكمال دراسته الجامعيّة، منها في الداخل السوريّ المحرّر حيث يمكنه التسجيلُ في كليات جامعة حلب في المناطق المحرّرة وجامعة إدلب وجامعة الشام العالميّة، ويمكن للطالب أن يكمل دراسته في معاهد إعداد المدرّسين، أمّا فيما يتعلق بإكمال دراسته خارج سوريا فتؤكّد وزارة التربية أنّ الجامعات في تركيا جميعها تعترف بالشهادة الصادرة عنها؛ فيمُكِنُ للطالب أن يسجّل في تركيا، كما يمكن أن يُكمل دراسته في عددٍ من دول الاتحاد الأوربيّ كفرنسا وألمانيا وغيرهما.

تحدّيات.. وحلول:

معوّقات التعليم وتحدّياته في مناطق سيطرة الثوار كبيرةٌ وخطيرةٌ، من أهمّها الظروف الأمنيّة الصعبة بسبب تعرض المدارس للقصف من قبل النظام وحلفائه ممّا يتسبب دائمًا بوقوع ضحايا بين الطلاب والمدرّسين؛ فيؤدّي إلى عدم توافر أماكن آمنة للتعلّم، وخوف الأهالي على أبنائهم الذي يمنعهم من إرسال أبنائهم إلى المدارس، حيث يضطرُّ القائمون على التعليم لاستخدامِ الأقبيةِ والملاجئ التي لا تتوافر فيها ظروفٌ تعليميّةٌ مناسبةٌ.

ومن التحدّيات عدم وجود التمويل الكافي للعمليّة التعليميّة، فما تقدّمه المنظمات الداعمة يلبّي أقلّ من 50 % من احتياجات العمليّة التعليميّة، بحيث نجد رواتب المدرّسين لا تتجاوز /100/ دولار إن وجدت؛ الأمر الذي يجعل المعلم مضطرًّا لأن يعمل أعمالًا إضافيّة لإعالة أسرته، مما يؤثر سلبًا على استقرار العمليّة التربويّة وعلى مستوى جَودة التعليم.

ومن المعوقات ما يتعلق بتأمين مراكز التعليم ومستلزماتها وتجهيزها وتأهيلها، إذ بسبب دمار أكثر المدارس ونزوح أعدادٍ كبيرةٍ إلى المخيّمات نجد أنّ معظم المراكز لا تتوافر فيها ظروف البيئة التعليميّة المناسبة، فهي عبارةٌ عن ملاجئَ أو كهوفٍ أو خيمٍ غير مهيّئةٍ للعمليّة التعليميّة.

وكذلك نجد أنّ أعداد الطلاب المتسرّبين تبلغ نسبا خطيرة تفوق 50%، إضافة إلى وجود نسبةٍ مرتفعةٍ من الطلاب المنقطعين عن التعليم بشكل تامٍّ وخاصةً في المناطق التي كان يُسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابيّ، فقد انتهج التنظيم سياسة متمّمةً لسياسة النظام في حربه على التعليم حيث منع التعليمَ نهائيًّا، ويتراوح عدد سنوات انقطاع الطلاب في مناطق سيطرته ما بين سنتين إلى خمس سنوات.. وهذا يتطلّب إعدادَ مناهج خاصّة للمنقطعين، وتدريب معلّمين متخصّصين بهذه المناهج لتعويض نقص السنوات الدراسية لدى الطلاب ليعودوا إلى تعليمهم النظاميّ.

وإذا أردنا النهوض بواقع العمليّة التعليميّة والعمل على استدامة التعليم لا بدّ من العمل على سدّ النقص في الكادر التعليميّ المتخصص، والحفاظ على المعلّم وذلك من خلال تأمين المنح الماليّة المستمرّة والمناسبة له لتساعده في استقراره ليتفرّغ للعمل التربويّ. كذلك يجب العمل على تأهيل المعلّمين المتطوّعين، وتطوير مراكز التعليم وتجهيزها بالوسائل التعليميّة والأجهزة التقنية، وتفريغ الإدارة التعليميّة والتربويّة لمتابعة العمليّة التربويّة وفق الخطط السليمة التي تعتمد الجَودَة في التعليم، وهذا يوجبُ على الجهاتِ العربيّة والدوليّة أن تكون على قدر المسؤوليّة الأخلاقيّة والإنسانيّة -وخاصة هيئات التعليم الكبرى في العالم كاليونيسيف واليونسكو- لتأخذ على عاتقها دعمَ التعليم في سوريا بشكل عامٍ، واعتماد الدراسة في المناطق المحررة؛ للحفاظ على الجيل من خلال إعداد الوثائق والتشريعات وتوقيع اتفاقات وتفاهمات تحافظ على حقوق الطالب السوريّ.

المصدر: العدد الثالث من مجلة مقاربات التي يصدرها المجلس الإسلامي السوري

الحلقة الأولى هـــنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين