فلنقتبس فقه السياسة الشرعية ، من رسول الله !

في غزوة الأحزاب ( الخندق) :

النبيّ فاوض بعض حلفاء قريش ، من قبائل العرب ، الذين كانوا يحاصرون المدينة المنوّرة : بأن يمنحهم ثلث ثمار المدينة ، لقاء تحييد سيوفهم ، فحسب ، ليكسب الزمن ، وليصفّي حسابه ، مع قريش ، منفردة ! وشاور زعيمَي الأوس والخزرج ، سعدَ بن معاذ ، وسعدَ بن عبادة ، في هذا الأمر، فلم يوافقا ، عليه ، وقالا: كنا في الجاهلية ، ولم يكن هؤلاء ، يحصلون منّا على تمرة واحدة ، إلاّ قِرى ، أو شراءً ، أفنعطيهم ، الآن ، أموالنا ، وقد أعزّنا الله بالإسلام ؟ والله ، لا نعطيهم إلاّ السيف ! فلمّا رأى النبيّ ، حماسة الانصار، للدفاع عن المدينة ، لم يضغط عليهم ، لقبول رأيه ، بلْ قال : رأيت العرب رمَتكم ،عن قوس واحدة ، فأردت أن أخفّف عنكم !

في صلح الحديبية :

في أثناء كتابة عقد الصلح ، وقد جاء فيه : هذا ما عاهدَ عليه محمد رسولُ الله ، سهيلَ بن عمرو .. طلبَ سهيلٌ ، من النبيّ ، أن يمحو صفة (رسول الله) ، من وثيقة الصلح ، قائلاً : لو اعتقدتُ ، أنك رسولُ الله ، لما قاتلتك ..امحُها، واكتب اسمَك واسمَ أبيك ! فطلب النبيّ ، من عليّ ، أن يمحوها ، فامتنع عليّ ، فطلب النبيّ ، منه ، أن يدلّه عليها ، ثمّ مَحاها النبيّ ، بإصبعه ؛ وذلك ، لإنجاز الصلح ، الذي سمّاه الله : فتحاً مبيناً ؛ إذ فُتحت ، أمام النبيّ، أبوابُ الجزيرة العربية ، ليدعو، كما يشاء .. وأرسل مبعوثيه ، إلى قادة العالم ، يدعوهم إلى الإسلام !

الفئات الثلاث ، في دولته : اليهود والمنافقون والأعراب :

كان في دولته ، فئات ثلاث ، لكلّ منها وضع خاصّ ، وقد تعاملَ ، مع كلّ فئة ، على ضوء التوجيه الربّاني ، والواقع ، الذي كان سائداً !

أقرّ، لليهود ، بحقوق المواطنة ، في دولته ، كما ورد في صحيفة المدينة ، وحفظ هذه الحقوق ، حتى نقضَها اليهود، بأشكال عدّة : إذ تآمرت قريظة ، مع قريش ، في غزوة الخندق ، فعامَلها ، بما تستحقّ ! وغدَرَ اليهود الآخرون ، بعضُهم ، بالتآمر على قتله ، وبعضُهم ، بالاعتداء على بعض المسلمين ، فحاصرهم ، وأجلاهم !

أمّا المنافقون ، فكانوا شديدي الأذى ، للنبيّ ، والمسلمين ، من حيث : نشرُ الفتن ، والشائعاتِ الكاذبة ، والإرجاف في المدينة ، وغير ذلك .. برغم إظهارهم الإسلام ! وعاملهم النبيّ ، معاملة خاصّة ، وفق التوجيهات الربّانية ، التي ذكرت بعض أفعالهم وصفاتهم ، في القرآن، ولم يقتلهم؛ كيلا يقول الناس : إنّ محمداً يقتل أصحابه!

وأمّا الأعراب ، فكانت لهم طبائع خاصّة ، تعاملوا ، من خلالها ، مع النبيّ والمسلمين ، وعاملهم النبيّ ، معاملة، تختلف ، عن معاملته لليهود والمنافقين ، وفق التوجيهات الربّانية ، الواردة في القرآن !

وقد سَنّ النبيّ ، في السياسة الشرعية ، سُنناً ، للمسلمين ، تضيء لهم ، سُبل التعامل ، مع الآخرين ، في السلم والحرب .. تعَدّ نبراساٌ ، للعاملين ، في مجال السياسة الشرعية ، على اختلاف الأزمنة والأمكنة !

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين