كيفية التوفيق بين حقوق الوالدين وحقوق الزوجة

 

 

سئلت ماذا يفعل الزوج عندما تتعارض مصلحة الوالدين مع مصلحة الزوجة ؟

وفي حال ما إذا طلبت الأم من ولدها أمراً وفي نفس الوقت طلبت الزوجة أمراً بخلافه فأيهما يقدم ؟

#الجواب :

هنا قضيتان :

القضية الأولى :

بِر الوالدين وهو فرض لازم على الزوج، إذا أمرته أمه أو أمره أبوه في غير معصية من معاصي الله عز وجل وجب عليه أن يطيع .

القضية الثانية :

الزوجة لها حق حسن العشرة .

ينبغي للزوج أن يوازن بين رأي الأم ورأي الزوجة فلا تخلو القضية من حالتين : 

1- إما أن تكون قضيةً شرعيةً قد فصل الله ورسوله في حكمها فلا خيار للأم ولا للزوجة، بل يطبق ما أمر الله بتطبيقه، إذا وقفت في الخيار وكان الخيار في قضية شرعية واجبة أو نهي عنها، فقدم أمر الله وشرع الله سواءً كان مع الأم أو كان مع الزوجة.

2- الحالة الثانية: 

أن يكون في القضايا التي وسع فيها كفضول الأمور، فحينئذٍ بِر الوالدين فرض لازم وقد تعارض بِرٌ واجبٌ مع أمر قد يكون من المستحبات كالإحسان إلى الزوجات، فلو فرضنا أن أماً دعت ابنها في عصر ذات يوم إلى أن يأتيها لقضاء حاجةٍ تحتاجها وقالت المرأة: إنها تريده لأمر ما من الفضول كالخروج في نزهة ونحوه من فضول الأمور، فحينئذٍ لا إشكال في أنه يقدم بِر الوالدة وطاعتها على تلك الزوجة؛ لأن الله تعالى أوجب على الإنسان أن يبر والديه وهذا فرض، وأما الإحسان في العشرة فإذا لم يصل إلى مراتب الفروض والواجبات فحينئذٍ لا إشكال في تقديم غيره عليه كما قرر العلماء ذلك في المسألة المعروفة بازدحام الفروض، يعني: إذا اجتمع فرضان أيهما يقدم؟ 

فالمقصود أنه إذا كانت هذه الأمور من الأمور الموسعة فيقدم بِر والدته على حق زوجته.

أما إذا كانت من الأمور الواجبة كأن تحتاج المرأة أمراً واجباً عليه كالنفقة والسكنى ونحو ذلك، فحينئذٍ لا إشكال فإنه يلبي حق زوجته الواجب 

لأنه يبر والدته في غير معصية الله؛ وهو إذا برها في هذه الحالة التي يضيع فيها حق الزوجة، كان في هذه الحال مطيعاً للأم في معصية الله .

#والخلاصة : 

التوفيق بين حق الأم وبين حقوق الزوجة يحتاج ذلك إلى زوج حكيم يستطيع الفصل بينهما .

وعلى الزوجة كذلك أن تكون حكيمة بأن تعرف نفسية والدة زوجها، فمن طبيعة المرأة التي هي دائمة الارتباط بغيرها، تحب أن تعيش في كنف الرجل وتحت رعايته، ومن ثم فهي ترتبط بابنها ارتباطاً قوياً، وتريد أن تمتلكه ويكون لها وحدها، ويعز عليها أن تحظى امرأة أخرى غيرها بعاطفة ابنها، فهي التي حملته في بطنها وسهرت الليالي الطويلة إلى جانبه ترعاه وتقوم على أمره، ولا نستطيع أن نغفل هذه المشاعر التي يفيض بها قلب كل أم.

وهنا فعلى الزوجة أن تتفهم جيداً هذه المشاعر والأحاسيس، بل قد تتأكد من هذه الحقيقة بأن تنظر إلى مكانه ابنها الصغير في قلبها ومدى علاقتها به، وأن تتخيل يوماً أن فتاة صغيرة سوف تسلب قلبه ومشاعره!! وإن كانت ليس لديها أولاد فلتنظر إلى حنينها إلى ذلك الطفل الذي تنتظره ويملأ قلبها بحبه على الرغم من أنه لم يأت إلى الوجود بعد.

وفي المقابل لابد أن تدرك كل أم أن الأمومة لا تعني أبداً امتلاك الأبناء، بل هي العطاء الذي لا ينقطع أبداً وهي سبل سعادة الأبناء لا سبيل تعاسة وشقاء، فالابن عندما يتزوج قد دخل مرحلة جديدة من الحياة والتي لها ظروفها الخاصة، وأصبح من حقه أن يكون له بيت مستقل، وحياة زوجية خاصة، وهذه هي سنة الحياة. 

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين