هل الشرعيون من أسباب انتشار ظاهرة الإلحاد والردة؟ (1)

كتب أحد الأساتذة الشرعيين هذه الكلمة :

قال مُحدِّثي: هناك ظاهرة ردة وإلحاد في الدول الإسلامية.

قلت له: نحن الشرعيين سببها الرئيس، لو كنا قدوة وتخلّقنا كما أمرنا الله، وبلّغنا الدِّين بثقافة هذا الزمان بعد أن ندرك واقع الناس وظرف الأمة.. لما حصل ما حصل.

ثم أضاف: 

أتكلم عن ردة في الدول الإسلامية عامة!! 

فلو تأملت حال الشرعيين دون حصر بفرقة منهم أو بلد وبنفس العموم المقصود وضمن الضوابط المذكورة: 

شرعي حقيقي

التخلق اللائق لنكون قدوة

التبليغ

التبليغ بثقافة الزمان 

إدراك واقع الناس بكل ملابساته!!..

إدراك واقع أمته بين الأمم، ودولته بين الدول...

سيكون برأيي الكلام أكثر قبولا..

وأستغل الفرصة لأزيد:

لا أرى الشرعيين يصلحون لإصلاح ما أفسده الدهر ما لم:

1- يعترفوا بما ذكرت ويبكوا على خطيئتهم

2-إعادة بناء الشخصية الشرعية لتكون قدوة سلوكية وتتحلى بالفهم السديد لشرع الله وتحسن تنزيله على واقع الناس وبلسانهم (ثقافتهم) بكامل الوعي والقدرات القيادية الحقيقية.

3-ومن المؤكد أن الجمهور لن يقبل توبتهم مباشرة فيحتاجون فترة من الصبر ليستوثق الجمهور من قدراتهم، ويعيد تقييمه لهم، ثم ينطلقون من جديد. 

طبعا عندما أتحدث عن الشرعيين فأنا أتحدث عن ظاهرة، لا أقصد كل واحد منهم!! والكلام واضح طبعا ولا أدري ما فائدة تجاهل وضوحه بدلا من مناقشة الفكرة لعلها تكون عونا في تلمس أسباب النهضة. وما أحوجنا لذلك.

هذا تحليل جزئي وسطحي لما ذكرته لا يمكن التوسع أكثر، وهو قناعة شخصية على كل حال.

فأجاب عدد من الإخوة على هذه الكلمة، وعقبوا عليها :

وأنشر أجوبتهم وتعليقاتهم حسب ما وصلتني؛ ليستفاد منها في هذا الموضوع .

أجاب الأخ الدكتور فاضل سليمان: 

لا أوافق على جعل الشرعيين السبب الأساس، لكن بالتأكيد هم من ضمن الأسباب. 

المسألة أكبر بكثير وأكبر من مسالة ردة عن الدين 

نحن أمة مهزومة سياسيا وعسكريا وحضاريا و.. و.. و.. و.. 

الشباب في سنِّ صغيرة يطلعون على ما هو في الخارج من تقدم وعدل ونظافة و.. و.. و.. 

فهناك موجة لرفض الانتماء لهذه الأمة سواء لدينها أو لغتها أو حتى كرتها 

ألا تلاحظ انتشار موجة تشجيع الاندية العالمية وانحسار تشجيع الأندية المحلية؟

ألا تلاحظ محاولة الشباب الظهور بمظهر من لا يستطيع الكلام بالعربية وأن الانجليزية أسهل له مع أنه لم يركب الطائرة ولا مرة في حياته

المسألة هي ضياع هُوية كاملة لا يعالجها إلا نهضة تجعل الشباب يعتز بهويته.

الردة صارت ظاهرة فعلا في مجتمعات كثيرة.

الإلحاد له أسباب عديدة سأتحدث عنها بإذن ? في ثلاث حلقات من برنامج ذكرة وعبرة.

وعندي حلقة هذا العام عن علاقة الردة بالتشدد. 

??? من حالات الردة التي عرضت علينا في مؤسسة جسور خلال الـ?? سنة الماضية من خلفية سلفية (في التصوير سأقول خلفية متشددة حتى لا أجرح مشاعر أحد).

و السبب الرئيس هو فهم النصوص بحرفيَّة. 

فهذه الحرفية تجعل الانسان متشددا أو ملحدا.

عندي حلقة أقارن فيها بين الملحد في الغرب الذي تغلب عليه الثقافة والملحد في الشرق الذي يغلب عليه الجهل.

المشكلة فينا كشرعيين أننا لا نستطيع منازلة هذه المشكلة وفورا ننبري للدفاع عن أمتنا في وضعها الحالي بدلا من الاعتراف بالوضع.

وأجاب فضيلة الدكتور الشيخ صلاح الدين الإدلبي: 

لا شك عندي في أننا نتحمل جزءًا من السبب لما تفضلت بذكره، ولغير ذلك.

عندنا مشاكل مُشكَّلة - بتشديد الكاف-.

لا يحاسبنا ربنا جلَّ وعلا على ما لا طاقة لنا به

ولكن يحاسبنا على ما قصرنا فيه مما يمكننا أن نفعله.

وكتب مجد مكي تعليقا على كلام الأخ حول مسؤولية الشرعيين: 

المشايخ وخريجو كليات الشريعة والأئمة والخطباء شريحة من المجتمع . ومنهم ظالم لنفسه، ومنهم مقتصد، ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله .ولا يمكن تعميم الحكم عليهم وتقويمهم بالجملة .

وظاهرة الردة ليست بهذه الكثرة، وإن ساعد على ظهورها وسائل التواصل المتاحة لنشر الفكر والتعبير عن الرأي بحرية دون قيود . ورغم كل الأقوال الشاذة والأفكار المنحرفة التي تطفو على السطح إلا أنها ليست بهذه الكثرة وليست ظاهرة . .

وعلق الأستاذ إبراهيم إسماعيل : 

الإلحاد أنواع أشهرها إنكار وجود الخالق المدبِّر سبحانه وهو أقلها في بلادنا.

بيد أن أكثر صور الإلحاد عندنا ما يمكن أن نسمِّيه "الإلحاد الاحتجاجي، أو الإلحاد بالنكاية" نتيجة ردة فعل، فهو إلحاد لا ينكر الخالق المدبر حقيقة بقدر ما يعبر عن عدم رضى عن تدبيره سبحانه، أو نكاية بالمجتمع أو بعض واجهاته الدينية كوزارات الأوقاف والمفتين المسيسين، الذين يقدمون للناس دين الحاكم لا دين محمد صلى الله عليه وسلم، أو دين الجماعات والفصائل، وبهذا المعنى يمكن القول إن بعض الواجهات الدينية التي تستخدم الدين ولا تخدمه من أسباب انتشار الإلحاد.

وعلق الدكتور صالح المبارك على كلمتي: 

كلام سليم وواقعي وأضيف : هناك شريحة كبيرة في الغرب تسمي نفسها المشككين agnostics هؤلاء يقولون :(لست متأكدا أن الله موجود أم لا) لكني وجدت بعد حوارات مع بعضهم أن أكثرهم لا يبحث عن الحقيقة لأنه يعبد هواه ولو اضطر أن يلتزم بدين لأصبحت حريته مقيدة بتعاليم الدين. لذلك سميت هذا النوع إلحاد الهوى.

وعلق الأستاذ فخري سليم زنجير على كلمة الدكتور المبارك: 

من يريد اتباع هواه في تقديري أنه ليس بحاجة لتأصيل فكري.. أما الذين صادفتهم من الـ agnostics في بلادنا فبعضهم لا يريد البحث عن الحقيقة كما تفضلتم ويكتفي بفكرة اللاأدرية ضمن values system منسجم مع طبيعة حياته وقناعاته الحالية، وبعضهم يبحث عن الحقيقة ومازال يبحث، وبعدهم يعتقد أنه عمل الـ homework وهذه هي الحقيقة التي وصل إليها. 

ملاحظتي على الفرضية التي عندنا: هل كل من يبحث عن الحقيقة بصدق سيصل إلى نفس ما وصلنا إليه بالضرورة؟

فأجاب الدكتور صالح المبارك: 

سؤالك مهم جدا ، والله تعالى يقول: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) لذلك أعتقد أن من بحث عن الحقيقة بصدق وتجرد فسيجدها ولو بعد زمن وعناء.

يتبع

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين