تعريف بكتاب التكوين الفقهي ، للجماعات الإرهابيّة المعاصرة ، المنتمية إلى الإسلام !

 

الرئيس السابق لقسم الفقه وأصوله في جامعة اليرموك-الأردن

مساعد عميد كليّة الشريعة والدراسات الإسلاميّة في جامعة اليرموك-الأردن

(( يتغيّا هذا البحث، الكشف عن طرائق التكوين الفقهيّ، لدى الجماعات الإرهابيّة المعاصرة المنتمية إلى لإسلام، ذلك التكوين المعتمد على ما يأتي:

1) الرؤية القاصرة، والفهم المشوّه، لنصوص الكتاب والسنّة، واجتهادات العلماء الأجلاّء.

2) الحكم بتكفير مجموعات، من المجتمع الإسلاميّ.

3) الحكم بقتل المسالمين، من رعايا الدولة المحاربة.

4) احتكار الصواب، وإجبار الناس عليه، ورفض فكرة الخلاف والاختلاف.

وغيرها من طرائق، أسهمت في تكوين رؤية فقهيّة شاذّة، خارجة عن الإسلام، رؤيةٍ أنتجت تطبيقات سافكة للدماء البريئة، معتدية على الخالق والخلق، مشوّهة للإسلام، مقدّمة إيّاه، على أنّه دين التخريب والقتل والظلم.

وقد خلص البحث إلى نتائج، من أهمّها:

1) إنّ طرائق التكوين الفقهيّ، للجماعات الإرهابيّة المنتمية إلى الإسلام، لا تمتّ إلى الفقه الإسلاميّ بصلة، وهي- على حقيقتها- نتاج خليط من الحمق والجهل، والعمالة لأعداء الأمّة.

2) إنّ خطاب الجماعات الإرهابيّة المعاصرة، المنتمية إلى الإسلام، خطاب معارضٌ للشرع، ذاهلٌ عن مقاصد الدين، مصادمٌ لأصوله، مناقضٌ للعقل، معتدٍ على الإنسانيّة.))

*

هذه من كلمات الباحث، في مطلع هذا الكتاب القيّم، والمهمّ جدّاً، والضروري للأمّة، في مرحلتها الحسّاسة، التي تعيشها اليوم! وهي كلمات تغني عن أيّة إضافة، للتعريف بهذه المجموعات المنحرفة . بيدَ أني، أورد بعض الأفكار، التي قد تلفت نظراً، إلى نقطة ما، هنا، أو تشير، إلى قضية جزئية، هنالك . ومن ذلك، بعض أهمّ الأسباب، التي أسهمت، في تكوين المكوّنات، المذكورة هنا، أو تعزيزها.. ومنها:

1) الظلم الشديد، من قبل بعض الحكّام، وأعوانهم وجنودهم، الذين ينفذون أوامرهم، بطرائق غير سويّة، في كثير من الأحيان، ويبالغون في العسف والظلم، ضدّ مواطنيهم، تقرّباً إلى رؤسائهم، بحجّة المحافظة على أمن النظام! وقد تكون هذه الحجّة - أحياناً - غطاء، لأحقاد شخصية، أو لابتزاز المواطنين، والتباهي بقوّة الدولة التي تناصرهم، أمام هؤلاء المواطنين، الذين يرون صورة النظام الحاكم، من خلال هؤلاء المنفذين الحمقى، أو المجرمين! فيحقدون على الحاكم، الذي يظلمهم، بسلطته، المنفذون الصغار..ويضربونهم، بسوطه، أوسيفه؛ إذ لاجرأة لأيّ من هؤلاء المنفذين، على اقتحام بيتٍ واحد، من بيوت الناس، دون التسلّح بسلطة الدولة! ويكون الخاسر الأكبر، في هذه الحال، الدولة بأسرها.. والحاكمُ الأعلى، ودائرته المقرّبة منه، في مقدّمتها ؛ إذ ينخر المنفذون، كرسيّ الحكم، بتأليب الناس ضدّ الحاكم، عن جهالة، أو سفاهة، أو حقد.. وهم يحسبون، أو يزعمون، أنهم يدافعون عنه!

وواضح، بجلاء، أن ذريعة المنفذين الصغار، الفاسدة - حماية النظام الحاكم - في عنفهم، ضدّ شعبهم .. تعطي ذريعة فاسدة، للإرهابيين، لرفع شعار( الجهاد الإسلامي )، وحمل السلاح، في وجوه أبناء الأمّة، جميعاً، ابتداء من الحكّام، وانتهاء بأصغرمواطن، ينكرعلى هؤلاء، اجتهاداتهم الفاسدة،وسلوكاتهم المنحرفة !

وتهلك الأمّة، بين ذريعتين .. تضاف إليهما، ذريعة ثالثة خارجية، وهي: احتشاد الأمم، ضدّ أمّة الإسلام ؛ لمحاربة الإرهاب .. وهكذا تغدو الأمّة فريسة، لحرب الذرائع!

وإذا كان في الفقه الإسلامي، باب يسمّى: باب سدّ الذرائع، فإنا لن نعجب، هنا، إن لم نجد أحداً، يهتمّ بهذا الباب ؛ لأن المعنيّين بشأن الأمّة، المذكورين، هنا، كلهم، هم من المحترفين، أو الهواة، في اختلاق الذرائع، وفي توظيفها: كلّ بما يخدم مصلحته، أو اجتهاده!

2) إغلاق منافذ الأمل، أمام الأجيال الشابّة، الأمل بأنواعه: السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي.. على المستوى الجماعي، حيناً، وعلى المستوى الفردي، أحياناً .. وحصرُها في الارتباط، بأجهزة الحكم: الأمنيّة، وغيرها!

وهذا، كله، يتجمّع، لدى هؤلاء الشباب، ليجعل منهم: سيوفاً ورماحاً وسهاماً، تخترق صدور أمّتهم، لمصلحة أعدائها، الذين يُهرعون، فرحين، لتوظيف هذه الأسلحة، ضدّ أمّتها، بذرائع شتى، أهمّها: تهمة الإرهاب، التي هي صفة حقيقية، لهؤلاء الشباب، لايسعون إلى تبرئة أنفسهم منها ؛ ممّا يمنح أعداء الأمّة، أروع الفرص، للعبث بها! ولن نخصّ، هنا، الأعداء الأذكياء! فأشدّ الأعداء حماقة، يهلّل، لهذه الفرص الذهبية ؛ لتدمير أمّتنا، بأيدي أبنائها، وباجتهاداتهم الفاسدة! 

3) السعي إلى إثبات الذات، جزء أصيل، في الفطرة الإنسانية! يظهر، حتى في السنوات الثلاث الأولى، من عمره، عبر حركاته وأقواله! فإذا سُدّت أمامه، منافذ هذا السعي، حصل تشوّه، في شخصيته، يلازمه، حتى آخر عمره!

وأنشطة الإنسان، غير المتعلقة ببقاء الحياة: كالطعام والشراب، وسواهما .. تدور حول هذا الهدف: إثبات الذات، عبر السياسة والرياضة والفن، وسواها!

ومازالت الأحزاب السياسية، والأندية: الرياضية والاجتماعية والفنية.. تستقطب أنشطة الشباب، في كل عصر ومصر! فإذا سُدّ باب أحد المجالات، ظلت الأبواب الأخرى، تستهوي النفوس والقلوب، وتستقطب العقول والطاقات!

ولقد كانت الأحزاب السياسية، عامّة، منافذَ، للتعبير السياسي، في مرحلة ما، من عمر الأمّة، في تاريخها المعاصر، وهي مرحلة: المدّ القومي، واليساري ( الشيوعي والاشتراكي ) وغيرها!

وحين أفلست هذه الأحزاب، وفقدت بريقها؛ نتيجة المصائب، التي سبّبتها للأمّة، من: هزائم عسكرية، ونكبات اقتصادية، واختلالات اجتماعية .. لم يجد الشباب، أمامهم، سوى الإسلام، الذي هو: دين أمّتهم، وروحها، ومكوّنها الأساسي.. فاتجهوا نحوه، عبر المنظمات المعتدلة، الداعية إلى تطبيق أحكامه، بعقلانية وحكمة، ووعي واعتدال، ومن خلال إرادة الأمّة، التي تعبّر عنها صناديق الاقتراع!

وحين رأى قادة القوى الغربية (الصليبية والصهيونية) المدّ الإسلامي المعتدل، يجتاح العالم الإسلامي، سعوا، بجهود حثيثة، مع عملائهم المتغرّبين، المحسوبين على الأمّة..إلى إيقاف هذا المدّ، وإغلاق منافذه، وتجفيف منابعه! فظهرت هذه الموجات العنيفة، من المدّ، التي انحرفت عن الفهم الصحيح للإسلام، مكوّنة لنفسها، مسارات جديدة، مشحونة بالأمراض، التي ذكرها الباحث، في بداية بحثه! فكانت هذه المسارات الجديدة، ذاتها، وبالاً، على أمّة الإسلام، تؤذيها، بل تدمّرها، باجتهاداتها المنحرفة، وأفعالها الشاذة.. ثمّ تسبّب لها، دماراً آخر، عبر تأليب العالم، ضدّها! حتى صار الإسلام، الذي جاء رحمة للعالمين، نقمة، في نظر العالم، على العالمين، وبالدرجة الأولى: نقمة على أمّة الإسلام، ذاتها! وما أبدع هذه الهديّة، التي تقدّمها هذه الجماعات المنحرفة، الرافعة لشعارات الإسلام، إلى أعداء الأمّة الإسلامية، من المحسوبين عليها، من: أحفاد أبي رغال ، وابن سلول ، وابن السوداء ، وأضرابهم .. وممّن هم خارجها، من أحفاد : ريتشارد قلب الأسد، والجنرال غورو، وإللنبي، وأضرابهم ..!

تلك هي المسألة! فهل يعيها قادة الأمّة الإسلامية، من: علماء، ومفكّرين، وساسة مخلصين!؟

أزعم، أن هذا البحث، من أهمّ الأسلحة، التي يجب أن تشهَر، في مقاومة المنحرفين ؛ لتعريف الناس بهم، وبحقيقتهم، وبما يجرّونه على الأمّة، من ويلات! وأنه - مع البحث الذي سبقه، للباحث :(مسالك التمكين في السياسة الشرعية)- يغنيان العقلاء، عن المدافع والرشاشات والطائرات، في القضاء على الفكر المشوّه، الذي تهدّد به، هذه الجماعاتُ، أمّة الإسلام، كلها، بالدمار.. بمن فيها أولئك الساسة، الذين يحكمون أمّة الإسلام، وهم معادون لعقيدة الإسلام، في الدول التي نَشر فيها هذا الفكر، أجنحته الخبيثة، وفي الدول المرشّحة لنشر هذه الأجنحة، فيها!

فجزى الله الباحث الكريم، خيراً، وأعانه على تقديم المزيد، من هذه البحوث القيّمة، التي تشكّل حصوناً حقيقية، للعقول والقلوب، ضدّ هجمات الانحراف والمنحرفين، من المحسوبين على هذه الأمّة، وهم أخطر عليها، من سائر أعدائها، الذين عرفتهم عبر التاريخ ! عبدالله عيسى السلامة

انظر كتاب التكوين الفقهي في قسم البحوث والدراسات هــنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين