حكم الوقوف العشرة وغيرها المسماة وقوف جبريل (8)

*من الناحية التطبيقية*

?- ?قُل صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعوا مِلَّةَ إِبراهيمَ حَنيفًا وَما كانَ مِنَ المُشرِكينَ? [آل عمران: ??]

حكم الوقف عند قوله {قل صدق الله}:

(حسن)، عند ابن الانباري، والنحاس، وعبارة الأشموني: (حسن عند بعضهم).

(كاف)، عند الداني، وزكريا الأنصاري.

وفي المصاحف:

وضع رمز (قلى)، في مصحف فؤاد، والسيد عثمان والشمرلي، والكويت، وفهد?، وفهد?، والإمارات.

ورمز (قف) في مصحف الهند. 

ورمز (م) في مصحف المغرب.

والراجح هنا رمز (قلى)، والله أعلم.

?- ?فَبَعَثَ اللَّهُ غُرابًا يَبحَثُ فِي الأَرضِ لِيُرِيَهُ كَيفَ يُواري سَوءَةَ أَخيهِ قالَ يا وَيلَتا أَعَجَزتُ أَن أَكونَ مِثلَ هذَا الغُرابِ فَأُوارِيَ سَوءَةَ أَخي فَأَصبَحَ مِنَ النّادِمينَ? مِن أَجلِ ذلِكَ كَتَبنا عَلى بَني إِسرائيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفسًا بِغَيرِ نَفسٍ أَو فَسادٍ فِي الأَرضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النّاسَ جَميعًا…?

[المائدة: ??-??]

حكم الوقف على قوله: 

{من أجل ذلك}:

قال ابن الأنباري في الإيضاح:

(فأصبح من النادمين) وقف حسن.

وقال قوم لا معرفة لهم بالعربية: الوقف (من أجل ذلك)،

وهذا غلط منهم لأن (مِن) صلة لـ(كتبنا)، كأنه قال: من أجل قتلِ قابيلَ هابيلَ كتبنا على بني إسرائيل...،

فلا يتم الوقف على الصلة دون الموصول.

ثم قال ابن الأنباري: فإن ذهب ذاهب إلى أن (مِن) صلة لـ(النادمين)، والمعنى: فأصبح من الذين ندموا من أجل قتلِ قابيل هابيل، أو إلى أن (مِن) صلة لـ(أصبح)، ينوي بها: فأصبح من أجل قتله أخاه من النادمين، كان الوقف على (من أجل ذلك) جائزًا. والاختيار الأول، أعني الوقف على (النادمين). انتهى كلام ابن الأنباري.

وقال النحاس في القطع والائتناف: 

{فأصبح من النادمين} تمام على قول أكثر أهل اللغة.

وزعم نافع أن التمام: {فأصبح من النادمين من أجل ذلك}،

وهذا قول خارج عن قول أهل التأويل، لأنهم يقولون: من أجل قتل ابن آدم أخاه كتبنا على بني إسرائيل… انتهى كلام النحاس.

وقال الداني في المكتفى: قال نافع: {من أجل ذلك} تمام، فجعل (مِن) صلة لـ(النادمين) أو لقوله (فأصبح).

والوجه أن تكون (مِن) صلة لـ(كتبنا) بتقدير: من أجل قتلِ قابيل هابيل كتبنا على بني إسرائيل. فلا تفصل من ذلك. انتهى كلام الداني.

وقال أبو البقاء العُكبَري في التبيان في إعراب القرآن: 

قوله تعالى: {من أجل} (مِن) تتعلق بـ{كتبنا}، ولا تتعلق بالنادمين، لأنه لا يحسن الابتداء بـ{كتبنا} ههنا. انتهى.

وقال الزركشي في البرهان في علوم القرآن:

ولا يخفى انقطاع قوله {فأصبح من النادمين} عن قوله {من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه...}.

وقال الزركشي: {من أجل ذلك} لتعليل الكَتْب، وعلى هذا فيجب الوقف على {من النادمين}، وظن قوم أنه تعليل لقوله {من النادمين} أي من أجل قتله لأخيه! وهو غلط، لأنه يشوش صحة النظم ويخل بالفائدة.

انتهى. 

وأما المصاحف:

فقوله {من النادمين}

لم يرمز عنده بشيء في مصحف فؤاد، والسيد عثمان، والشمرلي، والكويت، وفهد1، وفهد2، والإمارات، والمغرب.

وانفرد مصحف الهند فرمز بثلاثة رموز معًا!!! (ثلاث نقط رمز التعانق، ج، لا)

وقوله تعالى: {من أجل ذلك}

لم يرمز عنده بشيء في مصحف فؤاد، والسيد عثمان، والشمرلي، والكويت، وفهد1، وفهد2، والإمارات.

ورمز في مصحف الهند برمزين معًا!! (ثلاث نقط رمز التعانق، ج).

وشذ مصحف المغرب فوضع رمز (م)!!!

وأما الحق الصواب: 

فلا يخفى أن قوله {من النادمين} رأس آية، والوقف عندها سنة مؤكدة شرعًا، وواجب عند أهل العربية والبلاغة والبيان.

وأن قوله {من أجل ذلك} متعلق بـ{ كتبنا}،

وأما القول بتعليقه بما قبله، فضعفه واضح، كما تقدم في كلام العلماء، حتى عند من لا يرى سنية الوقف على رؤوس الآي،

بل هو قمين بأن يلحق بالوقوف المتعسفة المغلوطة، والله تعالى أعلم.

الحلقة السابقة هـــنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين