الخلط بين المرحلي والنهائي (2)

 

الناظر فيما نزل من أحكام على مرِّ حياة النبي صلى الله عليه يجد توجيها قرآنيا وسلوكا نبويا مناسبَين لطبيعة المرحلة،

ملائمَين لمتطلباتها، 

مراعيَين لظروفها الواقعية؛

حتى انتهت الأمور إلى حالة من النضوج السياسي وصناعة الواقع النهائي؛ 

الذي يقصد الإسلام إلى تصميمه بدقة،

ونزلت إذ ذاك أحكام مناسبة لتلك المرحلة النهائية.

فالتوجيه الرباني والسلوك النبوي بالنظر إلى المدة التي استمر فيها نزول القرآن قد احتوى عموما على:

تقلبات الأمة من الضعف إلى القوة، 

ومن الدفاع إلى الهجوم، 

ومن الولادة إلى الاستواء ..

وفي كل ذلك يأتي التوجيه القرآني ليسدد المسار ويصوب الاتجاه؛

لينتهي إلى تصميم الواقع الذي يريد!

ومن ثم فقد ترك للأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم حقلاً واسعاً للنظر في المنتج الفكري والمسلك السياسي الذي يناسب المرحلة التي تعيشها.

وأخطأ أقوام فجعلوا ما رأوه من الأحكام المرحلية أو ما يشبهها مما يمكن أن يباح رخصة: نهائياً، 

وبدؤوا بالتنظير للمرحلي والتأصيل له، كأنه الصورة النهائية التي ينتهي الإسلام إلى تطبيقها؛

غافلين عن كون الشريعة قد تبيح الترخّص في هذه الأحكام إذا اقتضت المرحلة ذلك؛ 

كتأخير تنفيذها الذي سماه بعضهم: (إرجاء التطبيق) أو الذي نسميه بالتدرج في تطبيق الشريعة.

يتبع إن شاء الله ..

الحلقة السابقة هـــنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين