رحمته للعالمين في مجال الأخلاق -1-

المبحث الأول: الرفق واللين واللطف

المطلب الأول: طريق محمد.. طريق الرفق: 

ماهي طريقة محمد صلى الله عليه وسلم في دعوة الناس إلى منهج الله القويم؟ 

يجيب عن هذا السؤال توماس أرنولد، ويقول: (قد جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم من طريق الرفق) [1] ! 

أما لويس سيديو، فيفصل في الإجابة، ويقول: (كان صلى الله عليه وسلم يستقبل بلطف ورفق جميع من يودّون سؤاله، فيسحر كلماءه بما يعلو وجهه الرزين الزاهر من البشاشة، وكان لا يضج من طول الحديث، وكان لا يتكلم إلا قليلاً فلا ينمّ ما يقول على كبرياء أو استعلاء، وكان يوحي في كل مرة باحترام القوم له..) [2]. 

ويقول (برتلي سانت هيلر): (كان محمد صلى الله عليه وسلم أزكى العرب في عهده وأكثرهم تقوى وديناً، وأرحبهم صدراً، وأرفقهم بأعدائه) [3].. 

ولهذا قال هنري دي كاستري: (هكذا جذب الإسلام قسمًا عظيمًا من العالم... بما اشتمل عليه من الترفق بطبيعة البشر حيث أتاح للناس شيئًا مما يشتهون !) [4].. فهو دين واقعي، يتعامل مع حاجات الإنسان بفهم ورفق، أو بعبارة كويليام:(ليس بين الأديان أقرب للفهم من الدين الإسلامي للذين يفقهونه، كما أنه ليس بينها أثبت ولا أرفق منه.) [5] 

ويقول (هربرت جورج ولز): (هذا الإلحاح على الرفق والرعاية في الحياة اليومية إنما هو واحد من فضائل الإسلام الكبرى بيد أنه ليس الفضيلة الوحيدة فيه) [6].، ولا زال الغرب يتعلم أخلاق الرفق من الإسلام ونبي الإسلام، كما يقول (ريشار وود) حتى صار النصارى يتعلمون من الدولة الإسلامية، و(ما يرمي إليه الدين [ الإسلامي] من الحضّ على الرفق واللين) [7]..! 

ومن ثم يدعو (سوسة) [8] أتباع موسى وعيسى [عليهما السلام] (أن يراجعوا التاريخ الإسلامي ليقفوا على ما يأمر به الإسلام بشأن الرفق بالأطفال والنساء والشيوخ وغير المقاتلين بصورة عامة. ويثبت لنا التاريخ... أن المسلمين ساروا وفق شريعتهم القاضية بوجوب عدم مس الأطفال والنساء والشيوخ، بكل أمانة وحرص حتى في الظروف التي كان فيها العدو المقابل يقتل الأطفال والنساء وغير المحاربين من المسلمين) [9].. 

المطلب الثاني: حثه على الرفق: 

أولاً: الرفق يحبه الله: 

عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ) [10] 

وعَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيَرْضَى بِهِ، وَيُعِينُ عَلَيْهِ مَا لَا يُعِينُ عَلَى الْعُنْفِ...) [11]. 

ثانيًا: الرفق جمال وذوق: 

عَنْ عَائِشَةَ: أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ) [12].. 

ثالثًا: الرفق يجلب الخير: 

وعَنْ جَرِيرٍ: عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ يُحْرَمْ الرِّفْقَ يُحْرَمْ الْخَيْرَ !) [13]. 

المطلب الثالث: من نماذج رفقه صلى الله عليه وسلم: 

أولاً: الرفق بالمتعلمين: 

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَامُوا إِلَيْهِ (ليضربوه)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا تُزْرِمُوهُ !) ثُمَّ دَعَا بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَصُبَّ عَلَيْهِ [14]. 

ثانياً: الرفق بالسفهاء: 

عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالُوا: السَّامُ [15] عَلَيْكُمْ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَفَهِمْتُهَا. فَقُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَهْلًا يَا عَائِشَةُ ! ! إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ)، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (قَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ) [16].. 

وهذا وهو خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم دومًا إذا سابه أحد أو شاتمه.. 

ثالثًا: الرفق بالعصاة: 

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا !! فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ، قَالُوا: مَهْ مَهْ !!! فَقَالَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ادْنُهْ).. فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا.. فَجَلَسَ قَالَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟) قَالَ: لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ ! قَالَ: (وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ.) (أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟) قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ: (وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ (أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟) قَالَ: لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ.. قَالَ: (وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ) (أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟) قَالَ: لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ:(وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ) (أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟). قَالَ: لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: (وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ). فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ وَحَصِّنْ فَرْجَهُ).. فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ [17]. 

رابعًا: الرفق بالشعب والرعية: 

عن حَرْمَلَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ، أَسْأَلُهَا عَنْ شَيْءٍ.. فَقَالَتْ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ 

فَقُلْتُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ فَقَالَتْ: كَيْفَ كَانَ صَاحِبُكُمْ لَكُمْ فِي غَزَاتِكُمْ هَذِهِ فَقَالَ: مَا نَقَمْنَا مِنْهُ شَيْئًا إِنْ كَانَ لَيَمُوتُ لِلرَّجُلِ مِنَّا الْبَعِيرُ فَيُعْطِيهِ الْبَعِيرَ وَالْعَبْدُ فَيُعْطِيهِ الْعَبْدَ، وَيَحْتَاجُ إِلَى النَّفَقَةِ فَيُعْطِيهِ النَّفَقَةَ.. فَقَالَتْ: أَمَا إِنَّهُ لَا يَمْنَعُنِي الَّذِي فَعَلَ - فِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْر-ٍ أَخِي أَنْ أُخْبِرَكَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي بَيْتِي: (هَذَا اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ، عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ) [18]. 

خامسًا: الرفق بالمستفتي وصاحب المسألة: 

عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ الْبَيَاضِيِّ قَالَ كُنْتُ امْرَأً أَسْتَكْثِرُ مِنْ النِّسَاءِ لَا أَرَى رَجُلًا كَانَ يُصِيبُ مِنْ ذَلِكَ مَا أُصِيبُ! فَلَمَّا دَخَلَ رَمَضَانُ ظَاهَرْتُ مِنْ امْرَأَتِي حَتَّى يَنْسَلِخَ رَمَضَانُ، فَبَيْنَمَا هِيَ تُحَدِّثُنِي ذَاتَ لَيْلَةٍ انْكَشَفَ لِي مِنْهَا شَيْءٌ، فَوَثَبْتُ عَلَيْهَا فَوَاقَعْتُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ عَلَى قَوْمِي فَأَخْبَرْتُهُمْ خَبَرِي، وَقُلْتُ لَهُمْ: سَلُوا لِي رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-!! 

فَقَالُوا: مَا كُنَّا نَفْعَلُ إِذًا يُنْزِلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِينَا كِتَابًا أَوْ يَكُونَ فِينَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْلٌ فَيَبْقَى عَلَيْنَا عَارُهُ، وَلَكِنْ سَوْفَ نُسَلِّمُكَ لِجَرِيرَتِكَ، اذْهَبْ أَنْتَ فَاذْكُرْ شَأْنَكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.. قَالَ: فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَنْتَ بِذَاكَ؟) فَقُلْتُ: أَنَا بِذَاكَ، وَهَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَابِرٌ لِحُكْمِ اللَّهِ عَلَيَّ. 

قَالَ: (فَأَعْتِقْ رَقَبَةً). 

قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَصْبَحْتُ أَمْلِكُ إِلَّا رَقَبَتِي هَذِهِ ! 

قَالَ: (فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ). 

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ دَخَلَ عَلَيَّ مَا دَخَلَ مِنْ الْبَلَاءِ إِلَّا بِالصَّوْمِ ! 

قَالَ: (فَتَصَدَّقْ أَوْ أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا). 

قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ بِتْنَا لَيْلَتَنَا هَذِهِ مَا لَنَا عَشَاءٌ !! 

قَالَ: (فَاذْهَبْ إِلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ، فَقُلْ لَهُ فَلْيَدْفَعْهَا إِلَيْكَ، وَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَانْتَفِعْ بِبَقِيَّتِهَا !!!). 

فَرَجَعْتُ إِلَى قَوْمِي فَقُلْتُ: وَجَدْتُ عِنْدَكُمْ الضِّيقَ وَسُوءَ الرَّأْيِ وَوَجَدْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -السَّعَةَ وَحُسْنَ الرَّأْيِ، وَقَدْ أَمَرَ لِي بِصَدَقَتِكُمْ ! قال: فَادْفَعُوهَا لِي [19]. 

سادسًا: الرفق بالحيوانات: 

نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تعذيب الحيوانات والطيور وكل شيء فيه روح، فقد مَرَّ أنس بن مالك فَرَأَى غِلْمَانًا أَوْ فِتْيَانًا نصبوا أمامهم دجاجة، وجعلوها هدفًا لهم، وأخذوا يرمونها بالحجارة فَقَالَ أَنَسٌ: (نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ.) [20] 

أي تحبس أو تعذب أو تقيد أو ترمي حتى الموت. 

وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَغُلَامٌ مِنْ بَنِي يَحْيَى؛ رَابِطٌ دَجَاجَةً يَرْمِيهَا، فَمَشَى إِلَيْهَا ابْنُ عُمَرَ حَتَّى حَلَّهَا ثُمَّ أَقْبَلَ بِهَا وَبِالْغُلَامِ مَعَهُ فَقَالَ: ازْجُرُوا غُلَامَكُمْ عَنْ أَنْ يَصْبِرَ هَذَا الطَّيْرَ لِلْقَتْلِ فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ تُصْبَرَ بَهِيمَةٌ أَوْ غَيْرُهَا لِلْقَتْلِ.) [21]. 

وقال(إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ مَنْ فَعَلَ هَذَا) [22]. 

وقال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئًا فيه الروح غرضًا..) [23] 

أي: هدفًا يُتدرب عليه ونحو ذلك. 

وعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَعَنَ اللَّهُ مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ) [24]. 

وفيه دلالة على حرمة إيذاء الحيوان حيًا أو ميتًا، ألإ لضرورة أو منفعة. 

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه قد غفر لرجل؛ لأنه سقى كلبًا كاد يموت من العطش. 

فبّين (أن رجلاً رأى كلبًا يأكل الثرى من العطش، فأخذ الرجل خفه فجعل يغرف له به حتى أرواه فشكر الله له، فأدخله الجنة.) [25]. 

بينما دخلت امرأة النار؛ لأنها حبست قطة، فلم تطعمها ولم تَسْقِهَا حتى ماتت ! 

فقال: (عُذبت امرأة في هرة، حبستها حتى ماتت جوعًا، فدخلت فيها النار) [26]. 

ومن الرفق بالحيوان ذبحه بسكين حاد حتى لا يتعذب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: 

(إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ [أي: في الحروب والمعارك]، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ. وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ [السكينة التي يذبح بها الطير ونحوه] وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ) [27]. 

ويروي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: جاء بعير يشتد حتى سجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قام بين يديه، فذرفت عيناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صاحب هذا البعير؟) قالوا: فلان. فقال (ادعوه، فأتوا به)، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (يشكوك) فقال: يا رسول الله، هذا البعير كنا نسنو [28] عليه منذ عشرين سنة، ثم أردنا نحره. 

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (شكا ذلك، بئسما جازيتموه، استعملتموه عشرين سنة حتى إذا أرق عظمه، ورق جلده أردتم نحره بعينه) قال: بل هو لك يا رسول الله. فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجه نحو الظهر، أي الإبل [29]. 

وعن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت تفرش، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها !) 

ورأى قرية نمل قد حرقناها فقال: (من حرق هذه؟) 

قلنا: نحن.. قال: (إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار) [30]. 

الحواشي:

[1] توماس كارلايل: الابطال. ص 75 – 76 

[2] لويس سيديو: تاريخ العرب العام. ص103 

[3] برتلي سانت هيلر: مع الشرق، 77. 

[4] هنري دي كاستري: الإسلام: خواطر وسوانح. ص 13 

[5] عبد الله كويليام: العقيدة والشريعة في الإسلام. ص 62 

[6] هربرت جورج ولز: معالم تاريخ الإنسانية. ص 3 / 642. 

[7]ريشار وود: الإسلام والإصلاح. ص 21. 

[8] أحمد سوسة: كاتب عراقي. كان يهودياً، ومن مؤلفاته: (مفصل العرب واليهود في التاريخ) و في طريقي إلى الإسلام (الذي تحدث فيه عن سيرة حياته وكيف أسلم. 

[9] أحمد سوسة: في طريقي إلى الإسلام. 1 / 94 

[10] رواه مسلم. باب الرفق، برقم 469 

[11] موطأ مالك، برقم 1551. 

[12] رواه مسلم. باب الرفق، برقم 4698 

[13] رواه مسلم، باب الرفق، رقم 4694 

[14] رواه البخاري، برقم 5566 

[15] السام: يعني الموت، والسام عليكم: يعني الموت لكم. 

[16] رواه البخاري، باب الرفق في الأمر كله، رقم 5565 

[17] رواه أحمد - (21185) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد، وعزاه إلى الطبراني وقال: 

رجاله رجال الصحيح 1/129، وانظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني، برقم 370. 

[18] رواه مسلم - كتاب الجهاد، باب فضيلة الإمام العادل، وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم، برقم (3407) 

[19] رواه ابن ماجه (2052) أحمد(15825). وأبو داود (1892). والترمذي (1121).

[20] رواه البخاري، برقم 5089 

[21] رواه البخاري، برقم 5090 

[22] رواه البخاري، رقم 5091 

[23] رواه مسلم، باب النهي عن صبر البهائم، برقم 3617 

[24] سنن النسائي 4366. 

[25] رواه البخاري (1 /75)، باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان، برقم 171 

[26] رواه البخاري (2 / 834)، حديث رقم 2236، وأخرجه مسلم في السلام، باب تحريم قتل الهرة. وفي البر والصلة والآداب باب تحريم تعذيب الهرة ونحوها، رقم 2242 

[27] رواه مسلم، عن شَدَّاد بْنِ أَوْس، بَاب الْأَمْرِ بِإِحْسَانِ الذَّبْحِ وَالْقَتْلِ وَتَحْدِيدِ الشَّفْرَةِ. رقم 3615 

[28] أي نستقي 

[29] رواه الطبراني في الأوسط (11245). والهيثمي: مجمع الزوائد (14166) 9/9؛ السيوطي: الخصائص الكبرى 2/95. ورى أحمد بمثله عن عائشة بإسناد جيد. وقال الهيثمي: ورواه البزار بنحوه وفي إسناد الأوسط زمعة بن صالح وقد وثق على ضعفه وبقية رجاله حديثهم حسن وأسانيد الطريقين ضعيفة 

[30] سنن أبي داود (2675).

يتبع

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين