
ترك الدكتور محمد البهي - رحمه الله تعالى - أكثر من سبعين مُؤلفاً في شتى نواحي الثقافة الإسلاميَّة، أحلَّته مكاناً رفيعاً بين أعلام الثقافة الإسلامية المعاصرة، إذ انفرد بإبداع منهجي في التفكير والتعبير معاً، فهو دقيقُ العبارة واضحها، ولا يفارقه هذا الوضوح وهو يتحدَّث عن أدقِّ مسائل الفلسفة ذات الغوص البعيد، إذ أنَّ مِرَانه التعليمي في قاعات الدرس الجامعي أورثه دراية واعية بمُخاطبة الأفهام على اختلاف حظوظها في التلقي الفلسفي الدقيق، فإذا خاطب القارئ في سِفْر عام فقد اكتسب مذهباً محدَّداً في التفهم والتوجيه، وإذا كانت مؤلفاته، قد جاوزت السبعين فإنَّ واحداً منها قد نال من الحظوة لدى الدارسين ما جعله مصدراً أولياً في موضوعه وما أتاح له الانتشار في شتى ربوع الإسلام عن طريق الترجمات المختلفة، هذا الكتاب الذائع ذو الشهرة المستفيضة هو (الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي) وقد تحدَّث عنه البهي - رحمه الله تعالى - في مقدمة الطبعة الثالثة حيث قال:
(فبالرغم من أنَّ له كتباً وكتابات غير كتاب (الفكر الإسلامي وصلته بالاستعمار الغربي) فقد كنتُ أعرِّف به في رحلاتي المختلفة في المشرق والمغرب التي قمتُ بها منذ عام 1960 إلى آخر عام 1961، سواء في الباكستان أو الملايو أو أندونسيا، أو الفلبين أو في شمال أفريقيا في ليبيا والمغرب أو في غرب أفريقيا في نيجيريا، فما ذُكرت في مرَّة من المرات أثناء هذه الرحلات، وما عُرِّفت عند إلقاء محاضرة أو حديث إلا بأني مؤلف (الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي)، فإذا أراد القارئ أن يعرف الدافع الذي بعث المؤلف إلى تسطير كتابه، فإنَّه سيقف على حقائق مُؤلمة حين يعلم أنَّ الدراسات الإسلامية في جامعات أوربا وأمريكا تُتخذ وسيلة للطعن في الإسلام تحت شعار البحث العلمي، وقد كان الدكتور البهي -رحمه الله- تعالى أستاذاً بمونتريال الأمريكية فشاهد من غرائب الاحتيال العلمي والتدليس التبشيري ما أشار الدكتور إليه في قوله -ببعض التصرف اليسير-:
لقد أشفقتُ على نفسي في هذا العام أن أموت حزناً على ما ينشره المستشرقون ضد الإسلام في الغرب والشرق على السواء، فما يُسمَّى (معهد الدراسات الإسلامية بمونتريال) عبارة عن مسرح تُمثَّل عليه (خرافة) الإسلام! وتناقضات المبادئ في القرآن! واللاإنسانية واللاحضارة في المجتمع الإسلامي! ويجلب إليه الطلبة من البلاد الإسلامية، ويُختارون من أصحاب النفوذ في المستقبل، كما يُدعى المدرسون والأساتذة، وهم ثلاثة أنواع، نوع من الإنجليز والأمريكان ممن يُثيرون الشبه ضد الإسلام، ونوع من المسلمين ضعاف الشخصيَّة تستهويهم الإقامة في الحياة الأمريكيَّة، وهي حياة مملوءة بالإغراءات الماديَّة، ونوع آخر من المسلمين عُرف بشخصيته القوية، يُراد له عن طريق مثل هذه الدعوات أن يَتَعاطف يوماً مع ما يكتبه المستشرقون، كان هناك تركي مسلم اسماً، يدرس علم الاجتماع الإسلامي في كتاب ألفه يهودي نمساوي، ينكر فيه أن يكون الإسلام صاحب اتجاه حضاري في تكوين الأمَّة والمجتمع، وهناك باكستاني يقوم بتدريس التناقض في آيات القرآن، وقد تنصَّر هو وزوجته فكُتِبَ له عقد طويل الأمد، وفي قاعات البحث تطرح الشكوك من قبل الطلاب والطالبات الأمريكيات كطرف مُواجه للمسلمين، ويقوم بالرد مثل هذا التركي وذلك الباكستاني)! [من كتاب: في حياتي في رحاب الأزهر، للدكتور محمد البهي ص 127].
في هذا المجتمع الحاقد بدأ الدكتور البهي - رحمه الله تعالى - يخطُّ كتابه عن الفكر الإسلامي وصلته بالاستعمار الغربي ليدحض كل ما يتردَّد في هذه الدوائر التبشيريَّة من افتراءات، وليبين أنَّ للإسلام حضارتَه واستقلالَه وإنسانيته، وكلها تفوق - بالدليل المادي - ما يزعم الغرب لنفسه من دعاوى الحرية والإخاء والمساواة، وقد ابتدأ بفاتحة مُوجزة تتحدث عن تسلُّل الاستعمار الغربي إلى العالم الإسلامي، ووسائله المريبة في تحطيم الكيان الإسلامي، ثم يلي ذلك حديث مركَّز عن دواهي الاستشراق وما يَبثُّه من سموم ذات أثر قاتل يؤكد على تمجيد القيم الغربية وتوهين التعاليم الإسلامية مُفترياً ومُضلِّلاً.
وإذا كان جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده قد قاوما الاستعمار مُقاومة واجبة يسندها الدليل الملزم، فقد بسط الدكتور البهي - رحمه الله تعالى - جهوده في النطاق، فارقاً بينهما وبين جماعة من المسلمين عُرفوا بالإصلاح الديني على مذهب الغرب، فتخلَّوا عن تعاليم أصيلة في مبادئ الإسلام زعماً بأنَّها لا تصلح للبقاء، فكسبوا الشهرة والمال وخسروا الشرف والكرامة.
وحين انتهى المؤلف من ذلك بسط الحديث الشافي عن اتجاه الفكر الإسلامي منذ القرن العشرين، وأثر الحملة الصليبيَّة في تشويه الإسلام ومبادئه، وعن المجدِّدين في مصر، وقد فضح أساليب التجديد المنحرف حين أفاض في تحليل المستشرق (جب) عن (بشرية القرآن) وما تورَّط فيه الدكتور (طه حسين) من أغاليط في كتاب الشعر الجاهلي لها أصولها الواضحة في كُتب الاستشراق، واطَّرد البحث فشمل كتاب: (الإسلام وأصول الحكم) وما دار حوله، وما أعقبه من تأثير ضار، أما ما كتبه البهي - رحمه الله تعالى - في تفنيد الشيوعيَّة فقد كان شجى في حلوق ذيولها في مصر، فعملوا على مُطاردة الكتاب، وحاربوا إعادة طبعة في (الدار القوميَّة للنشر) بعد أن تعاقدت على نشره، ثم خُتم الكتابُ ببحث وافٍ عن الدكتور محمد إقبال ومنحاه التجديدي موازناً بفلاسفة الغرب.
ولعلي بعد هذا العرض الموجز أكون قد دفعت من لم يقرأ هذا الكتاب إلى ضرورة مُطالعته واتخاذه دِرْعاً واقياً من الأراجيف، ولا أكتم الحقيقة حين أقول إنَّ كثيراً ممن أعقبوا الدكتور البهي - رحمه الله تعالى - في الخوض في هذه المسائل قد اقتفَوه، وانتفعوا بما قَدَّم، أشاروا إليه أم سكتوا عنه، وليس أقرَّ لعين الكاتب من أن يرى أفكاره تمتدُّ وتستفيض، وأن يلمس تلاميذ من الناشئة في غير جامعته يَعتنقونها، ثم تصبح مصدراً من مصادرهم العلميَّة حين يتجهون إلى التأليف بعد حين.
ومن بين ما أنتج الدكتور البهي - رحمه الله تعالى - سلسلته القرآنيَّة التي سمَّاها (من التفسير الموضوعي) حيث شملت ثنتين وعشرين سورة من كتاب الله تعالى غير جزء عم المتمِّم لها، وقد كُنتُ أفهم أن يكون التقسيم الموضوعي عاماً لا يخص بسورة واحدة، أم أن يكون التفسير الموضوعي خاصاً بسورة مُعيَّنة فهذا ما لم تتضح لي وجهته السديدة إلى الآن، وأذكر أني بسطتُ هذا الرأي في كتابي (التفسير القرآني) حيث قلت – التفسير القرآني ص 77 وما بعدها للدكتور رجب البيومي- :
(لقد أصدر الدكتور محمد البهي - رحمه الله تعالى - أكثر من عشرين جزءاً لطيفاً، يضمُّ كلَّ جزء تفسير سورة خاصَّة من كتاب الله، وكلها تحت عنوان: (التفسير الموضوعي للقرآن الكريم) ومن هذه الأجزاء ما يشمل سورة (الأنعام، و يونس ويوسف والرعد والنحل والكهف وطه والمؤمنون والشعراء والقصص والصافات والأعراف وهود وإبراهيم والحجر والإسراء ومريم والأنبياء والفرقان والنمل والعنكبوت والجن)، حيث مضى في التفسير آية آية وفق السرد المعهود في المصحف الشريف، وزاد عليه أن بدأ كلَّ سورة بملخص لعناصرها العامَّة التي تَدور حولها الجزئيَّات، إذ أنَّ أصحاب هذا الاتجاه يرون أنَّ كل سورة قرآنية ذات وحدة موضوعيَّة يتلمَّسون لها الأسباب بذكر العناصر التي يَهتدون إليها، لتكون بمثابة دوائر يجتمع فيها جُزئيات تنتهي إليها.
وأرى أنَّ معنى التفسير الموضوعي في هذا الاتجاه يَسقُط سقوطاً تاماً عند الوقوف لدى عناصر السورة الواحدة؛ لأنَّ كل سورة من سُور الكتاب لا تستقلُّ بموضوع خاص لا تشمله السور الأخرى، فإذا أردنا – مثلاً – أن نُفسِّر سورة النور جعلنها من أمثلة التفسير الموضوعي، فإننا نترك ما يدور حول أغراضها مما جاء في سور (النساء والطلاق والأحزاب)؛ لأنَّ جميع هذه السور تتحدث عن المرأة في القرآن، فكيف تكون السورة الواحدة من هذه السور المشار إليها مما يندرج تحت التفسير الموضوعي، وهي لا تشمل الموضوع بأكمله؟ نحن لا نمنع أن تُفرد السورة الواحدة بتفسير خاص، ولكننا نمنع أن يكون هذا الإفراد من قبيل التفسير الموضوعي، وهو منه بعيد).
نعم قد يكون من قبيل التفسير الموضوعي ما أخرجه الدكتور البهي - رحمه الله تعالى - تحت عنوان: (المجتمع الحضاري وتحدياته من توجيه القرآن الكريم) حيث عقد فصلين هامين يتحدَّث أولهما عن مظهر الوحدة في القرآن، إذ يُشير إلى وحدة المعبود، وإلى الوحدة في ذات الإنسان، وإلى الوحدة في اتجاه المجتمع، وإلى الوحدة باعتبارها مظهراً حضارياً. أما الفصل الثاني فيتحدث عن تحديات المجتمع الحضاري في القديم والحديث مُتعرِّضاً إلى المذاهب الضالَّة من قديمة ووافدة، وفي كلا الفصلين جمعٌ شافٍ لآيات مختارة من القرآن تعطي مدلولاً مُتكاملاً لما يَعنيه الباحث من التوجيه الهادئ إلى ذخائر القرآن الكريم، إننا نعتبر كتاب (المجتمع الحضاري وتحدياته من توجيه القرآن الكريم) محاولة لتفسير موضوعي يضمُّ النظير إلى النظير من آيات الكتاب العزيز، أما أن تكون السورة الواحدة مثلاً للتفسير الموضوعي فهذا ما لم يتضح لي وجهته على نحو مُقنع، وقد أكون مخطئاً ولكني أبسط ما يخالجني من مُلاحظات.
وبعد؛ أتراني أُنهي الحديث عن الدكتور البهي - رحمه الله تعالى - دون أن أشير إلى دوره القيادي فيما يُسمى بحركة التطوير في التعليم الأزهري معهداً وجامعة، إنَّ كثيراً من الناس يرحبون بأخطاء التطبيق إلى ما وافق عليه من نظام نقل كليات الأزهر من وضع إلى وضع، كذلك جعل المعاهد الدينية تُقاسم المدارس في علومها المدنيَّة، ولم تكن فكرة هذا التطوير جديدة على فكر البهي، وقد اختير لتنفيذها فجأةً كما يحاول بعض الناس أن يقول، ولكن فكرة التطوير لديه قد بدت في ذهنه من يوم أن رَجع من ألمانيا وقام بتدريس الفلسفة في كلية أصول الدين، حيثُ رأى كليات الأزهر بعامَّة تأخذ مظهر التعليم الجامعي شكلاً لا موضوعاً، فالتعليم الجامعي في لبابه الأصيل – ودعك من مسالة المذكرات المنتشرة الآن في شتى الجامعات فهي دخيلة على المنهج الجامعي كما يدخل العلق في جسم المريض يمتصُّ دمه، ويهن قوَّته – هذا التعليم الجامعي في لبابه الأصيل لا يَعتمد على كتاب قديم تُشرح ألفاظُه وعباراته كل عام ولا يتعدَّاه الأستاذ إلى سواه كما عرَفنا ذلك أيام الطلب ولمسناه عن يقين، بل يَعتمد على موضوع تجمع له المصادر المختلفة ويَنسُجُه الأستاذ نسجاً جديداً تظهر فيه روحه العلميَّة مناقشة ونقداً وإضافة، والطالب من ورائه يتتبع المصادر ويولي الخطوات في شتى الأسفار المختلفة، حتى يعرف كيف اهتدى أستاذه بتوجيهه الخاص – إلى ما قرَّر من الحقائق!.
لقد بحث الدكتور البهي - رحمه الله تعالى - عن الكتاب الجامعي الجديد، فلم يجده، كذلك بحث عن الأستاذ الجامعي الذي يَستطيع القيام بالتأليف المنهجي على وجهه الصحيح فوجد القِلَّة المبدعة تضيع بين الكَثْرة المقلِّدة حتى ما يكاد يسمع لها صوت! وقد كتب في الأهرام مراتٍ عديدة مقالات تربوية تنقد الاتجاه السائد، ومنها ما أذكر عنوانه: (الأزهر بين مبدأين مُتنافرين) ولا أعرف الآن تاريخ صدوره لبُعد الزمن، وإن كانت حقائقه تشغل ذهني منذ قرأته، كما أذكر مقالاً نشره بمجلة الرسالة تحت عنوان: (الأزهر وبعثاته العلميَّة) – الرسالة 6/1/1941- ضمن بعض آرائه في الكتاب والأستاذ، قال فيه:
(كما أنَّ مبدأ قداسة بعض المواد دُون بعض يسودُ التعليم في الأزهر، كذلك مبدأ الكتابة، إذ أن مدرس الموضوع لم يخلق بعدُ في الأزهر، وإذا كان في طريق الخلق والتكوين، فالحقائق العلميَّة في مادةٍ من المواد مصدرُها كتاب مُعيَّن بالذات، والتمكين في الخلافات العلميَّة، ومشاكل البحث لم يزل إلى كتاب مخصوص).
فإذا تركنا التعليم الجامعي إلى المعاهد الأزهريَّة من إعدادية وثانوية، فإننا نجدُ ما أضيف من المواد الحديثة، كان رداً على صَيحات مُتكرِّرة قام بها من يُنادون بوحدة التعليم الابتدائي والثانوي في مصر دون تفريق بين التعليم المدني والتعليم الديني، وهي دعوة نادى بها الأستاذ إسماعيل القباني قبل أن يُفكر فيها الدكتور طه حسين بعدة سنوات، ثم تلقَّفها الدكتور ليسجلها في كتاب: (مستقبل الثقافة في مصر) ولما يجد صدى لدعوته، ارتقب عدة سنوات حتى حانت له الفرصة، فصاح بما سماه (الخطوة الثانية) فإذا أضيفت هذه ا لعلوم إلى الدراية الأزهريَّة فقد قطعت ألسنة الناقدين، ولا أنكر أنَّ المنهج قد أصبح مُتخماً اتخاماً يتطلب التعديل الجزئي، وهذا ما ندعو إليه مخلصين على أن تراعى الفروق بين طلاب القسم العلمي وطلاب القسم الأدبي مُراعاة جوهريَّة تنفذ إلى الصميم.
وقد ولي الدكتور البهي - رحمه الله تعالى - وزارة الأوقاف ليقدم النموذج الممتاز للوزير المسؤول، فقد شاء أن يرعى إدارات الأوقاف، ومساجد الدولة بنفسه، فكان يذهب إلى المسجد مُنفرداً، في أقاصي الجمهورية ليرى الوضع في مشهده الطبيعي، وقد شاهد من مظاهر الإهمال ما دفعه إلى المؤاخذة الجادَّة.
وأذكر أنَّه في بعض جولاته الميدانيَّة شاهد أرملة فقيرة تطلب المعاش المتأخِّر منذ شهور فلم تجد غيرَ الطرد والغضب المفزع، فساءه أن تشهدَ هذا الخزي المنكر، وقد ذهب مُتنكِّراً ليرى ما يسوء، فعاقب المهمل المستخفَّ، وثارت عليه الثوائر في الأوقاف لأنَّه يسلك مسلك الجدِّ الصارم كما ثار عليه بعض أساتذة الجامعة لأنَّه ألزمهم بكتابة بحوث للترقية، بعد أن أَلِفُوا مجيء الترقية بالأقدميَّة المطلقة، أو بغير الأقدميَّة لمن يُجيد الاتصال بذوي الأمر، هذا النهج الحازم صار مدعاة لغط لا مبرِّر له، وقد مضى الزمن فانكشفت الحقائق على وجهها الصريح، وأنا الآن أؤرخ لعالم مصلح مجتهد، ونابغة بحَّاثة مُبتكر، فما عليَّ غير أن أسجل ما أعتقد، مؤكداً أني لم أحظَ بلقائه، وإخاله لم يسمع لي، وإنما أدرس وأسجل، لأعلن ما أعتقد أنَّه الصواب، وهذا حسبي.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر: (مجلة الأزهر، السنة: السابعة والستون، شوال 1415 - الجزء 10).

التعليقات
يرجى تسجيل الدخول