هل السلفية حزب سياسي أم انتماء لمنهج علمي ؟‎


د.محمد صلاح الدين حنطاية‏
هناك بعض الأحزاب التي اتخذت السلفية نبزا لها فيقال :حزب فلان السلفي. فما هي السلفية ؟ وهل يجوز لحزب أن يتخذ مذهبا عقديا نبزا يعتزي إليه دون بقية المسلمين.؟ فيقال: حزب فلان الأشعري وحزب فلان المعتزلي ...

علماء العقيدة عندما يقررون عقيدة أهل السنة يقولون: هناك مذهبان: مذهب السلف ومذهب الخلف ، ومن أراد السلامة لدينه لم يتجاوز تقرير فهم السلف فهناك مقولة: مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أحكم غير ابن تيمية رحمه الله برى أن مذهب السلف أسلم وأحكم ونحن مع هذا الرأي ولاسيما وقد رجحه الشيخ عبد الله دراز في كتابه" من كنوز السنة" . لكن ما هو هذا المذهب يقولون: أن نؤمن بصفات الله المعنوية والخبرية التي وردت في القرآن والسنة الصحيحة كالعين واليد والاستواء...بمعان لاندركها ونترك للباري الإحاطة بها أو بعبارة شيخ الإسلام ابن تيمية نؤمن بها من غير تحريف ولاتعطيل ولا تشبيه ولاتمثيل. كذلك لخص ابن باديس مفهوم السلف لفهم القرآن بأن يكون للمفسر رؤية ثاقبة وتبحر بعلوم العربية ثم يفسر القرآن بالقرآن ثم بالسنة الصحيحة ثم بأقوال الصحابة والتابعين ، ولايبعد أن يؤتي الله من صفت نفسه وارتقت روحه أن يلقي في روعه فهما لم يخطر لمن سبقه. هذه السلفية كما عرفناها. ثم انحدرت الأمة إلى هُوة سحيقة من التخلف في فهمها للدين والدنيا فقام بعض المصلحين أمثال طاهرالجزائري والقاسمي ورشيد رضا في الشام وجمعية العلماء في الجزائر وبعض علماء الزيتونة كالطاهر بن عاشور يصححون للأمة فهمها للدين ويغسلون ثياب العلم البيضاء مما أصابها كثير من الدخن ،فأُطلق عليهم السلفية ، وبعد قراءتي الطويلة لهؤلاء العلماء الأفذاذ . أخلص إلى أن عملهم كان عملا إصلاحيا ، فكانوا يشاركون في العمل العام ينافحون ضد الاستعمار والاستبداد، وينشرون العلم وكم أشبههم بالمدرسة الإصلاحية التي أصلحت الشعر والنثر بعدما فسد أواخر الحقبة العثمانية.

أما سلفية زماننا فشغلوا أنفسهم بأشياء لا تقدم ولا تؤخر في الأمة ، حتى ليس لهم مبدأ ثابت فبينما هم يرون الديمقراطية ومجلس النواب طاغوت يشرع مالم يأذن به الله ، إذا هم يشكلون الأحزاب عندما سمح لهم بتكوين الأحزاب وسارعوا لأن يكون لهم حزب، ليس بمصر فحسب بل تراهم في أكثر الأقطار الإسلامية فكم سمعت الحركة الإسلامية منهم خشونة في الخصومة حتى كتب إمامهم في اليمن كتابين: الاو ل البركان في هدم جامعة الإيمان، والثاني أعاف أن أذكر اسمه لأنه ينال من علم من أعلام الأمة بسقط من القول . لكن توفي  وورث ميدان دعوته الحوثيون وبقيت جامعة الإيمان تخرج المئات ،ينشر منتسبوها الإسلام الوسطي بعيدا عن الغلو والادعاء، لذلك لا نحمل إحنا على مذهب أراد قوم أن يرفعوا خسيستهم به ونحسب أن مذهب السلف ما هم عليه عاكفين ، سواء أكانوا ناطحين أم بالسياسة هم مفتونين.


جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين