يُقال: ما كلُّ ما يُعلَمُ يُقال

 

 

لستُ مُتأكدًا إن كانَ المُقاتلونَ في المَيادين اليومَ قد اطَّلعَ كلُّهم أو جلُّهم على النصوصِ والرواياتِ التي تَضبِطُ ما يجوزُ قولُهُ أو فعلُهُ وما لا يجوزُ !! 

من مِثلِ قولِ عليٍّ: حدِّثوا الناسَ بما يَعرفونَ أتُحِبُّون أن يُكَذَّبَ اللهُ ورسولُه؟!

وقولِ ابنِ مسعود: ما أنتَ بمُحَدِّثٍ قومًا حَديثًا لا تبلُغُه عقولُهم إلا كانَ لبعضِهم فتنَة.

وما يُقالُ في الأقوالِ يجبُ أن يُقالَ في الأفعالِ لِتَوافُقِ علَّةِ الحُكمِ، فيُماثِلُ ذلك بالتَّمام (عند غير الظاهرية) أن يفعلَ أمامَ الناسِ فعلًا لا تبلُغُه عقولُهم فيكونُ لبعضِهم فتنَة! 

بالطبعِ هو كداعيةٍ أو مُجاهدٍ لا يقصِدُ فتنةَ الناس، لكنَّهُ في واقِعِ الحالِ فتَنَهم لأنَّه لم يُقَدِّر الزمانَ أو المكانَ أو الحالَ أو اختلافَ المَداركِ، فوقَعَتْ النتائجُ العكسيةُ من النفور والصدودِ، وصارَتْ وبالًا من حيثُ لم يُلقِ لها بالا !! 

لم أنسَ ما حَييتُ ذلك المَشهَدَ لخَطيبِ الجُمعَةِ منذُ ثلاثةِ عقودٍ في أحَدِ أرقى أحياءِ العاصِمَةِ والذي يرتادُهُ وجَهاءُ الناسِ وعِليَةُ القَومِ، وهو يُحَدّثُهُم على المنبرِ عن موضعِ البُصاقِ المشروعِ في الصلاة، وأنَّهُ لا يجوزُ في القِبلَةِ، ولكن في طَرَفِ الثوبِ وأكمامِه، ويُمَثِّلُ لهم ذلك!!

لك أن تتصوَّرَ ردَّةَ فعلِ المُستَمعين ونكيرَهم إلى درجَةِ زعْزَعَةِ الإيمانِ في القلوب.

 قُلْ لي بربِّكَ الآنَ أيُّهُما أعظَمُ فسادًا وإنكارًا في مَدارِكِ الناسِ ووَعيهم؛ بَصْقٌ في الثوبِ أم قتلٌ للناسِ بطريقةٍ وحشيَّةٍ مهينةٍ تُقطَّعُ فيها الرؤوسُ ويُتلاعَبُ بها رَكلاً بالأقدام، مع تعالي أصواتِ الضَحِكِ الهستيري.

على افتراضِ أنَّ دَحرَجَةَ رؤوسِ المُخالفين واللعِبِ بها من فَضائلِ القُرُباتِ، والباقياتِ الصالحاتِ!! 

إنَّ تعليقي هذا مقصورٌ على ما قاموا بتصويره ونَشــرِه فحسبُ ولم أذكُرْ ما بلغَني ممَّا خَفيَ ولم يُعلَنْ من فَسادِ الفِعال، فما كلُّ ما يُعلَمُ يُقال!!

 

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين