يزيدُ بن عبد الملك

الموجز في التاريخ:

يزيدُ بن عبد الملك

 

عبد المعين الطلفاح

     تولى الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز يزيدُ بن عبد الملك؛ بعهدٍ من أخيه سليمان، بأن يكون هو الخليفة بعد عمر بن عبد العزيز، فسار يزيد بداية حكمه بالناس بسيرة عمر بن عبد العزيز؛ إلا أنه لم يستطع الاستمرار في ذلك، فانتهج سياسات أسلافه من بني أمية الإدارية منها والمالية؛ إذ لم تكن قدراته السياسية وكفاءته الإدارية تؤهله لملء مكانة الدولة، وقيادتها باقتدار، فقد كان حاكمًا عاديًا، لكنه لم يكن سياسيًا مقتدرًا كمعاوية رضي الله عنه، ولا إداريًا ناجحًا كعبد الملك، ولا مصلحًا مخلصًا كعمر بن عبد العزيز، ومع ذلك فإن حركة الفتوحات نشطت في عهده من جديد، بعد حالة الاستقرار التي عاشتها أيام عمر بن عبد العزيز، فقام يزيد بتحقيق عدة فتوحات في بلاد أرمينية، وبلاد الروم والأندلس، وغيرها من الفتوحات على مختلف الجبهات(1).

     قامت في عهد يزيد كثير من الثورات والحركات، التي أوهنت دولته؛ وإن كان في النهاية قد استطاع القضاء عليها كلها؛ إلا أن أثرها بقي حتى سقطت الدولة، كان من أعظم تلك الثورات ثورة يزيد بن المهلب، الذي من إن تولى يزيد الخلافة حتى خلع بيعته، وخرج عليه، واستولى على البصرة؛ فبعث إليه يزيد جيشًا بقيادة أخيه مسلمة، فالتقى مسلمة بالمهلب بالعقر من أرض بابل، ودارت بينهما معركة بقيت ثمانية أيام، قتل في نهايتها ابن المهلب، وخلق كثير من جيشه، ثم تبع مسلمةُ الفارين وقتلهم(2)، كما قام شريم اليهودي، فأعلن أنه المهدي المنتظر، وسير حملة لانتزاع فلسطين من المسلمين، وتفاعل معه يهود بابل وإسبانيا؛ إلا أن الدولة كشفت الحركة وأخمدتها؛ بعد أسرِ القائم بالحملة وقتله(3) ، ومات يزيد بن عبد الملك عام: (105 ه).

 

الهوامش:

(1) يزيد بن عبد الملك من الخلفاء الأمويين الذين شوهت صورتهم في التاريخ كثيراً، وقد تتبع الروايات التي تولت ذلك وفنَّدها: عبد الله الشريف في كتابه: الدولة الأموية زمن الخليفة يزيد بن عبد الملك، منبهاً أن ابن سعد، صاحب أول كتاب في التراجم وصل إلينا لم يترجم له، ثم اعتمد عبد الله الشريف للترجمة ليزيد ترجمة قريبة من الحقيقة على اثنين من كبار مؤرخي الأمة، وهما الذهبي وابن كثير، وبعدها ترجم ليزيد ترجمة أقرب ما تكون لسيرته الحقيقية، ذكر فيها ما له، وما عليه، يرجع إليها في كتابه (القاهرة: دار القاهرة، ط 1، 2005) ص: (45-57-62)

(2) ينظر: الطبري، تاريخ الطبري، مصدر سابق، 6/597، وينظر: ابن الأثير، الكامل، مصدر سابق، 4/130.

(3) ينظر: الشريف، الدولة الأموية زمن الخليفة يزيد بن عبد الملك، مصدر سابق، ص: 178.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين