يداك أوكتا وفوك نفخ

 

الشيخ محمد أبو الهدى اليعقوبي للنظام السوري: يداك أوكتا وفوك نفخ
تعليقا على قرارات مجلس جامعة الدول العربية صرح الشيخ محمد أبو الهدى اليعقوبي - أحد أبرز علماء دمشق وزعماء المعارضة - بأن سقوط النظام السوري بات وشيكا وأن النظام الآن يترنح وهو على شفير الهاوية ، وقال: إن رفض النظام للمبادرة العربية والاستخفاف بالمقترحات المقدمة في مبادرة الجامعة هو انتحار سياسي . وأكد أن اتفاق العرب على هذه القرارات سيفتح الباب لتخلي الصين وروسيا عن النظام .
 
وهذا هو نص البيان الذي أصدره الشيخ اليعقوبي :
 
يداك أوكتا وفوك نفخ
الشيخ محمد أبو الهدى اليعقوبي
 
قرارات العرب أمس إيذان بقرب رحيل النظام ، بل هي إنذار قوي بأن تحرك العرب سيكون أقوى مما كان الجميع يتوقع . وهي دليل على أن النظام بات على شفير الهاوية ، بل إن هذه القرارات قد خطت بداية النهاية للنظام . إن رفض النظام للمبادرة العربية والاستخفاف بالمقترحات المقدمة في مبادرة الجامعة هو انتحار سياسي ، وهو دليل جديد على أن النظام لا يدري ما الذي يفعله وأنه يخبط خبط عشواء .
 
فالأزمة اليوم تختلف عما كانت عليه قبل خمسة أشهر حينما كانت دائرة الصراع بين النظام والشعب تتسع لمختلف الآراء والحلول ، والذي أوصل الأزمة إلى هذه المرحلة من اليأس من بقاء النظام والثقة بانتصار الشعب إنما هي ثلاثة أسباب :
 
الأول : ثبات أبناء الشعب الأبطال من المتظاهرين في مواجهة القمع ،
 
الثاني : مواجهة المظاهرات بالقتل والقمع والاعتقال والتعذيب واقتحام المساجد والتنكيل بالناس .
 
والثالث : فشل النظام في اتخاذ قرار واحد شجاع يقدم حلا جريئا للأزمة .
 
إن سقوط النظام بات وشيكا ، وسيكون بقدرة الله تعالى أقرب مما نتصور بل أقرب مما يتوقع النظام وأنصاره . إنها نتيجة لا بد أن يصل إليها كل متأمل في قرارات النظام السياسية والأمنية وفي الخطوات التي يتخذها ، وقد وصل إلى مرحلة لا يمكن إنقاذه فيها . فقد خرج آخر سهم من جعبة النظام ، وهو سهم كان يعول عليه في المماطلة لإيجاد مخرج للأزمة ، خرج ذلك السهم ليصيب من النظام مقتلا شديدا .
 
ونحن إذ نرى ذلك لا نأسف إذ نقول للنظام: يداك أوكتا وفوك نفخ . (وأوكى السقاءَ إذا شد الوكاء على فمه والوكاء حبل يشد على فم السقاء ليحفظ ما فيه - والفُو من الأسماء الخمسة هو الفم) .
 
وأصل المثل فيما نقله أبو الفضل الميداني عن المفضل بن سلمة الضبي أن رجلا كان في جزيرة في البحر فأراد أن يعبر على زِق (أي سقاء من جلد) نفخه ولكنه لم يُحسن إحكامه ، فلما توسط البحر خرجت الريح من الزق (أي فرغ من الهواء) فأشرف الرجل على الغرق فلما غشيه الموت استغاث برجل فقال له ذلك الرجل : يداك أوكتا وفوخ نفخ". فذهبت مثلا يُضرب لمن يجني على نفسه الحَين (أي الموت والهلاك) .
 
وهذه خلاصة قصة النظام بعد سنين من الوعود قديما وأشهُر من البحث عن الحلول حديثا ، لم تزد النظام إلا ضعفا وتخبطا . لقد ظهر النظام اليوم وهو يترنح سياسيا بغير اتجاه ، ومن الأدلة على ذلك استعداء جميع العرب ، وأنه لم يجد مخرجا من الأزمة إلا بإلقاء اللوم وتوزيع الاتهامات يمينا ويسارا على الدول العربية ، وهي حيلة العاجز الذي لا يستطيع أن يجد مخرجا مما هو فيه إلا بإلقاء اللوم على عدوه .
 
وإذا كان البسطاء من الناس يقبلون إلقاء اللوم على تركيا وقطر والسعودية . فإن الأمر اليوم مختلف فالعرب الذين اجتمعوا وأيدوا هذه القرارات هم من دول كانت تساند النظام كالجزائر والسودان وعمان وموريتانيا ، لكن النظام أوصل بسياساته هذه الدول إلى مرحلة اليأس منه ومن وعوده ورواياته فانتقلت إلى التصويت على القرارات الجديدة وفيها تجميد عضوية سورية في جامعة الدول العربية وفتح حوار مع المعارضة .
 
فكيف سيتم تسويق هذه المواقف ؟ تُرى هل سينقلب النظام على جميع العرب ؟ هذا ما يبدو من بعض التصريحات التي أطلقها بعض أفراده ونعوا فيها ما سموه "العمل العربي المشترك ." والسؤال الذي يأتي بعد ذلك هو : ماذا سيكون جواب النظام عندما تتخلى عنه الصين وروسيا ، وكيف سيكون وقع ذلك عليه ؟ وهو أمر ليس بمستبعد بعد اتفاق العرب على هذه القرارات .
 
نبارك لشعبنا تبني العرب لقضيته ونصرته لكفاحه ، فلقد قدم النظام هدية للشعب لا تقدر بثمن من خلال رده على مبادرة جامعة الدول العربية وإصراره على قضية الجماعات المسلحة ، ودفاعه عن حقه في صدها بقوة السلاح ، وهو أمر لم يعترف به العرب سواء صدقوه ضمنا وأقروا به سرا أم كذبوه علنا وأنكروه جهرا .
 
وسواء أقررنا نحن برفع السلاح أم أنكرنا فإن ذلك لن يقدم اليوم ولن يؤخر ، لأن التسلسل الزمني للأحداث يكشف أن دعوى وجود الجماعات المسلحة لم تنطلق إلا بعد بدء المظاهرات ، وبعد ما رآه الناس من القمع الوحشي للمظاهرات في درعا ودوما وغيرهما ، مع عدم قيام النظام بمحاسبة أي من المسؤولين عن ذلك القمع والقتل رغم الوعد بذلك . وهذا ربما هو الذي دفع بعض الناس إلى إقامة الحق وإيقاف الظلم أو الأخذ بالثأر بقوة السلاح - وهو إن صح خطأ كبير تنجر إليه ثورة الشعب لإسقاط النظام . ولكن يبدو جليا أن الإعلام العربي لا يبالي بذلك وكأنه يريد أن يكفر عن الصمت والسكوت والتبرير.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين