يحبهم ويحبونه – الإحسان في كل شيء

 

يقول الله تعالى [وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ] {البقرة:195}. فإظهار المحبة للمحسنين فيه تنبيه على شرف منزلتهم وفضيلة أفعالهم؛ لأن محبة الله غاية ما يطلبه العبد، وهي سبب الصلاح والخير له في الدنيا والآخرة.

وأمره سبحانه وتعالى بالإحسان في قوله: وَأَحْسِنُوا  يشمل جميع أنواع الإحسان، ويمكن أن يقسم إلى قسمين: إحسان مع الخالق، وإحسان مع المخلوق.

فالإحسان مع الخالق هو أعلى مراتب الإيمان وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم  بقوله: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، وهي التي يتذوق فيها العبد المؤمن حلاوة الإيمان.

وحين تصل النفس إلى هذه المرتبة ، فإنها تفعل الطاعات كلها ، وتنتهي عن المعاصي كلها ، وتراقب اللّه في الصغيرة والكبيرة ، وفي السر والعلن على السواء.

وأما الإحسان إلى المخلوقين، فهو إيصال النفع الديني والدنيوي لهم، ودفع الشر الديني والدنيوي عنهم، فيدخل فيه الإحسان بالمال، ويدخل فيه الإحسان بالجاه، بالشفاعات ونحو ذلك، ويدخل فيه الإحسان بالنصيحة والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتعليم الناس الخير، ويدخل فيه الإحسان للخلق بقضاء حوائجهم وتفريج كرباتهم وإزالة شداتهم، وعيادة مرضاهم، وتشييع جنائزهم، وإرشاد ضالهم، وإعانة من يعمل عملا والعمل لمن لا يحسن العمل ونحو ذلك، مما هو من الإحسان الذي أمر الله به، ويدخل في الإحسان أيضا، الإحسان في عبادة الله تعالى، وهو كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك "

ولا يقتصر الإحسان على مجال من مجالات الحياة، بل يشملها كلها، ليصل حتى إلى الإحسان للحيوانات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ » [رواه مسلم].

وإذا كان الناس بحاجة للإحسان في كل وقت، فنحن في ثورتنا المباركة أكثر حاجة إلى الإحسان، بكل أنواعه.

فنراقب الله تعالى في كل صغيرة وكبيرة، وفي كل قول وعمل ليكون رضاه قائدا لنا في كل عمل.

ونحسن إلى عباده، فمنهم المنكوب ومنهم المكلوم ومنهم الجريح ومنهم الجاهل ومنهم ومنهم...، ولا يضمد جراحاتهم ويخفف معاناتهم إلا من اتصف بالإحسان.

ومن اتصف بصفة الإحسان، كان من الذين قال الله فيهم: [لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيَادَةٌ] {يونس:26}  وكان الله معه يسدده ويرشده ويعينه على كل أموره.

ومن حب اللّه للإحسان وللمحسنين ، ينطلق حب الإحسان في قلوب أحبائه. وتنبثق الرغبة الدافعة في هذه القلوب فتجد من صفاتهم: [الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ] {آل عمران:134} 

اللهم اجعلنا من عبادك المحسنين يا أرحم الراحمين.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين